هبا علي أحمد:
بانتظار الانطلاقة الحقيقية للاستثمارات المُرتقبة خلال المرحلة المقبلة -استناداً إلى جملة من المعطيات- تتوضح هوية الاقتصاد السوري وملامحه بصورة أكبر تأسيساً لما هو قادم ومستقبلي، إلّا أنه ليكتمل المسار نحو خواتيم مُجدية لابدّ من وضع رؤية على مدى ثلاث سنوات وخمس سنوات للوضع الاقتصادي في سوريا، وما يجب أن نصل إليه، على أن تضم برامج ومشاريع في مختلف الصعد، ولاسيما أن جميع الاستثمارات مربحة وقادرة على الاستمرار والتطور، والفرص الربحية كبيرة والريعية الاقتصادية كبيرة جداً.
وفي السياق تُطرح أسئلة حول تقييم التجربة الاقتصادية في سوريا وكيف يمكن توصيف المرحلة بعد مرور 6 أشهر، وأي مستقبل ينتظر الاقتصاد السوري؟
Contents
الحرّية- هبا علي أحمد:
– لملمة جراح
– رؤية ثلاثية وخماسية
– وضوح هوية الاقتصاد
– فرص ربحية كبيرة
– لا بدّ من وضع رؤية على مدى ثلاث سنوات وخمس سنوات للوضع الاقتصادي في سوريا وما يجب أن نصل إليه
– لملمة جراح
وبناء عليه يمكن وصف الأشهر الستة السابقة بأنها لملمة لجراح كبيرة جداً في الاقتصاد السوري على مستوى الناتج المحلي ومعدلات النمو التي كانت متدهورة بشكل كبير، فالمرحلة السابقة كانت مرحلة تحليل الوضع الراهن، ومحاولة توصيف من الناحية الاقتصادية والصناعية والزراعية والتجارية والخدمية، وفقاً للخبير الاقتصادي الدكتور عامر خربوطلي، وصولاً إلى وضوح الرؤية، إذ تمّ اعتماد اقتصاد السوق الحر التنافسي مع وجود منظومة أمان اجتماعي مقبولة وهذا الوضع يُبنى عليه، بمعنى يُبنى على الشيء مقتضاه.
– جميع الاستثمارات مربحة وقادرة على الاستمرار والتطور والفرص الربحية كبيرة والريعية الاقتصادية كبيرة جداً
ويتوقع خربوطلي في تصريح لصحيفة «الحرّية» أنه بعد عتبة الـ6 أشهر ستكون هناك انطلاقة حقيقية للاستثمارات بعد مرحلة الغموض التي كانت تكتنف سوريا خلال الفترات الماضية، فاليوم أصبح كل مستثمر يقيّم الحالة الاستثمارية ولديه أجندة لمشاريع تتميز بريعية كبيرة في سوريا، لأن سوريا في المرحلة السابقة كانت بحالة صمت استثماري، ولم يكن لها أي قدرة على إقامة مشاريع جديدة.
– رؤية ثلاثية وخماسية
ويتضح من المعالم الراهنة أن المرحلة اليوم هي مرحلة استعداد لما هو قادم ومستقبلي بما يخدم الاستثمار ولاسيما بعد أن توّجت برفع العقوبات التي أعاقت بشكل كبير الاستثمار ودخول الاستثمارات ورؤوس الأموال العربية والأجنبية، لكن لا بدّ من وضع رؤية على مدى ثلاث سنوات وخمس سنوات للوضع الاقتصادي في سوريا وما يجب أن نصل إليه، على أن تضم برامج ومشاريع ورؤى واضحة وخططاً واستراتيجيات وهذا الموضوع مهم بما يتعلق تحريك السياسات الاقتصادية، وفقاً لخربوطلي.
– جملة القوانين التي ستصدر وتعدل من مسار العمل الاقتصادي ستؤدي إلى مرحلة جديدة تتناسب مع إمكانات وطاقات الاقتصاد السوري
ومن الناحية الصناعية هناك حاجة -أو حتى على المستوى الاستثماري بشكل عام وليس الصناعة فقط- لوضع خريطة استثمارية للجغرافيا السورية لتكون الأمور واضحة للمستثمر القادم من الخارج، أين مكامن القوة؟ أين الموارد؟ أين الموارد المادية والبشرية والأماكن التي يمكن أن تكون أكثر اقتصادية وأكثر ريعية وتفيد السوري؟
وبالتالي المطلوب عودة الناتج المحلي السوري إلى ما لا يقل عن 200 مليار دولار، ولاسيما أنّ الناتج المحلي اليوم ضعيف جداً وبحاجة لمعدلات نمو كبيرة، فالنهوض الاقتصادي وارد جداً وبسرعة بعكس توقعات الكثير من الخبراء بأن النهوض يحتاج لوقت طويل، لكن بالعادة يكون النهوض سريعاً والتراجع بطيئاً.
– وضوح هوية الاقتصاد
لا توجد ضبابية تكتنف الاقتصاد السوري، فملامح ونهج الاقتصاد السوري بات واضحاً إضافة إلى الاندماج مع الاقتصاد العالمي ودعم الاستثمار ودعم الإنتاج، من هنا فإعلان اقتصاد السوق الحر التنافسي سريعاً يُعتبر انجازاً لأن هوية الاقتصاد السوري أصبحت واضحة، والوضوح جاء من الإعلان والقوانين أو الإجراءات والقرارات التي صدرت من الحكومات الحكومة الانتقالية والحكومة الحالية، إضافة إلى تسريع العمل الاقتصادي، إن كان على مستوى الداخلي أو الخارجي، كما يرى الخبير الاقتصادي، من ناحية التعرفة الجمركية والصناعة والزراعة وهذه جميعها ستؤدي إلى عملية اقتصادية جيدة.
وتاريخياً في مرحلة ما بعد الاستقلال إلى أكثر من عقد من السنوات اعتمدت سوريا اقتصاد السوق الحر وأدى ذلك إلى إنجازات هائلة جداً من مشروعات كبرى وشركات مساهمة صناعية خدمية تجارية ووصول معدلات النمو الاقتصادي إلى 10% وهو من أعلى المعدلات في حينها على مستوى حتى سوريا.
وبالتالي كما يوضح خربوطلي، ما هو مطلوب اليوم تعزيز تلك الملامح باتجاه واضح بالنسبة للسوريين، بمعنى أن لا تكون الاستثمارات عقارية بمكان وسياحية بمكان، لكن أن تكون حزمة من الاستثمارات تتناول جميع القطاعات الإنتاجية وغير الإنتاجية، كما إن التجربة ما زالت في طورها الأول، مرحلة مخاض، لكن المخاض على ما يبدو كان ناجحاً، وسوريا الجديدة التي ولدت هي مختلفة عن الماضي، ففي الماضي (ما بعد الاستقلال) كانت المبادرة الفردية والاقتصاد الحر هو المسيطر على المجتمع السوري وهو يرغب بالمبادرة الفردية، ولا يُحبذ الحالة الاشتراكية التي أدت بالنهاية إلى هروب الكثير من رؤوس الأموال بفترات الستينيات وأصبحت بعيدة نتيجة هذا التطبيق المركزي الشمولي في هذا الموضوع.
– فرص ربحية كبيرة
كل ما سبق يعني إذا استطاع الاقتصاد السوري خلال فترة ستة الأشهر القادمة أي بعد مرور سنة، البناء على ما تم إنجازه في المرحلة الأولى، يُمكن القول إنه يُقلع بشكل قوي جداً، ويؤدي إلى معدلات نمو جيدة وإلى مضاعفة الاستثمار، وبالتالي وفقاً للدكتور خربوطلي، ينعكس ذلك على الناتج المحلي الفردي أي على مستوى الدخل الفردي، من خلال التشغيل والعمالة والاستفادة من الموارد المادية والبشرية المتاحة بشراكات عالمية ودولية وعربية وبعقود جديدة في استثمار البنية التحتية وحتى المشاريع الاستخراجية والصناعية، ولاسيما أن الاقتصاد السوري يحتاج إلى كل شيء.
ونظراً إلى أن سوريا في مرحلة البناء والنهوض وإعادة الإعمار، فجميع الاستثمارات مربحة وقادرة على الاستمرار والتطور، والفرص الربحية كبيرة والريعية الاقتصادية كبيرة جداً، كما أن الموقع الجغرافي والعلاقات بين سوريا وبين العديد من الدول -إن كانت الإقليمية أو الدولية والاتفاقيات والشراكات والإعفاءات الضريبية وحتى الإعفاءات الجمركية- مهمة جداً لبناء اقتصاد يعتمد المرور الانسيابي للمبادرة الحرة وتدعيم القطاعات الإنتاجية مع رفع سوية القاعدة والقطاعات الخدمية من تجارة وتقانة واتصالات ومواصلات وشحن ونقل وترانزيت، التي تُشكّل جميعها روافع للاقتصاد السوري، كما لفت خربوطلي.
يُضاف إليها المكون البشري الذي يستطيع حمل هذه الإنجازات أو هذه الاستثمارات من دون الحاجة إلى الاستعانة بخبرات خارجية كما تقوم بذلك دول أخرى، إذ نلاحظ أن أغلب الموارد هي من خارج بلدانها.
بالمحصلة، صحيح أن سوريا تمتلك خزاناً بشرياً جيداً يحتاج إلى بعض التأهيل، لكنه رافعة من روافع الاقتصاد السوري، كما أن جملة القوانين التي ستصدر وتعدل من مسار العمل الاقتصادي بسوريا -بعد تشكيل مجلس شعب وإصدار القوانين الجديدة المعدلة للقوانين السابقة- ستؤدي أيضاً إلى مرحلة تطور جديدة تتناسب وإمكانات وطاقات الاقتصاد السوري، سواء الزراعية أو الصناعية أو الخدمية والقائمة تطول.
أخبار سوريا الوطن١-الحرية