لا يزال العدوان الإسرائيلي على إيران في بدايته، وفي حين أنّ الضربات المتبادلة بين الطرفين تشهد تصاعداً سريعاً، إلا أنه يمكن أخذ فكرة، ولو صغيرة، عن تداعيات وأكلاف هذه المواجهة، مادّياً واقتصادياً، على الطرف المهاجم، أي إسرائيل.
لكنّ الكلفة الأبرز هي في الجانب العسكري، وهي الأوضح لأنّ معالمَها تظهر عبر الأعمال الهجومية والدفاعية التي يقوم بها جيش الاحتلال.
في حين أنّ الكلفة المادّية لا تزال غير واضحة، إذ إنها بطبيعة الحال تحتاج إلى وقت من أجل مسح الأضرار المتزايدة يومياً.
وأخيراً هناك الكلفة الاقتصادية التي ما يزال الوقت مبكر للحديث عنها، إلا أنّ التقديرات الأولية تشير إلى خسارة نحو 0.7% من النمو المتوقّع للاقتصاد الإسرائلي لسنة 2025.
في حصيلة أولية لم تشمل كلفة الأضرار في البنى التحتية الإسرائيلية جرّاء الردّ الإيراني على الهجمات التي بدأت بها إسرائيل فجر الجمعة الفائتة، تكبّد الاقتصاد الإسرائيلي خلال اليومين الماضيين ما يزيد عن 1.5 مليار دولار، موزّعة بالتساوي بين العمليات الهجومية والدفاعية، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت.
وقد أوضح العميد احتياط ريم أميناخ، المستشار المالي السابق لرئيس أركان الجيش، أنّ النفقات العسكرية المباشرة تبلغ نحو 2.75 مليار شيكل يومياً، وأنّ تكاليف اليومين الأوّلين من المواجهة وصلت إلى 5.5 مليار شيكل، بما فيها 2.25 مليار شيكل للضربة الإسرائيلية الأولى على إيران لتغطية ساعات الطيران والذخائر، والباقي مخصّص لاعتراض الصواريخ وتعبئة الاحتياط. ومع الوصول لليوم الخامس من التصعيد، وافتراض أنّ الكلفة اليومية لا تزال نفسها المذكورة، يمكن احتساب أنّ الكلفة الإجمالية حتى الآن بلغت نحو 13.5 مليار شيكل (نحو 4 مليارات دولار).
النفقات العسكرية المباشرة تبلغ نحو 2.75 مليار شيكل يومياً، وأكبر شركة لتوزيع الوقود توقف قسماً من خدماتها
ومن الطبيعي أن تنعكس هذه الكلفة بشكل أساسي على وضع المالية العامة في إسرائيل، إذ كانت وزارة المالية الإسرائيلية قد حدّدت في وقت سابق سقف عجز نسبته 4.9% من الناتج المحلّي الإجمالي للسنة المالية الحالية، أي ما يعادل نحو 105 مليار شيكل، بينما استنفدت غالبية الاحتياطي المخصص للطوارئ أثناء المواجهات السابقة في غزة هذه السنة، ما يعني أنّ هذا السقف لا يشمل أي تمويل إضافي للمواجهة مع إيران.
وأدّت هذه التطوّرات إلى خفض توقّعات النمو لعام 2025 من 4.3% إلى 3.6%، علماً أنّ التوقّعات كانت متفائلة نتيجة افتراض تراجع استدعاءات احتياط الجيش بعد الفصل الثالث من السنة، وهو افتراض بات مستبعداً مع استمرار العمليات العسكرية، بحسب يديعوت أحرونوت.
أما الآن ومع توقّعات استدعاء المزيد من جنود الاحتياط، وبالتالي توقّف جزء كبير من العمّال في الاقتصاد الإسرائيلي عن العمل، تراجعت التوقّعات بالنمو. الجدير بالذكر أنّ هذه التقديرات لا تأخذ في الاعتبار الضرر الاقتصادي الناتج من الإقفالات المحتملة، بسبب الصواريخ، والتغيّر في السلوك الاستهلاكي للمستوطنين.
وفيما صرف صندوق التعويضات التابع لسلطة الضرائب 2.4 مليار شيكل لتغطية الأضرار المدنيّة من يناير حتى مايو 2025، بلغت السحوبات الصافية منه 3 مليارات شيكل، ويتوقّع المسؤولون الحاجة إلى تمويل إضافي مع تزايد الأضرار المبلّغ عنها في مواقع متعدّدة، بحسب وزارة المالية الإسرائيلية.
ومن الأكلاف الإضافية المترتّبة على الدولة، التعويضات الفردية التي تعهّدت الدولة أن تعطيها لكل شخص اضطر إلى إخلاء منزله، والتي تساوي نحو 7000 شيكل، ما يوازي نحو 2000 دولار، بحسب معاريف.
ولا تقتصر الخسائر على التكاليف العسكرية والمالية فحسب، بل امتدّت لتطال الأضرار المادّية المباشرة في الممتلكات والبنية التحتيّة. مع وصول عدد الطلبات إلى نحو 18,000 للتعويض عن أضرار الصواريخ والشظايا. وتوجّه الطلبات إلى هيئة ضريبة الأملاك منذ اندلاع المواجهة، بحسب صحيفة معاريف.
وتتوقّع وزارة المالية الإسرائلية أن تبلغ كلفة هذه الأضرار مئات ملايين الشيكلات وقد تبلغ المليارات إذا احتاجت الكثير من المباني المتضرّرة للهدم وإعادة الإعمار.
يحذّر إيران سيب، رئيس جمعية مقاولي الترميم في إسرائيل، في تصريح لصحيفة معاريف، من عواقب مزدوجة: تشريد آلاف العائلات من منازلها، وإلحاق الضرر بالاقتصاد ككل.
فإذا لم تُعالج الأضرار بشكل عاجل، لن يُؤثّر الضرر على جودة حياة المتضرّرين فقط، بل سيُحجم المشترون عن شراء الشقق المتضرّرة، وستنهار الأسعار، وستتراجع قيم العقارات. وهذه بحسب قوله «خسارة فادحة، ليس فقط للعائلات نفسها، بل للخزينة العامة وسوق العقارات ككل أيضاً».
وألحقت هجمات الردّ الإيراني دماراً غير مسبوق بمواقع متعدّدة، شملت خطوط أنابيب النفط في خليج حيفا ما أدّى إلى إغلاق بعض المنشآت وإصابة شبكة النقل البحري بموجة اضطرابات.
من جهة ثانية ذكر موقع «كالكاليست» الاسرائيلي المتخصّص في الشؤون الاقتصادية والمالية، انّ شركة «سونول» إحدى أكبر شركات توزيع الوقود في كيان العدو، توجّهت إلى عملائها التجاريين، وذلك في أعقاب الضرر الذي لحق بشركة «بازان» بسبب القصف الإيراني والذي أدّى إلى تعطيل منشآت مصفاة النفط في حيفا.
وأعلنت الشركة: «في ظل هذا الوضع، وبسبب هذه الظروف الخارجة عن إرادتنا، نضطر لإبلاغكم بأننا سنقوم بتقليص أو إيقاف تزويد الوقود لعملائنا».
وقال الموقع في تقرير له انّ مصفاة حيفا هي المصدر الوحيد للوقود لشركة «سونول»، في أعقاب الهجوم الصاروخي من إيران، وتم إغلاق مرافق الشركة بالكامل وقتل ثلاثة موظفين كانوا في المنشأة، علما أنّ شركة بازان مسؤولة عن إنتاج 60% من وقود الديزل للنقل في «إسرائيل»، ونحو نصف البنزين للنقل في البلاد.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-الأخبار