آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » غلاستونبري: صوت فلسطين يصدح في قلب الإمبراطورية

غلاستونبري: صوت فلسطين يصدح في قلب الإمبراطورية

 

سعيد محمد

 

 

في قلب بحر من الأعلام الفلسطينية والهتافات العاصفة في تأييد فلسطين وإدانة «جيش» القتلة الإسرائيلي والسياسيين البريطانيين المتواطئين معه، انقلب مهرجان «غلاستونبري» الموسيقي، أكبر تجمّع فني سنوي في المملكة المتحدة، إلى منبر سياسي بامتياز على يد فرقة الراب الإيرلندية الشمالية ني كاب Kneecap وفرقة البانك الإنكليزية التي يقودها Bob Vylan.

 

تحدّى الحدث محاولات التجريم والوصم التي تستهدف الأصوات المتعاطفة مع القضية الفلسطينية، ما أثار ردود فعل غاضبة من أعلى المستويات السياسية والإعلامية.

 

◀ مقالات ذات صلة:

 

– المكارثية متواصلة بنجاح في «أم الديموقراطيات»: بريطانيا تحاكم مو تشارا والتهمة علم «حزب الله» – سعيد محمد

 

فرقة «ني كاب»، التي يحاكم مو تشارا (أحد أعضائها) بتهم ملفّقة تتعلق بدعم الإرهاب بعد رفعه علم «حزب الله» في حفلة موسيقية سابقة، فجرت المسرح بقيادة الجمهور بهتافات مدوّية ومباشرة: «فلينكح كير ستارمر! »، في إشارة مسيئة إلى شخص رئيس الوزراء البريطاني الحالي الذي يقود حكومة مستمرة على سياسات الحكومات المتعاقبة في التواطؤ مع الدّولة العبرية وخنق كل تعاطف ممكن مع الفلسطينيين.

 

أعلام وهتافات للحرية

لكن اللحظة المحورية التي خطفت الأضواء وأطلقت زوبعة إعلامية كانت الدعم الصريح والمدوي لفلسطين من قبل الجمهور.

 

إذ غرقت أرض المسرح بأكثر من 200 علم فلسطيني شكّلت لوحة فنية متحركة نقلت الأداء إلى حيث الحشد المنفعل ما جعل التقاط صور واضحة للمسرح مهمة شبه مستحيلة على مصوري الكاميرات لدى «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) وغيرها.

 

فرقة «ني كاب» فجرت المسرح بهتافات مدوّية ومباشرة: «فلينكح كير ستارمر! »

فرقة «ني كاب» فجرت المسرح بهتافات مدوّية ومباشرة: «فلينكح كير ستارمر! »

هذا المشهد البصري المذهل، الممزوج بهتافات «الحرية لفلسطين» وهي تعانق عنان السماء، وترداد شعار «سيأتي يومنا» (شعار جمهوري إيرلندي يرمز إلى المقاومة واليقين في التحرّر) لم يترك مجالاً للشك في الرسالة التي أرادت الفرقة إيصالها.

 

ضغوط اليمين البريطاني

وبالفعل، فقد صوّرت «بي. بي. سي» الحفلة لكنها بعكس كل الأنشطة الرئيسية في المهرجان لم تبث العرض مباشرة، ولم توفره حتى اللحظة مسجلاً عبر موقعها iplayer بسبب الضغوط الهائلة التي تعرضت لها الهيئة من اليمين البريطاني (في السلطة والمعارضة على حدٍّ سواء) كما اللوبي الصهيوني للتعمية على أي تعاطف شعبيّ مع فلسطين.

 

غرقت أرض المسرح

بأكثر من 200 علم

فلسطيني

 

وكان ستارمر قد وجه انتقادات حادة للفرقة قبل العرض، معتبراً أن مشاركتها في المهرجان من حيث المبدأ أمر «غير لائق». وتجري شرطة «أفون وسومرست» حالياً «تقييماً لمقاطع الفيديو التي التقطتها «بي. بي. سي» لتحديد ما إذا كانت هناك أي جرائم قد ارتكبت تستدعي تحقيقاً جنائياً».

 

بوبي فيلان يرفع الصوت

وفي خضم هذا الجو المشحون، لم تكن «ني كاب» وحدها في رفع الصوت من أجل فلسطين. قبل نصف ساعة فقط من حفل الفرقة على المسرح نفسه (ويست هولتس ستيج) استغل الفنان بوبي فيلان منصة فرقته لتقديم سلسلة من التصريحات السياسية دعماً صريحاً لفلسطين، وقاد الجمهور الذي كان يحمل الأعلام الفلسطينية في الهتاف بالموت لـ «الجيش الإسرائيلي» (Death, Death to the IDF)، إلى جانب شعار «من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة».

 

كما أطلق فيلان هجوماً لاذعاً على رئيس شركة تسجيلات يهودي كان قد عمل لديه سابقاً، قائلاً: «صدرت أخيراً قائمة بالأشخاص الذين يحاولون منع أصدقائنا في فرقة «ني كاب» من الأداء هنا اليوم. ومن أرى في تلك القائمة اللعينة سوى ذلك اللعين ذي الرأس الأصلع الذي اعتدت العمل لديه. اللعنة. لقد فعلنا كل شيء (قذر)، من العمل في الحانات إلى العمل مع صهاينة».

 

اللوبي الصهيوني يتحرّك

مواقف فيلان التي بُثّت مباشرة من دون رقابة على «بي. بي. سي»، أثارت رد فعل عنيفاً فورياً من قبل اللوبي الصهيوني الفاعل في المملكة. إذ اتّهم بعض المشاهدين الفرقة و«بي. بي. سي» بنشر «خطاب الكراهية لليهود». وبدأت الشرطة تحقيقاً، فيما أعربت السفارة الإسرائيلية في المملكة المتحدة عن «انزعاجها الشديد»، ولا سيما هتافات «الموت للجيش الإسرائيلي».

 

بوبي فيلان قاد الجمهور الذي كان يحمل الأعلام الفلسطينية في الهتاف بالموت لـ «الجيش الإسرائيلي»

بوبي فيلان قاد الجمهور الذي كان يحمل الأعلام الفلسطينية في الهتاف بالموت لـ «الجيش الإسرائيلي»

وأوردت السفارة في بيان لها: «إنّ السفارة الإسرائيلية في المملكة المتحدة منزعجة جداً من الخطاب التحريضي والمفعم بالكراهية الذي تم التعبير عنه على خشبة المسرح في مهرجان غلاستونبري».

 

وأضافت أن شعارات مثل الهتافات التي سمعت السبت «تدعو إلى تفكيك دولة إسرائيل».

 

ونشرت السفارة الإسرائيلية صورة من المهرجان عبر موقع X وكتبت: «عندما يتم تقديم مثل هذه الرسائل أمام عشرات الآلاف من روّاد المهرجان وتُقابل بالتصفيق، فإن ذلك يثير مخاوف جدية بشأن تطبيع اللغة المتطرفة وتمجيد العنف».

 

ردود فعل من الشرطة إلى bbc

وردّت شرطة «أفون وسومرست» أنها «تقيم الأدلة المصوّرة من قبل الضباط لتحديد ما إذا كانت أي جرائم قد ارتكبت تتطلب تحقيقاً جنائياً». كما أدانت وزيرة الثقافة البريطانية، ليزا ناندي الهتافات، وتحدثت مع المدير العام لـ «بي. بي. سي»، تيم ديفي، لطلب «تفسير عاجل» حول الإجراءات التي قامت بها الهيئة قبل عرض تصريحات فيلان وهتافاته. وأدان وزير الصحة، ويس ستريتنج، بدوره الهتافات ووصفها بـ «المروّعة» و«حيلة دعائية وقحة»، لكنه استطرد قائلاً: «أودّ أن أقول أيضاً للسفارة الإسرائيلية، رتبوا بيتكم الداخلي، في ما يتعلق بسلوك مواطنيكم والمستوطنين في الضفة الغربية».

 

 

من جانبها، أعادت زعيمة حزب المحافظين المعارض، كيمي بادينوك، نشر مقطع من حفلة فيلان على صفحتها على موقع X، ووصفتها الهتافات بأنها «بشعة»، قائلة: «العنف ضد اليهود ليس أمراً مثيراً. الغرب يلعب بالنار إذا سمحنا لهذا النوع من السلوك أن يمرّ من دون رادع». وللمفارقة، فإن جمهور حفلة «ني كاب» كان قد استبق تصريحات بادينوك بالهتاف مكرراً «فلتنكح بادينوك».

 

متحدثة باسم «بي. بي. سي» قالت لاحقاً: «إنّ بعض التعليقات التي صدرت أثناء عرض بوبي فيلان كانت مسيئة جداً.

 

وفي البث المباشر عبر iPlayer كتبنا تحذيراً على الشاشة من اللغة القوية جداً والتمييزية. وليس لدينا الآن أي نية لتوفير العرض المسجل تالياً للمشاهدين (بعكس المعتاد)».

 

كما أصدرت إدارة مهرجان «غلاستونبري» بياناً أكدت فيه أنّها «لن تتغاضى عن خطاب الكراهية أو التحريض على العنف من أي نوع من قبل فنانيه».

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمبرتو إيكو والجمع بين الفلسفة والرواية

إبراهيم أبو عواد يُعْتَبَر الفَيلسوفُ والرِّوائيُّ الإيطاليُّ أمبرتو إيكو ( 1932 _ 2016 ) مِنْ أبرزِ الكُتَّابِ العالميين الذينَ جَمَعُوا بَيْنَ الفَلسفةِ والرِّوايةِ،وهَذا يَتَجَلَّى بِوُضوحٍ ...