آخر الأخبار
الرئيسية » أخبار الميدان » تواصل «إبادة المنازل» في الضفّة: خطة محو المخيمات تتقدّم

تواصل «إبادة المنازل» في الضفّة: خطة محو المخيمات تتقدّم

 

أحمد العبد

تواصل أنياب الجرافات العسكرية الإسرائيلية التهام منازل اللاجئين الفقيرة والقديمة، في مخيمات شمال الضفة الغربية، في مجزرة يومية تُنفّذها قوات الاحتلال بهدف محو «المخيم» من ذاكرة الفلسطينيين، كمصطلح وحيّز جغرافي يُجسّد جوهر القضية الفلسطينية، المتمثّل بالعودة إلى الأراضي المحتلّة.

 

وعاشت محافظة طولكرم، أمس، مأساة جديدة، تمثّلت ببدء خمسين عائلة بإخلاء منازلها قسراً ضمن حملة هدم جديدة تستهدف 400 وحدة سكنية في مخيم طولكرم، وذلك خلال مهلة قصيرة سمح بها جيش العدو، واستغلّها الأهالي لاستخراج ما أمكن من ممتلكاتهم، مشياً على الأقدام، بعدما منعت جرافات الاحتلال وصول المركبات أو الشاحنات إلى تلك المنازل عبر تجريف الطرقات.

 

وبالمجمل، يبدو المشهد في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، كما تكشفه الصور الجوية، صادماً للغاية، إلى حدّ أن أبناء المنطقة أنفسهم لم يعودوا قادرين على تمييز معالم أحيائهم، من جراء عمليّات الهدم والتجريف الواسعة المتواصلة.

 

ويُنظر إلى هذه العمليات كجزء من خطة إسرائيلية من شأنها أن تتدحرج مستقبلاً، وعلى نحو متسارع، إلى بقية المخيمات في الضفة، بهدف طمس ما تمثّله من قيمة معنوية ورمزية، وإنهاء وجودها ككيان جغرافي وسكاني مرتبط ارتباطاً مباشراً بحق العودة.

 

كما يستهدف هذا المخطط خلق أمر واقع جديد في المخيمات، التي طالما اعتُبرت خزاناً للمقاومة ومعقلاً للتشكيلات العسكرية المسلّحة، وحاضنة شعبية قوية للفعل المقاوم خلال العقود الماضية. بتعبير آخر، تعمل سلطات الاحتلال على اجتثاث رمزية المخيم، بما يلعبه من دور في الحالة النضالية الفلسطينية، عبر تحويله إلى بيئة طاردة للسكان، وشقّ شوارع واسعة تمكّن آلياتها من اجتياحه متى شاءت.

 

وفي تفاصيل ذلك المخطط، يبدو أن هدف العدو يتمثّل بتحويل المخيمات إلى أحياء سكنية ملحقة بالمدن، وترحيل سكانها إلى القرى والبلدات القريبة أو حشرهم في أبراج سكنية في حال توفّر بناؤها.

 

وبدأ تطبيق هذا المشروع في ثلاثة مخيمات شمالي الضفة، كـ«بالون اختبار» يبدو أن نتائجه «إيجابية» بالنسبة إلى الاحتلال، في ظل غياب أي معارضة أو مقاومة تجاهه، أو ردّ فعل رسمي على مستوى سلطة رام الله، أو على المستوى العربي والدولي. وبحسب تقديرات بلدية طولكرم، فقد هدم العدو 280 وحدة سكنية كلياً في مخيم نور شمس، و320 أخرى في مخيم طولكرم، فيما طال الهدم الجزئي أكثر من 4500 وحدة في المخيّمين.

 

وبالتوازي مع عمليات الهدم في طولكرم، استأنف جيش الاحتلال عمليات مماثلة في مخيم جنين، حيث رصد المواطنون هدم الاحتلال لعدد من البنايات السكنية خلف «مستشفى جنين الحكومي»، بزعم شقّ طرق جديدة، وذلك ضمن المخطّط الذي يقضي بنسف نحو 100 بناية سكنية هناك.

 

ويأتي هذا في وقت يفرض فيه جيش العدو حصاراً خانقاً على مخيم جنين، مع نصبه بوابات عسكرية على مداخله ومنع دخول أحد إليه، فيما تقول اللجنة الإعلامية للمخيم إن الاحتلال هدم أكثر من 600 مبنى سكني بشكل كلي، وتسبّب بأضرار جزئية في ما يزيد على 3000 مبنى، وهو ما توثّقه صور جوية أظهرت محواً شبه تام للبنية المعمارية والمحالّ، وشقّ شوارع واسعة بين أحياء المخيم وفي محيطه.

 

وأمام هذا التدمير الشامل للبنية التحتية والخدمات، لم تعد مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس صالحة للحياة والسكن؛ إذ حتى المنازل التي لم تُسوّ بالأرض تضرّرت بشدّة بسبب عمليات النسف والتفجيرات وإطلاق النار الذي يجري بين حين وآخر.

 

وتعليقاً على عمليات الهدم الإسرائيلية في «طولكرم»، وصف محافظ المدينة، عبدالله كميل، الأمر بأنه «إجرام متواصل بقرار سياسي لا علاقة له بالأمن»، معتبراً أن ما يشهده المخيم هو «سادية مطلقة تمارسها السلطات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وخاصة في مخيمات شمالي الضفة، من دون مبرّر، وليس لشيء سوى تعذيب الناس». وطالب كميل بتدخّل المجتمع الدولي بصورة عاجلة لوقف «سياسة الإجرام الإسرائيلية»، لافتاً إلى أن هذه الإجراءات تمثّل «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني».

 

وتتكاثر المؤشرات إلى انتقال خطة المحو إلى مخيمات أخرى في الضفة، وسط تكرار الاقتحامات وتوزيع إخطارات الهدم، كما جرى أخيراً في مخيمات الدهيشة والأمعري والفوار، وسط غياب كامل لأيّ دور فاعل للحكومة الفلسطينية لمواجهة هذا التدمير المنهجي، الذي يُتوقّع أن تتصاعد وتيرته في ظل ضغوط أقطاب حكومة بنيامين نتنياهو لتسريع ضمّ الضفة الغربية وإعلان السيادة الإسرائيلية عليها.

 

وفي هذا السياق، عُقد لقاء بين وزير القضاء في حكومة العدو، ياريف ليفين، ورئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة، يوسي داغان، أكّد خلاله الطرفان أن «الوقت قد حان لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية».

 

ويأتي هذا التفاهم بالتوازي مع تصاعد إرهاب المستوطنين، الذين أقاموا أخيراً بؤرة استيطانية جديدة في منطقة المعرجات شمال غرب مدينة أريحا، هي الخامسة من نوعها على طول الطريق ذاته.

 

وبحسب مصادر محلية تحدّثت إلى «الأخبار»، نصب المستوطنون، أول أمس، خيمة، بعدما جلبوا صهاريج مياه ومولّداً كهربائياً قبل أيام، وشرعوا في تسييج الموقع تمهيداً لتحويله إلى مستوطنة، في مشهد بات يتكرر في مناطق متفرّقة من الضفة الغربية.

 

بدورها، وصفت منظمة «البيدر» للدفاع عن حقوق البدو، البؤرة المشار إليها بأنها «واحدة من أكثر الخطوات الاستيطانية خطورة خلال الأشهر الأخيرة»، معتبرة أنها «تمثّل رأس حربة في مشروع زاحف يهدف إلى تهويد المناطق الرعوية المفتوحة، وخنق المجتمعات البدوية الأصيلة التي تعيش هناك منذ عقود طويلة».

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

واشنطن تعلّق تزويد كييف بأسلحة… كييف تتحرّك والكرملين: القرار يقرّب نهاية الصراع

  حذّرت وزارة الخارجية الأوكرانية الأربعاء من أن “أي تأخير أو إرجاء” في تسليمها الأسلحة من قبل واشنطن “يشجّع” روسيا على مواصلة مهاجمتها، عقب استدعاء ...