دخلت قناة السويس يوم إغلاقها الثاني بشكل كامل، وسط توقُّعات باستطالة فترة الإغلاق لأسابيع. يأتي ذلك فيما تُواجه عملية تعويم سفينة الحاويات الجانحة منذ الأربعاء الماضي، تعقيدات وصعوبات، بدأت تتسبّب بتراكُم الخسائر الاقتصادية التي تسري مخاوف من تعاظُمها في حال فشل طريقة التعويم الحالية
في حال إخفاق تعويم السفينة وتحريكها، ستضطر إدارة القناة إلى التعامل بطريقة مختلفة عبر تفريغ حمولة الوقود الموجودة فيها لتخفيف وزنها، وتفريغ بعض الحاويات الثقيلة التي تصل إلى أكثر من 20 ألف طن، في مهمة معقّدة، وخاصة أن موقع السفينة الحالي بعيد عن مناطق الخدمات، فضلاً عمّا يستلزمه ذلك من مجهود ووقت سيطيلان أمد إغلاق القناة التي يأمل القائمون عليها الإسراع في فتحها، بعدما تَكدّست السفن في الاتجاهين على أطرافها في انتظار استئناف الملاحة. والجدير ذكره، هنا، أن البديل من «السويس» (طريق رأس الرجاء الصالح) سيزيد مدّة الرحلات بواقع 15 يوماً.
ويبلغ طول السفينة 400 متر (علماً بأن عرض المجرى الملاحي هو 300 متر فقط)، وقد نُقل طاقمها إلى مكان آمن داخل مصر، فيما تُواصل الفرق المختصّة التعامُل مع الأزمة، مع تقدير بأن خطأً بشرياً محتملاً تسبّب فيها، وسط زيادة العاصفة عن المعدّلات الطبيعية ومحاولة قائد الناقلة تعديل المسار. وعلى رغم إعلان مستشار رئيس الجمهورية لشؤون «السويس»، الفريق مهاب مميش، أن الملاحة ستُستأنف خلال يومين أو ثلاثة اعتباراً من أول من أمس، إلا أن الشركات الكبرى لم تُعوّل على تلك التصريحات، وخاصة أنها تفتقر إلى رؤية علمية. وثمّة آراء تقول إن طريقة تعويم السفينة في المحيط تتنافى مقتضياتها والمياه الضحلة الموجودة في القنوات، الأمر الذي يعني أن احتمالات إخفاق التعويم بالطريقة الحالية تُعادل احتمالات النجاح.
قد لا يكون ممكناً تطبيق طريقة تعويم السفن في المحيطات على المياه الضحلة
في غضون ذلك، حَوّلت أربع ناقلات غاز طريقها من «السويس» إلى رأس الرجاء الصالح، وهي تحمل شحنات من الولايات المتحدة وقطر، فيما تنتظر ستّ شحنات على جانب القناة كانت قد وصلت خلال اليومين الماضيين مع سفينة أخرى كانت عالقة منذ بداية الحادث، ما يعني أن الحادث سيطاول 16 سفينة غاز طبيعي مسال في حال استمرار إغلاق القناة إلى نهاية الأسبوع. وتشير التقديرات الاقتصادية إلى أن الإغلاق اليومي للقناة يتسبّب في تعطيل تسعة مليارات دولار من البضائع، وسط مخاوف من أزمات أخرى نتيجة طبيعة البضائع التي يجري نقلها والنقص المتوقَّع فيها لمدّة تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة على الأقلّ، هي مدة استخدام الطريق البديل. كما أن هيئة القناة أفادت بأن أكثر من 200 سفينة تنتظر العبور على جانبَي القناة.
وسرت مخاوف أوروبية، على وجه التحديد، من طول الإغلاق الذي سيُعطّل مصانع وشركات كبرى خاصة في المملكة المتحدة، فضلاً عن تأخُّر السلع التي كان يُفترض أن تصل بالفعل في مواعيد محدّدة سلفاً. وعلى رغم عروض المساعدات التي تلقّتها «السويس» من الولايات المتحدة ودول أوروبية، ووصول وفود أجنبية تضمّ استشاريين متخصّصين في التعامُل مع هذا النوع من الحوادث، فإن جميع الحلول تدرس جيداً قبل اتخاذ القرار، وخاصة أن سيناريوات إخفاق التعويم للسفينة التي وصفتها الصحف العالمية بأنها «حوت ضخم على الشاطئ»، من بينها سيناريو مأسوي متمثل في انقلاب البضائع على سطحها، ما سيستلزم أسابيع لمعالجة الكارثة إذا وقعت.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)