تحقيق بشرى فوزي:
يفرض علينا المرض بحالاته المختلفة تناول الأدوية المتنوعة ولكن من المهم معرفة وإدراك حقيقة أنَّ الدواء ليس حبات سكاكر نتناولها في أي وقت نريد، حيث يعتبر التناول العشوائي للأدوية دون وصفة طبية من أخطر الأمور الشائعة والتي تؤثر سلباً على صحة الإنسان.
وهنا لابد من التساؤل عن الآثار الجانبية لتناول الأدوية العشوائي، وما هي مضاعفات تناول هذه الأدوية؟ ولماذا يلجأ بعض الناس إلى شراء الأدوية بطريقة عشوائية؟ هل هناك ضرورة لوصفة طبية لشراء الدواء؟ وهل لضيق الأحوال المادية علاقة بلجوء الناس إلى شراء عشوائي للأدوية؟
ضرورة العلاج تحت إشراف طبي
من خلال لقائنا مع عينات مختلفة قالت الأم سلاف إنها لا تذهب إلى الصيدلية إلا لأخذ المسكنات “السيتامول” فقط، فقد سبق وجربت بعض الأدوية من الصيدلية لأخذ العلاج المناسب دون حاجة للطبيب، ولكن كانت ردة الفعل سلبية وعكسية لديها حيث اضطرت لمراجعة الطبيب بعد فترة من شراء الدواء وتناوله دون استشارة، حيث لم تلق أي تحسن بل زادت فترة مرضها وعانت أكثر إلى إن شفيت.. لذلك باتت لا تلجأ إلى الصيدليات أبداً، وتتجه إلى الطبيب الاختصاصي فوراً، كما أنّها تتبع هذا النهج في علاج كل أفراد العائلة أيضاً.
قراءة النشرة المرافقة للدواء
أشتري الدواء من الصيدلية بدون وصفة طبية وذلك تبعاً لحالة المرض التي يشخصها الصيدلاني أو أشخصها بنفسي هكذا بدأت “رشا” حديثها فهي تعتبر أمراض الرشح والسعال الخفيف أمراضاً عابرة إذا لم تترافق مع ارتفاع بدرجة الحرارة، لذلك تعتمد على قراءة النشرة المرافقة للدواء ومعرفة الاستطبابات والآثار الجانبية للدواء حتى تكون على يقين بكل شيء حسب قولها.
الاختلاطات الدوائية
“أحمد” مريض قلب يقول: لا أشتري الدواء بدون مراجعة طبيبي الخاص فالاختلاطات واردة جداً لدي، بل أتوجه إلى عيادة طبيبي وأجري الفحص اللازم لحالتي حتى أحصل على العلاج المناسب وأكون بعيداً كل البعد عن مخاطر الاختلاطات الدوائية الشائعة جداً بسبب الإهمال من البعض.
التكاليف مرتفعة
“أم علاء” ترى في شراء الدواء بدون وصفة طبية أمراً عادياً وشائعاً جداً وخاصة حبوب الرشح والالتهابات التي توجد في جميع المنازل بكثرة ضمن (صيدلية المنزل)، التي تعتبرها ضرورية جداً لكونها تحتوي أدوية خفيفة كما وصفتها إضافةً إلى الكحول والقطن الذي يجب أن يتواجد في كل بيت مؤكدةً أنّها تعرف الكثير من الناس ممن يشعرون بألم معين كارتفاع درجة الحرارة وغير ذلك من أمراض الأنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي البسيطة يلجؤون لتناول الدواء بطريقة عشوائية، مضيفةً أنه باتت مراجعة عيادة الطبيب أمراً صعباً ومكلفاً حيث يمكن أن نتجاوز المرض بسهولة وبحبة دواء موجودة في متناول اليد، بينما نحتاج إلى مبلغ كبير نوعاً ما إذا راجعنا الطبيب لذلك لا ضير في تناول حبتي دواء حسب نوع المرض طبعاً واعتماد سياسة التوفير وخاصةً في ظل ارتفاع الأسعار غير المبرر.
التشخيص الخاطئ في وصف الأدوية
“سهام” أشارت إلى نقطة هامة وهي وجود بعض العاملين غير المختصين بالصيدلة يعملون ببعض الصيدليات وهذا الأمر قد يؤدي إلى وصف أدوية بطريقة خاطئة لمرضى اعتقدوا أنهم صيادلة، ودعت إلى ضرورة ضبط مثل هذه الحالات والتي هي ممنوعة بالأساس ويجب متابعتها.
صيدلانية تُشخص وتصف الدواء
فيما اعتبرت الصيدلانية مها أنّ بيع الأدوية حسب طلب الناس وبدون وصفة طبية هو مساعدة لهم في ظل ارتفاع أجور معاينة الأطباء وضيق حال الناس، على مبدأ (ضرب عصفورين بحجر واحد) فمن الصعب زيارة عيادة الطبيب لدى العديد من الناس، لتشخيص المرض ووصف الدواء المناسب لذلك فهي تصف الدواء للمرضى في بعض الحالات مؤكدة، أنها كما كل الصيادلة تمتلك خبرة في الأدوية وفعاليتها أكثر من بعض الأطباء.
وأضافت أنها تستفسر من المراجعين (المرضى)عن الأمراض المزمنة التي تسبب اختلاطات دوائية كالضغط والسكري والربو حيث تُراعى حالاتهم وتوصف لهم الأدوية بعناية فائقة حسب قولها، لافتة إلى أنّ هناك مسكنات للألم جرعتها السمية عالية وهامش الأمان ضيق جداً حيث يؤدي بعضها إلى سمية قلبية، منوهة أنّه راجع الصيدلية أكثر من حالة لمرضى اشتروا الدواء وتناولوه بدون وصفة طبيب وتعرضوا لآثار جانبية كبيرة.
كما أشارت الصيدلانية مها إلى عدد من الأدوية التي تسبب اختلاطات عند تناولها مع بعضها، مثل مميعات الدم مع مسكنات الألم، واقيات المعدة مع مميعات الدم،-أدوية الهرمونات مع الصادات الحيوية وغيرها الكثير من الأدوية التي لها تأثيرات جانبية كبيرة.
أَمّا بالنسبة للأطفال فهي تصف لهم أدوية (على الخفيف) حسب قولها مثل خافضات الحرارة ومسكنات الألم وأدوية الالتهاب بينما الحالات الصعبة كالإسهال الشديد فهي تقترح على الأهل مراجعة الطبيب الاختصاصي لوصف العلاج المناسب.
تزايد في أعداد (المتصيدلين)
وتحدثت الصيدلانية مها عن دور نقابة الصيادلة من الناحية النظرية فقط فهي في حالة غياب كامل عن ظاهرة (المتصيدلين) كما أسمتهم حيث باتت أعدادهم لا يستهان بها وهم يقومون بوصف الدواء حسب معرفتهم ورغبتهم ضاربين بعرض الحائط خطورة وصف الأدوية العشوائي، ومشوهين بوقت واحد سمعة الصيادلة، وطالبت نقابة الصيادلة بأخذ دورها ودعم الصيادلة وعدم الاكتفاء بجمع الضرائب وفرض المخالفات على الصيادلة.
الإدمان على بعض الأدوية
“خالد” صيدلاني يرى في وصف الأدوية أمراً بسيطاً حسب الحالة فهناك حالات لا تستدعي مراجعة طبيب، ويمكن (تمريقها) بحبة دواء (التهاب أو حبوب صداع) وغير ذلك من الأمراض الخفيفة البسيطة كما وصفها، مؤكداً أنّه يسأل المريض إذا كان يعاني من أمراض مزمنة أو خطيرة متجنباً بأسئلته حدوث اختلاطات لدى المريض مع أهمية الدقة وتوخي الحذر في وصف الأدوية، فربما تؤدي لعواقب لا تحمد عقباها، منوهاً إلى ضرورة الحذر جداً عند ارتياد المراهقين للصيدلية لشراء دواء وهنا يجب طلب الوصفة الطبية، فربما يكون المراهق اعتاد على نوع معين من الأدوية (إدمان) إلى حد ما، ويتوجب على الجميع معرفة الأدوية التي تسبب إدمان المراهقين وتنتشر بينهم كأدوية السعال وغير ذلك والابتعاد عن بيعها بكافة الطرق بدون وصفة طبيب.
ضرورة مراجعة الطبيب
وحول التأثيرات الخطيرة الخاصةً على الأطفال، بينت الدكتورة فاطمة عامر الاختصاصية بالأمراض العصبية عند الأطفال أنّ التناول العشوائي للأدوية خطأ فادح، وله نتائج سلبية وخطيرة جداً وخاصةً عند الأطفال حيث اعتبرت أنّ أكثر الأدوية أماناً (إن صح التعبير) كالسيتامول له تأثيرات سلبية ومضرة بصحة الأطفال فقد يؤدي تناول جرعة زائدة منه إلى فشل كلوي وأذية كبيرة في وظائف الكبد وغير ذلك.
كما أشارت عامر إلى ضرورة مراجعة الطبيب وأهمية الوعي الكبير لدى الأهل مؤكدة على ضرورة الاهتمام بالأمراض البسيطة والتي قد تؤدي إلى أمراض خطيرة على الكبار والصغار معاً، مبينة أنّه ليس كل ارتفاع للحرارة هو التهاب، فقد يكون رشحا بسيطا ترافقه الحرارة، وفي هذه الحالة يتجه بعض الأهل إلى إعطاء جرعة لا يستهان بها من أدوية الالتهاب التي تؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
ونوهت إلى أهمية وضرورة مراجعة عيادة الطبيب وذلك لعدم الوقوع في أخطاء كبيرة مثل التداخلات الدوائية وما ينتج عنها.
1500 صنف دوائي يُستخدم عشوائياً
بدورها اختصاصية الجراحة الهضمية في مشفى دمشق الدكتورة فدوى علي أكدت وجود دراسات عالمية تلحظ استخدام أصناف دوائية بشكل عشوائي عالمياً يصل عددها إلى ما يقارب /١٥٠٠/ صنف، مبينة أنّ أكثر من /٨٠٠/ صنف دوائي يُشاع استخدامها بشكل ملحوظ جداً أكثر من غيرها، وهي تسبب تأثيرات جانبية وتداخلات دوائية كبيرة.
وأضافت علي أنّ منظمة الصحة العالمية أكدت أن أكثر من /٧٠٠/ ألف شخص يموتون سنوياً بسبب مقاومة أجسامهم للصادات الحيوية والتي يعتبر التناول العشوائي للأدوية أحد أبرز أسبابها حيث يلجأ الناس إلى شراء الأدوية وكأنها مواد غذائية عند شعورهم بأي ألم. وتأتي أدوية الالتهاب في مقدمتها.
التناول العشوائي لأدوية الرشح
وتابعت علي: الأكثر شيوعاً أمراض الرشح والاحتقان والبلعوم ومتى شعر الشخص بألم يذهب إلى الصيدلية ويشتري الدواء الذي يريده وفي ذلك خطر على صحته وحياته، مضيفة أنّ هناك مرضى لا يعلمون بخطورة التناول العشوائي للدواء مثل مرضى السكري والضغط حيث تؤدي أدوية الشحوم لهؤلاء المرضى إلى ارتفاع في خمائر الكبد في الوقت الذي لا يشعرون بأنّ لديهم أية مشكلة في الكبد وهذا على سبيل المثال فقط، وأضافت: كما تؤدي أدوية الاحتقان إلى ارتفاع في ضغط الدم بسبب احتوائها على مقبضات للأوعية وهنا يحدث التداخل الدوائي الذي لا تُحمدُ عقباه حسب وصفها، وأمّا المسكنات كالبروفين والفولتارين ويكلوفيناك وغيرها والتي تندرج تحت اسم (انسل) لها سميّة كلوية ومعدية شديدة، إضافةً لإحداثها قرحة ونزيف بالمعدة وذلك في حال استخدامها بشكل عشوائي غير منظم من قبل شخص لديه مشكلة في الكلية فإنّ استخدام إحدى الأنواع السابقة يزيد المرض ويفاقمه.
خطر التأثيرات الجانبية
وأشارت الدكتورة علي إلى أنّ التناول العشوائي للأدوية يزيد من التأثيرات الجانبية خاصة للمرضى الذين يتناولون أدوية بشكل مسبق، وربما يقلل من فعالية أدويتهم الأساسية مؤكدة أنّه من الخطورة تناول أنواع معينة من الأدوية مع أدوية أخرى، لأنّ امتصاص الدواء للنوعين يكون في وقت واحد، وهنا يمنع الدواء الأول امتصاص الدواء الثاني الذي أخذه المريض دون استشارة طبية، وأضافت بأنه يوجد صيدليات تبيع أدوية نفسية بدون وصفة طبية مثل أدوية الاكتئاب، وهذا غاية في الخطورة من عدة جهات فهو على أقل تقدير يسبب الخرف المبكر إضافة لأمراض أخرى.
سلوك شائع وخطير
وبخصوص ما هو شائع من تناول الرجال للأسبرين فوق سن الأربعين عاماً والنساء لحبوب الكلس أيضاً في نفس السن أكدت الدكتورة علي أنّ هذه الأمور شائعة جداً وخطيرة فالاسبرين يسبب نزيفاً في المعدة على الأقل ويُسرع بظهور أمراض أخرى حسب رأيها.
زمن الكورونا
وأشارت إلى أنّه في زمن انتشار فيروس كورونا ازدادت نسبة الشراء العشوائي للأدوية مؤكدة أنّ أعراض فيروس كورونا تتشابه مع أعراض أمراض أخرى فقد تأتي على شكل أعراض هضمية أو صدرية، وغير ذلك ولهذا يفضّل مراجعة الطبيب الاختصاصي للتشخيص المناسب للمرض.
وفيما يخص الأسباب التي تدفع الناس إلى التناول العشوائي للأدوية بينت علي أن السبب الأول يعود إلى تراجع مستويات الدخل وارتفاع أجور الأطباء (المعاينة)، مؤكدة على أهمية معالجة السبب قبل النتيجة وضرورة تكاتف جهود كل المؤسسات للحد من هذه الظاهرة الخطيرة والتي باتت تنتشر (على عينك يا تاجر).
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة