آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » صناعة العدو..

صناعة العدو..

 

 

مالك صقور

 

حين جثمت بريطانيا العظمى على الأراضي الأميركية ثلاثة قرون محتلة مستعمرِة ، ورزح الأمريكان تحت نير الأستعمار البريطاني أحس الأمريكان بالذل والهوان ، وحين طالب الأمريكان بالاستقلال ، طار صواب البريطانيين . وهبط طلب الاستقلال على رؤوسهم كالصاعقة المفاجئة .والذين يعرفون تاريخ استعمار بريطانيا لإمريكا يتذكرون رسالة جيفرسون إلى مونرو عام 1816 ؛ عبّر جيفرسون في هذه الرسالة عن سخطه ، وعن استحالة العيش تحت نير الإنكليز والإمريكان يتجرعون كؤوس الذل والمهانة على يد البريطانيين ، وكتب فيما كتب : ” بريطانيا عدو الجنس البشري بأجمعه ، وليس لإمريكا وحدها .”

كما يذكر من يعرف تاريخ بريطانيا وأمريكا ، ما كتبه جون آدمز : إن بريطانيا تعلّم ابناءها احتقارنا وإهانتنا والإساءة إلينا ، ولن تصبح صديقة لنا ، حتى نصبح نحن سادتها “. ( ومن يراقب العلاقة بين الحكومتين البريطانية والإمريكية بعد

الحرب العالمية الثانية يدرك ما ذُكر أعلاه ) .

 

نالت الولايات المتحدة الأمريكية استقلالها عام 1776 ؛ لكن استمرت الحرب بين أمريكا و بريطانيا خمسة أعوام وانتهت بانتصار أمريكا في عام 1783 . ( وهنا يجب القول وفق المثل : أجارنا الله من حكم المحكوم ). وتجددت الحرب بينهما عام 1812 . ولن ينسى الأمريكان حتى اليوم كيف حرق البريطانيون البيت الأبيض في 24آب 1814 . وانتهت هذه الحرب عم 1815 .ومنذ ذاك التاريخ بدأت أمريكا بالتوسع والعدوان .

عندما نشبت الحرب العالمية الأولى عام 1914 ، لم تشارك أمريكا فيها ، بقيت على الحياد ، تنتظر من سينتصر في هذه الحرب ، وبعد ثلاث سنين شاركت إلى جانب فرنسا وبريطانيا . كذلك فعلت في الحرب العالمية الثانية ولم تتدخل مباشرة ..إلاّ بعد أكثر من سنتين عندما هاجمت اليابان الأسطول الأمريكي في المحيط الهادئ ، فاضطرت الولايات المتحدة دخول الحرب ، وفي نهايتها ألقت أمريكا القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما . في 6 آب 1945 . وبعد ثلاثة أيام ألقت قنبلة أخرى على مدينة ناغازاكي .فسحقت المدينتين ..البشر والشجر والحجر. مما لطخ تاريخ أمريكا بالعار . يقول مؤرخو الحروب ومنهم الأمريكان : خاضت الولايات المتحدة الإمريكية أكثر من 200 حرب . اتصفت تلك الحروب بالعدوانية ، وسفك الدماء .

 

اتبعت الولايات المتحدة سياسة ( التأبلس ) ، أي تؤبلس من تريد أن تعتدي عليه ، بمعنى آخر تتهم من تشاء وتشن عدوانها وتغزو البلدان الضعيفة . مثلاً، فجرّت-كما قال الكثيرون-برجي مركز التجارة العالمي في الحادي عشر من أيلول 2001 واتهمت ابن لادن ، وغزت إفغانستان ..وكذلك أبلست العراق واتهمته بامتلاك أسلحة نووية ، فغزته وذبحتة من الوريد إلى الوريد .

بعد تفكك الإتحاد السوفييتي أُطلق مصطلح العولمة ، والنظام العالمي الجديد . وبالمناسبة ، يقول د . وديع بشور في كتابه ( مملكة الشيطان – المؤامرة مستمرة ) ، إن الولايات المتحدة الأمريكية وحدها دفعت 600 مليار دولار من أجل تفكيك الإتحاد السوفييتي ، وأصبحت القطب الواحد الوحيد الذي يتحكم بمصير الشعوب .

وفي 3 شباط عام 1991 أعلنت إذاعة لندن : ” لقد كان أمام الغرب عدوان اثنان : الشيوعية و الإسلام . وقد انهارت الشيوعية دون أن يقدم الغرب خسائر تذكر ، ويجتمع اليوم كل من الغرب والشرق في خنادق الكاثوليك و الأرثوذكسية لمجابهة العدو المتبقي الواحد ” . وحتى هذه الساعة ، لم يفهم المسلمون أن القضاء عليهم كان من الداخل ، وحتى هذه الساعة ، تبقى الولايات المتحدة الأمريكية هي الآمر الناهي على كوكب الأرض ، مع أن الكثيرين من المحللين والمفكرين والمؤرخين يقولون : إن العالم القديم يموت ..لكن العالم الجديد لم يولد بعد .ومازال فقراء العالم وأحراره ينتظرون ولادة العالم الجديد متعدد الأقطاب .

 

(موقع اخبار سوريا الوطن-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بين وجع السوريين وصمت الأمم… “كوردوني”يدخل الساحة ومعه ملامح تحوّل خفي

  د. سلمان ريا   في خطوة لافتة تحمل أكثر مما تعلنه بيانات الأمم المتحدة التقليدية، عيّن الأمين العام أنطونيو غوتيريش الإيطالي كلاوديو كوردوني نائبًا ...