كان القطاع السياحي بدأ يتنفس الصعداء خلال الشهور الماضية، وشهد الأردن عودة متصاعدة للسياح الأجانب، إلا أن اشتعال الحرب بين إسرائيل وإيران، أعاد القطاع إلى مربع الأزمات مجدداً.
تتوالى الأزمات التي يشهدها القطاع السياحي في الأردن خلال السنوات الأخيرة، بدءا من جائحة كورونا مروراً بحرب غزة، وأخيراً الحرب الإسرائيلية – الإيرانية التي عصفت بحجوزات السياح الأجانب إلى المملكة إلى أدنى مستوى.
وكان القطاع السياحي بدأ يتنفس الصعداء خلال الشهور الماضية، وشهد الأردن عودة متصاعدة للسياح الأجانب، إلا أن اشتعال الحرب بين إسرائيل وإيران، أعاد القطاع إلى مربع الأزمات مجدداً.
ووفق ما يقول لـ”النهار” رئيس إقليم البترا السابق دكتور الإدارة السياحية في الجامعة الأردنية سليمان الفرجات، فإن “الحرب بين إسرائيل وإيران ألقت بظلالها الثقيلة على قطاع السياحة الوافدة في الأردن، لا سيما في سلطة إقليم البترا، التي تعتمد بشكل شبه كامل على السياح الأجانب”.
ويضاف الفرجات: “الأرقام السياحية بدأت بالتراجع منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حيث شهدنا تراجعا ملحوظًا في أعداد الزوار، والتي وصلت إلى مستويات متدنية جدا، لكن شهد شهر أيار/مايو الماضي دخول أكثر من ألفي سائح في يوم واحد، وهو رقم ضئيل مقارنة بمواسم الذروة التي كانت تسجل بين 4 إلى 5 آلاف سائح يوميا، لذلك كنا نأمل أن يبدأ التعافي الحقيقي اعتباراً من أيلول/ سبتمبر المقبل، لكن بدء حرب إيران وإسرائيل أحبط هذا السيناريو”.
ويتابع: “حالياً نحن نتحدث عن معدلات لا تتجاوز 150 إلى 200 سائح يومياً، وإذا استمرت الأوضاع على حالها، فإن القطاع سيتعرض لانهيار شبه كامل”.
ويدعو الفرجات إلى تنويع الأسواق السياحية وعدم الاعتماد فقط على السياحة الأجنبية، مشيراً في الوقت ذاته، إلى ضرورة الاهتمام بالسياحة المحلية، رغم التحديات التي تواجه هذا النوع من السياحة، سواء من حيث ضعف المنتج المحلي أو ضعف الإقبال.
اقرأ أيضاً: انقطاع إمدادات الغاز من إسرائيل إلى الأردن: بدائل أكثر كلفة وأقل كفاءة
“نسبة الحجوزات صفر”
من جهته، يقول رئيس جمعية أصحاب فنادق البترا عبد الله الحسنات إن البترا وهي إحدى أبرز وجهات السياح الأجانب ضمن “المثلث الذهبي” الذي يضم أيضاً العقبة ووادي رم، خالية تماماً من النشاط السياحي ونسبة الحجوزات فيها وفي فنادق وصلت إلى صفر”.
ويضيف الحسنات لـ”النهار” أن “القطاع يعتمد بنسبة 95% على السياحة الأجنبية، كون السياحة الداخلية ضعيفة جداً، لكن مع تصاعد الأحداث في الإقليم عدنا إلى نقطة الصفر”، لافتاً إلى أن “وجود نحو 1600 موظف يعملون في فنادق البترا، وإذا استمرت هذه الأزمة لأسبوع أو أسبوعين آخرين، فإن أغلب الفنادق ستكون مضطرة لتسريحهم”.
ويؤكد أن “أصحاب الفنادق لا يملكون القدرة على دفع الرواتب أو اشتراكات الضمان الاجتماعي أو حتى الالتزامات تجاه البنوك، والكهرباء والماء، فهناك التزامات كثيرة، والأمر يتجه نحو الإغلاق الكامل”.
وينتقد الحسنات وزارة السياحة قائلا إن دورها “لا يلامس الواقع، ذلك أن الفنادق منذ عام 2021 حتى الآن، تمرّ من أزمة إلى أخرى، ولا تستطيع تغطية رواتب الموظفين والأكلاف الأخرى إلا من خلال القروض البنكية”، في حين يشير إلى أن عدداً من الفنادق أغلقت بالفعل بعد تدهور أوضاعها.
كما يدعو إلى “تدخل مباشر من مختلف الجهات الرسمية المعنية قبل الوصول إلى مرحلة تجد فيها فنادق البترا نفسها مضطرة للإغلاق وتسريح 1600 موظف”.
ماذا عن البحر الميت؟
ولا يختلف الحال بالنسبة للبحر الميت الذي يعد هو الآخر وجهة بارزة يقصدها السياح الأجانب، حيث تتراوح نسب الإشغال بين 20 إلى 30% فقط، مع إلغاء عدد كبير من الحجوزات، ما يهدد مصير العديد من المنشآت السياحية والعاملين.
وبشأن البحر الميت، يقول بسام جرادات وهو مسؤول في أحد أبرز الفنادق هناك إن “نسب الإشغال شهدت تراجعاً حاداً، إذ تتراوح بين 5 – 20%، في حين تشهد عطلة نهاية الأسبوع ارتفاعاً طفيفاً لتصل في بعض الأحيان إلى 30%”.
ويضيف جرادات لـ”النهار” أن “إلغاء الحجوزات بشكل كبير يعد من أبرز التحديات التي تواجه قطاع السياحة في البحر الميت حالياً، سواء كانت حجوزات فردية أو جماعية، وحتى حجوزات لمجموعات سياحية كبيرة كانت قد خططت لزيارات مسبقة”، مؤكداً كذلك أن “الإلغاءات تضر بسمعة البحر الميت كوجهة سياحية مستقرة، مما يجعل من الصعب استعادة تدفق السياح حتى بعد استقرار الأوضاع الأمنية في الإقليم”.
وفي تصريحات سابقة لها، قالت وزيرة السياحة والآثار لينا عناب “إن نسب إلغاء الحجوزات السياحية كبيرة جداً وتراوحت بين 70% و 100%، على الحجوزات الفورية”، معتبرة أن “حجم الإلغاءات الكبير متوقع وغير مستغرب بحكم عدم وضوح الأوضاع الراهنة والتصعيد العسكري الإسرائيلي – الإيراني”.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _النهار اللبنانية