آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » آذربيجان تستثمر في العدوان: لافتتاح ممرّ «زينغيزور» الآن

آذربيجان تستثمر في العدوان: لافتتاح ممرّ «زينغيزور» الآن

 

محمد نور الدين

لا ينُظر إلى إيران، من آذربيجان، إلّا على أنها الدولة التي ضعفت من جرّاء العدوان الإسرائيلي – الأميركي عليها، والذي يبدو أنّ باكو كانت واحدة من العواصم الأكثر ابتهاجاً به، وإنْ تمكّنت طهران من إفشال الأهداف الكبرى للمعركة ضدّها. ومنذ استقلال آذربيجان، في أعقاب تفكُّك الاتحاد السوفياتي، والعلاقات بينها وبين إيران في توتّر مستمرّ، وهو ما يمكن عزوه إلى الاصطفاف السياسي للسلطة في باكو، ووضع الولايات المتحدة وإسرائيل يديهما عليها لهدف رئيس، هو تطويق الجمهورية الإسلامية من الشمال، وإضعاف النفوذ الروسي في القوقاز الجنوبي. وينسحب ذلك أيضاً، على السلطة السياسية في جورجيا، والتي تشكّل إلى جانب آذربيجان وتركيا، ثالوثاً في مجمل منطقة القوقاز، في مواجهة إيران وروسيا اللتين لم تجدَا بُدّاً من دعم جمهورية أرمينيا في مواجهة خصومها.

 

غير أنّ تولّي نيكول باشينيان السلطة في أرمينيا، عام 2018، قلب التوازنات في القوقاز رأساً على عقب، بعدما اتّبع الرجل سياسات معادية لروسيا، مخالفاً بذلك السياسة التقليدية ليريفان. ولم يكن لهذا التحوّل أن يمرّ في روسيا مرور الكرام؛ فعند أول امتحان أرميني، كانت موسكو تردّ الصاع صاعين لباشينيان. وهكذا، مع اندلاع حرب الـ44 يوماً، في الـ27 من أيلول 2020، بين آذربيجان وأرمينيا، لم تكن روسيا في وارد الدفاع عن نظام معادٍ لها في يريفان، وهو ما شكّل واحداً من أسباب خسارة أرمينيا الحرب، وفرض شروطٍ مذلّة عليها لوقفها.

 

وكانت النتيجة خسارة نصف إقليم قره باغ (ومن ثمّ كلّها عام 2023)، وكل الأراضي التي سيطرت عليها أرمينيا بعد تفكّك الاتحاد السوفياتي. وفي حينه، جرى توقيع اتفاق التاسع من تشرين الثاني 2020، والذي قضى، في واحد من أهمّ بنوده، بفتح ممرّ برّي من سكّة حديد وطريق إسفلت يبدأ من مقاطعة نخجوان الآذربيجانية على حدود تركيا، وينتهي في أراضي آذربيجان، ويمرّ عبر أراضي أرمينيا في محاذاة الحدود مع إيران.

 

وإذا كان من غير الواضح تماماً لِمن تكون الإمرة على الممرّ، فإنّ اتفاق وقف إطلاق النار منح روسيا مهمّة حفظ الأمن على طول الممرّ، الذي تقول آذربيجان إنّ السيطرة عليه يجب أن تكون لها، كونه يصل بين أراضي تابعة لسيادتها، علماً أنه لن يكون لأرمينيا أيّ سلطة عليه، رغم أنه يمرّ عبر أراضيها، وعبر مقاطعة سيونيك بالتحديد. لكن، مع مرور الوقت، أدركت أرمينيا أنها وقعت في خطأ إستراتيجي بالموافقة على شق ممرّ «زينغيزور» الذي ينتقص من سيادتها على أراضيها. ومع معارضة إيران شقّ الممرّ الذي يفصل بريّاً بينها وأرمينيا، فقد راوغت الأخيرة في ذلك، متذرّعة بحقّها الكامل في السيادة على تلك المنطقة.

 

ومع أنّ باشينيان كان يريد السلام مع آذربيجان للتخلُّص نهائيّاً من المسألة الأرمينية، والصراع مع باكو وأنقرة، لكن تَخَلِّي روسيا عنه، وتشدُّد تركيا وآذربيجان، جعلَا الأخيرتَين تفرضان شروط سلام مذلّة على يريفان، وفي مقدّمها ترسيم الحدود وفقاً لما تريدانه، وتوقيع اتفاق سلام نهائي يتضمّن التخلّي في النصوص الدستورية والقانونية الأرمينية، عن كل ما يمتّ بصلة إلى قره باغ وأرمينيا الكبرى، وعن تهمة الإبادة الموجّهة إلى تركيا (عام 1915)، وأيضاً فتح ممرّ «زينغيزور» بين نخجوان وآذربيجان.

 

ولا شكّ في أنّ فتح الممرّ يلحق أذى كبيراً بمكانة إيران، وهو الذي مثّل سبباً إضافيّاً للتوتّر مع آذربيجان، التي كانت علاقاتها مع إسرائيل، منذ عام 1990، أهمّ سبب للشرخ في العلاقات بينها وطهران، خصوصاً أنّ باكو كانت من العواصم المساندة لإسرائيل، ولا سيّما على صعيد تصدير النفط عبر تركيا، بعدما كان للمسيّرات الإسرائيلية ونظيرتها التركية، دور مهمّ في حرب الـ44 يوماً.

 

ومع بدء العدوان الإسرائيلي – الأميركي على إيران، تصرّف الإعلام الآذربيجاني على أساس أنّ المعركة تكاد تكون محسومة لمصلحة تل أبيب، وأنّ طهران ستخرج منها ضعيفة، وهو ما سيصبّ في مصلحة باكو؛ حتى أنّ الصحافي حسين بال سليموف، قال: «(إنّنا) نتفهّم موقف إسرائيل، فهي تضرب المنشآت النووية الإيرانية لأن الإيرانيين أعلنوا سابقاً أنّ هدف السلاح النووي هو إسرائيل».

 

أمّا الصحافي رؤوف عارف أوغلو، فاعتبر أنّ «العامل الروسي تراجع والتأثير الإيراني يختفي. وسيكون للقوّة الآذربيجانية والتركية الرأي الأخير في ما يجري في القوقاز الجنوبي»، متوقّعاً أنّ إيران «ستضعف وتُقسَّم، وتصبح أرمينيا تحت رحمة آذربيجان وتركيا، وقد لا يبقى لها وجود وتصبح هي كلّها ممرّ زينغيزور!».

 

كذلك، توقّعت الصحافة الآذربيجانية أن يكون تنفيذ الشقّ المتعلّق بممرّ «زينغيزور»، أبرز نتائج الحرب الإسرائيلية – الإيرانية؛ إذ ووفقاً لصحيفة ديني مساوات» الآذربيجانية، إنّ الخوف يسيطر على أرمينيا من إمكانية شقّ الممرّ. ورأت أنّ «إيران التي عملت بنشاط لمنع تنفيذه، تفقد الآن فرصة التأثير على مجريات الأحداث، وقدرتها على الصمود في مواجهة ضغوط آذربيجان وتركيا تضعف بشكل كبير».

 

اعتبرت الصحيفة أيضاً، أنّ «التأثير الروسي في المنطقة يتراجع نتيجة انشغال موسكو بالحرب في أوكرانيا، وهو ما يخلق فراغاً أمنيّاً في القوقاز الجنوبي». وأضافت إنّ «تركيا وآذربيجان ستحاولان استغلال التوتّر الحالي من أجل الدفع بفتح ممرّ ينغيزور. وهذا سيغيّر الخريطة الجيوسياسية للمنطقة ويُضعف أرمينيا كما إيران، مع أنّ إضعاف الأخيرة لن يكون فوريّاً بل تدريجيّاً».

 

ونسبت الصحافة الآذربيجانية إلى الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إنه كان أعلن أنّ إيران تتحمّل مسؤولية منع فتح ممرّ «زينغيزور». كما نسبت إلى وزير الخارجية الآذربيجاني السابق، توفيق ذو الفقاروف، قوله إنّ «اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران أمر سيّئ في المبدأ، ولكنه خبر سار لممرّ زينغيزور». حتى أنّ مساعد الرئيس الآذربيجاني، حكمت حاجييف، قال: «قبل كلّ شيء، نريد ربطاً بين آذربيجان ونخجوان. حُرمنا من هذه الفرصة لثلاثين عاماً. بعد الربط، ستنفتح فرص أخرى لأرمينيا. ونريد للأخيرة أن تكون جزءاً من شبكة النقل الإقليمي».

 

وليس معروفاً لغاية الآن ما إذا كان رئيس الوزراء الأرميني، بعد زيارته، الأسبوع الماضي، إلى إسطنبول ولقائه إردوغان، سيتراجع عن معارضته فتح الممرّ، ويسقط في مستنقع التهويل بضعف إيران. لكنّ افتراض باكو، ومعها أنقرة، أنّ موقع طهران الإقليمي في تراجع بعد الهجمات الإسرائيلية والغربية عليها، سيزيد من ضغطهما على يريفان.

 

ولعلّ ممّا يفاقم من هذه الضغوط، تصوير الممرّ على أنه ليس حاجة إقليمية فقط، بل ضرورة للعلاقات الدولية أيضاً. وتقول الباحثة الآذربيجانية، نرمين حسنوفا، إنّ «دور القوى العالمية والمنظمات الدولية سيكون مهمّاً لاستقرار منطقة جنوب القواز وازدهارها كما للتجارة العالمية وسياسات الطاقة والتعاون الإقليمي. وبالتالي، على هذه القوى أن تؤدّي دوراً أكبر في فتح الممرّ وتطويره»

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ترامب ضرب ضربته القوية وأوقف الحرب بين إيران وإسرائيل… ترك العالم حائرا وقلب كافة الحسابات وبعثر الأوراق

خلال أقل من 48 ساعة، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا بقصف منشآت نووية إيرانية، وأعلن اتفاقا لوقف إطلاق النار بين الجمهورية الإسلامية وإسرائيل، لكن ...