آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » إلى الذين عادوا إلى سوريا بعد غياب…

إلى الذين عادوا إلى سوريا بعد غياب…

 

 

د عبد الكريم بكار

 

عودتُك إلى الوطن الجريح ليست زيارةً لبلدٍ سياحي، ولا جولةً في معرضٍ. إنك تدخل أرضًا خرجت من غرفة الإنعاش لتوِّها، فخفِّض صوتك، وهدئ قلبك، وانزع عن عينيك نظارات المقارنة.

 

سوريا ليست فقيرةً في الكرامة، بل مثخنةٌ بالجراح. ليست متعبةً في الجوهر، بل منهكةٌ من قسوة الزمن وسياط الخذلان. فإن لم تكن طبيبًا يشاركها في إعادة التأهيل، فلا تكن ناقدًا يسخر من شكل الجراح!

 

إذا لم تجد فيها ما يُعجبك، فليس لك أن تقول: “البلد تعبان.” لأن التعب ليس تهمة، بل شهادةٌ على الصمود. وليس من حقك أن تُحمِّل الضحية وزر الجريمة، ولا أن تُعاتب المريض على نحوله.

 

ساعد، أو اصمت.

 

ابتسم في وجوه أهلها، وزِّع وردًا على الأرصفة، عبِّئ قنينة ماء وضعها عند إشارة مرور، علِّم طفلًا كلمة طيبة، ازرع شجرةً في زقاقٍ مُهمل… لا تستهن بفعلٍ صغير، فالبلد تنهض حين يؤمن أبناؤها أن النهوض ممكن، وأن أحدًا عاد إليهم لا ليَدين، بل ليُعين.

 

أما إن لم تستطع أن تكون بلسَمًا، فكن غائبًا لا يؤلم. وإن لم تكن قادرًا على البناء، فلا تكن معولًا للهدم.

 

سوريا لا تنتظر من أبنائها الدموع، بل الأفكار. لا تنتظر الرثاء، بل الأمل. لا تريد ممن عاد أن يُذَكِّرها بخرابها، بل أن يُعينها على ترميمه.

 

سوريا لا تحتاج جمهورًا يصفق أو يستهزئ، بل فريقًا ينزل إلى الميدان، ويحمل الطوب، ويُقبِّل التراب، ويقول: “جئتُ لأبني وطني”

(موقع أخبار سوريا الوطن١-صفحة الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أين كنتم من 14 سنة… الذكاء الاصطناعي يعرّيكم

  طلال ماضي أكثر سؤال مستفز يتعرض له السوريون اليوم في مؤسسات الدولة وغيرها: “أين كنتم من 14 سنة؟”، وأحقر سؤال تعرضت له شخصيًا من ...