هشام صفي الدين
ذكرى ولادة أو وفاة الشخصيات التاريخية مناسبة لاستعادة قضيتهم ومشروعهم السياسي وفي بعض الحالات فكرهم ومساهمتهم في نهضة مجتمعاتهم. وأنطون سعادة، الذي قتله النظام اللبناني في مثل هذا اليوم، ليس استثناء. لكن الاحتفاء بسعادة غالباً ما يتّخذ طابعاً فولكلورياً عند مناصريه تتردّد فيه الشعارات الممجوجة، في مقابل طابع تشويهي أو كاريكاتوري عند مناهضيه تُؤبلس الرجل وتستخف بمنجزاته. وبين هذا وذاك، تفتقد الأجيال الجديدة الفرصة للتعرّف إليه والبناء على ما قدّمه لأمته. وإن كان من جانب لفكر سعادة تعرّض للإهمال، فهو البُعد الاقتصادي.
لم يحتلّ الاقتصاد نفس الحيّز في كتابات أنطون سعادة كذلك الذي خصّصه لمواضيع الاجتماع والسياسة والأدب. لكنّ المُطّلعين على فكر سعادة يعلمون أن رابطة الاجتماع الأساسية عنده هي الرابطة الاقتصادية والتي قام بتعريفها على أنها مصلحة تأمين حياة الجماعة وارتقائها، وأن هذه المصلحة في رأيه أساسية في كل مجتمع لأنها تخدم كل مصلحة أخرى حيوية أو نفسية. وقد أدرك سعادة خطورة إهمال البُعد الاقتصادي في النهضة القومية فقال: «لعلّ أعظم نقاط ضعفنا فيما يختصّ بشؤوننا الاقتصادية أننا لا نزال بعيدين جداً من مبادئ الاقتصاد القومي».
فهل ما زلنا كذلك بعد مرور نحو قرن على هذا القول؟ للإجابة عن هذا السؤال علينا أولاً أن نحدّد ما هي هذه المبادئ. وعلينا، ثانياً، أن نبحث في واقعنا الاقتصادي لنقرّر مدى تطابق هذا الواقع مع تلك المبادئ. وهذا يعني أننا لا يمكن أن نكتفي باقتباس سعادة وترداد شروحاته أو استخدام الاستنباط الفكري المحض للتوصل إلى الجواب اليقين. فالجواب يتعلّق بحاضرنا نحنُ لا بحاضره هو. أي إنه يتطلب النظر في التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي طرأت على المجتمع السوري واقتصاده السياسي عبر ما يقرب من المئة عام حتى آلت إلى ما هي عليه في يومنا هذا.
سعادة نفسه لم يكتفِ بوضع المبادئ وشرحِها، بل تناولها في سياق القضايا الاقتصادية المعاصرة له كأثر الهجرة في الاقتصاد القومي (بما فيها هجرة السوريين إلى الخارج ونزوح الأرمن إلى أنحاء مختلفة من سوريا واستيطان اليهود الأوروبيين في فلسطين). وتناولها في سياق السياسات الاقتصادية للقوى الحاكمة في زمانه كإبرام اتفاقيات النقد بين الحكومتين الشامية واللبنانية من جهة وفرنسا من جهة ثانية وعقد اتفاقيات البترول مع الولايات المتحدة وتغلغل الرأسمال الأجنبي في البلاد ومسألة المصالح المشتركة (كالجمرك والسكك الحديد) بين سوريا ولبنان بُعيَد الاستقلال.
بدورها، أتت طروحات سعادة في سياق تحولات النظام العالمي آنذاك. شهدت مدة ما بين الحربين العالميتين صراعاً دولياً متعدد الأقطاب ترافق مع انهيارات اقتصادية وتضخّم مالي وتنافس توسُّعي بين الدول الأوروبية المستعمِرة. على الصعيد الفكري، حصلت هزّة كبيرة في الفكر الرأسمالي الليبرالي الكلاسيكي نتيجة الثورة البلشفية وعجْز آليات السوق الحرة عن إيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية المتفاقمة في الدول الرأسمالية فتبلورت في الوعي العام أيديولوجيات متناحرة كالفاشية والشيوعية.
هذه العوامل مُجتمِعة أسهمت في اندلاع الحرب العالمية الثانية وصعود الهيمنة الأميركية قابَلهُ صعودٌ بارز لحركات التحرّر الوطني في عالم الجنوب وعلى رأسها -في منطقتنا- الأحزاب الشيوعية والقوميتين العربية والسورية وتيارات الإسلام السياسي.
لقد كانت مسألة الاستقلال الاقتصادي مسألة مركزية عند هذه التيارات وقد خاضت في ما بينها صراعات فكرية حول تعريف هذا الاستقلال وكيفية الوصول إليه. ذلك أن أفول الاستعمار العسكري والسياسي المباشر حدا بالبعض إلى القول إنّ عصر الاستعمار انتهى. لكن قيادات حركات التحرر، من كواميه نكرومه إلى عبد الناصر إلى فيدل كاسترو، اعتبرت أن هناك استعماراً جديداً، اقتصادياً ومالياً، بحيث تتمتع هذه الدول بكل الصفات الشكلية للاستقلال، لكن قرارها الاقتصادي السيادي مسلوب – وعليه تصبح محاربة الاستعمار أصعب لأنها حرب اقتصادية غير مباشرة.
الجدير ذكره أن سعادة اغتيل عام 1949، أي قبل وصول حركات التحرر الوطني المكوّنة من تيارات القومية العربية (وعلى رأسها «البعث») والشيوعية إلى الحكم في العراق وسوريا وقبل الحقبة الناصرية وما شهدتها من تبلور فكر اقتصادي اشتراكي عربي تقاطع مع الفكر الماركسي، ولكنه لم يتماهَ معه.
بعض الأحزاب، كالحزب الشيوعي، والتي انتقدها سعادة -وعن حقّ- لمواقفها المُخزية في ما يخص تقسيم فلسطين بحجّة أن الصراع فيها هو طبقي محض ومن دون بُعد قومي، أعادت النظر في مقاربتها بعد وفاته. والفكر الماركسي نفسه في عالم الجنوب خضع لتعديل وتطوير كان أهمُّها نظرية التبعية لغوندر فرانك في أميركا اللاتينية ولسمير أمين في المنطقة العربية وكذلك مفهوم نمط الإنتاج الكولونيالي لمهدي عامل ونظرية الرأسمالية العنصرية لسيدريك روبنسون. اعتبرت هذه النظريات أنه لا يمكن تطبيق الفكر الماركسي في ظل الاستعمار من دون إعادة إنتاجه ليأخذ في الحسبان الشكل التاريخي التي تكوّنت فيه الرأسمالية عندنا. هكذا لم يعد ممكناً القول بوجود طبقة عمالية أممية ونقطة عالسطر.
وبالتالي لم يعد ممكناً وضع العمال اليهود والعرب في فلسطين أو الفرنسيين والجزائريين في الجزائر في نفس الخندق. حتى التيارات الإسلامية اضطرت إلى الاجتهاد في القضايا الاقتصادية واتّخاذ موقف تجاه النظريات الرأسمالية والماركسية، وفي غالب الأحيان حاولت أن تميل إلى المفهوم الاشتراكي من دون أن تتبنى فرضياته حول الرأسمالية والملكية الخاصة، وذلك للحفاظ على شعبيتها في ظلّ الصعود الجماهيري للاشتراكية.
لا شك أن وجود التقسيم لنحو قرن، وما أعقبه من تشكيل هويات محلية وضمور الهوية الوطنية في ظل غزو ثقافي أجنبي وتكريس هويات دينية سياسية وتنازع طائفي، فعلَ فعله، خاصة وأن اللحظة التاريخية التي كانت مؤاتية لذلك، أي خلال حقبة التحرر الوطني بعد الحرب العالمية الثانية، تم إهدارها من قِبل مَن كانوا يتبنّون خطاب الوحدة
رغم هذه الحقيقة التاريخية عن التقارب الفكري الذي حصل في مفصل تاريخي محدد بين كلّ هذه التيارات، فإن الصراع السياسي والاصطفافات الجيو ــ إستراتيجية بين الأحزاب القومية والشيوعية والإسلامية في تلك المرحلة من التحرر الوطني -أي الخمسينيات والستينيات- قد حجبت في رأيي تقاطعاً كبيراً -ولا أقول تماهياً- في البرامج والرؤى الاقتصادية بين تلك الأحزاب. فمعارضة الوحدة السياسية بين مصر وسوريا مفهوم من منظور سوري قومي، لكن ماذا عن المشروع الاقتصادي الذي تم تطبيقه في سوريا ومصر والعراق في تلك المدة؟
هل كان سعادة ضد دور الدولة المحوري في توجيه الاقتصاد وتخطيط الإنتاج وتوزيع الثروة الذي تحقق في الخمسينيات والستينيات وهو -أي سعادة- الذي أشار إلى محوريّة الدولة في الاقتصاد القومي؟ وهل كان غافلاً عن أهمية التصنيع الاستبدالي في عملية التنمية ورفع الرسوم الجمركية لدعم الصناعة الوطنية والتي تم تفعيلها في معظم دول الهلال الخصيب ومصر وهو الذي أشار إلى الصناعة الاستبدالية بالاسم كسياسة اقتصادية قومية رشيدة؟
وهل كان سيعارض الإصلاح الزراعي بما فيه إعادة توزيع الأرض الزراعية واستصلاحها وهو الذي أرسى المبدأ الإصلاحي بإلغاء الإقطاع وخلق تعاونيات إنتاجية وصون حقوق العمال والفلاحين؟ وهل كان سيتحسّر على المصارف الأجنبية والرأسمال الأجنبي الذي تم تأميمه وهو الذي وصفه بالبلوتوقراطية الأجنبية وحاربه في حياته واعتبره خطراً على السيادة القومية والوحدة الوطنية؟
لا يعني ما تقدّم غياب الفروقات بين نظرة سعادة إلى الاقتصاد القومي وتكوين الطبقات وطبيعة الصراع الاجتماعي وصوابية العمل النقابي من جهة وتلك التي نادت بها أو طبّقتها الاشتراكية العربية من جهة ثانية. القصد هو الإشارة إلى خطورة التركيز على هذه الفروقات والوقوف عند المسمّيات والمصطلحات فقط من دون أن نقرأ سعادة من قرب ونضع ما قاله في سياق مرحلته التاريخية ونقارن بين مضمون هذا المشروع وبين ما تبنّاه آخرون بالممارسة السياسية بمعزل عن التنظير المجرّد.
هذا إجحاف لسعادة وتهميش فكري تاريخي قبل أن يكون صرف النظر عمّا أنجزه الآخرون. أن تكون رؤية سعادة الاقتصادية قد تقاطعت مع قسم كبير ممّا تم تحقيقه في مرحلة التحرر الوطني من قِبَل قوى سياسية أخرى اكتسبت عبر سياستها الاقتصادية تلك شرعية شعبية وسيادة قومية هو دليل على استشرافه لمقوّمات النهوض الاقتصادي لمجتمعه وعلى فشل من لحقوه في قيادة الحزب في فهم تلك العلاقة ومدى أهميتها في الحفاظ على الزخم الشعبي للحزب في تلك المرحلة.
ماذا عن المرحلة التي نعيشها اليوم بعد انقضاء ما يقرب من مئة عام؟ كيف يمكن صياغة مشروع نهضوي اقتصادي يتبنى ثوابت الاقتصاد القومي التي أرساها سعادة، ولكنه يُحاكي تحولات الاقتصاد السياسي العالمي والإقليمي ويأخذ في الحسبان التيارات الفكرية الاقتصادية الراهنة؟
لا شك أن ما نشهده اليوم من صراع دولي متعدّد الأقطاب وانهيارات اقتصادية ومالية، وما ترافق معها من تشكيك في الأيديولوجيات الاقتصادية على أنواعها، وطغيان الاحتكارات وصعود اليمين المتطرف ومحاولة إعادة ترسيم منطقة «سوراقيا»، وعودة الجيوش الأجنبية المحتلة إليها وخسارة سيادتها الاقتصادية والقهر الاجتماعي والفقر المدقع لشرائح واسعة من الشعب، واستمرار الاستيطان الصهيوني يُشبِه في الشكل بيئة ما بين الحربين العالميتين التي تَشكّل فيها فكر سعادة.
لكن ماذا عن المضمون؟ هل الدعوة إلى توحيد الأقاليم السورية والإبقاء على المصالح الاقتصادية المشتركة بعد جلاء الاستعمار الأوروبي في منتصف القرن الماضي لها نفس مقوّمات نجاح أو فشل الدمج الاقتصادي والتحالف السياسي بين الكيانات السياسية نفسها (أي العراق وسوريا والأردن ولبنان) بعد مرور قرابة قرن على تشكيلها كدول؟ وهل آثار الهجرات والتحولات الديموغرافية التي حدثت في عصر سعادة هي نفسها في مرحلة تشهد نزوحاً داخلياً وخارجياً لملايين البشر في العراق وسوريا وفلسطين ولبنان؟
وهل الإقطاع الذي طالب سعادة بإلغائه حينها هو نفسه الذي يتحكم بمصير «سوراقيا» الاقتصادي اليوم؟ وهل نسبة التبادل التجاري وحرية الحركة والتواصل والترابط العائلي التي كانت قائمة بين هذه الدول في عصره هي نفسها اليوم؟ وهل العوامل الذاتية كالإرادة الشعبية والسياسات الحكومية هي نفسها أيضاً؟
هذه هي الأسئلة التي يجب أن نطرحها بشكل منهجي وبنّاء لكن موضوعي في سبيل فهم وتحليل واقعنا الاقتصادي ومدى تطابقه مع المصلحة الوطنية والسيادة الاقتصادية التي نادى بها سعادة وغيره من دعاة التحرر الوطني في زمانه.
تحت الحكم العثماني، كانت بلاد الشام جزءاً من فضاء اقتصادي واحد فيه حرية التبادل التجاري ونقل البضائع وتنقّل البشر. بعد انهيار السلطنة وغزو الغرب، وعى المستعمر الفرنسي أهمية الإبقاء على هذه الوحدة تلك فأنشأ وحدة اقتصادية ومالية وجمركية بين الدويلات السورية ولبنان في نفس الوقت الذي قسمها سياسياً وإدارياً. وللمفارقة المأساوية، قامت النخب الحاكمة بعد الاستقلال بفك هذه الوحدة، وهو ما حاربه سعادة بقوة.
بعد مئة عام، ما تزال العوامل الموضوعية لتوثيق الروابط الاقتصادية بين دول بلاد الشام قائمة ولعلّها أكثر إلحاحاً اليوم. فقد أصبحت التكتلات الجيو ــ اقتصادية حاضرة بقوة في كل أنحاء العالم اليوم مع احتدام الصراع على الموارد الطبيعية وسيطرة الشركات العابرة للقوميات والحاجة إلى الاستفادة من فورات الحجم (economies of scale) التي تنتج من هذه التكتلات. بعض هذه التكتلات مثل «بريكس» العابر للقارات ويتضمن دولاً اقتصادية عملاقة كالهند والصين، وبعضها تشكّل على أساس قطاعي كـ«أوبيك» و«منتدى غاز شرق المتوسط».
فما بالُكم بدول متوسطة الحجم أو صغيرة كسوريا ولبنان والأردن وكذلك العراق، وهي متجاورة جغرافياً ومتكاملة اقتصادياً (على سبيل التبسيط: النفط في العراق والزراعة في سوريا والمعادن في الأردن والتجارة في لبنان) وتشترك في مصادر المياه النهرية الرئيسية (دجلة والفرات والعاصي ونهر الأردن)، في ظل مزيد من التصحّر، وتربط مصادر المياه المالحة الثلاثة الرئيسة في المنطقة (المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي الفارسي) في ظلّ مزيد من توسع طرق التجارة البحرية.
وهي دول محاطة بقوى إقليمية وازنة اقتصادياً من أربع جهات (إيران وتركيا والسعودية ومصر). زد على كل ما تقدّم التحولات الديموغرافية الهائلة من نزوح متبادل بين هذه الدول، وهو -ورغم كل المأساة التي يُعبّر عنها- عامل إضافي من عوامل الترابط الموضوعي بين مجتمعاتها وفُرصة لاستنهاض الوعي الوطني المشترك بدلاً من مشاعر الكراهية والرفض للآخر.
كل هذه المعطيات الموضوعية تشير إلى المكاسب الكبيرة التي يمكن أن تتحقق عبر توثيق التعاون الاقتصادي حتى لا نقول الدمج الاقتصادي أو حتى الكونفدرالية (هناك من يزال يطالب بفدرالية داخل لبنان بدلاً من كونفدرالية بينه وبين الدول المجاورة).
لكن لا شك أن وجود التقسيم لنحو قرن، وما أعقبه من تشكيل هويات محلية وضمور الهوية الوطنية في ظل غزو ثقافي أجنبي وتكريس هويات دينية سياسية وتنازع طائفي، فعلَ فعله، خاصة وأن اللحظة التاريخية التي كانت مؤاتية لذلك، أي خلال حقبة التحرر الوطني بعد الحرب العالمية الثانية، تم إهدارها من قِبل مَن كانوا يتبنّون خطاب الوحدة. هذا لا يعني التخلي عن فكرة الاتحاد، ولكن يعني أننا لا يمكن أن نكتفي باستنساخ رؤية سعادة بشكل أوتوماتيكي (هذا ضد فكر سعادة نفسه حول دينامية العمل القومي).
فلنعترف وبكل صراحة أنه لا توجد أطراف وازنة اليوم تقوم بمقاربة الاقتصاد من هذا الإطار، أي من باب المصلحة العامة لا من باب المصالح السلطوية أو السياسية الضيقة لهذا لفريق أو ذاك. فنحن عالقون بين نهج سياسي نيوليبرالي رأسمالي يتلطّى بلازمة الديموقراطية والحرية الفردية والسيادة الوطنية، ولكنه يحرّض على العقوبات ومعاد لنهضة الشام ولبنان الاقتصادية وتابع للغرب ومرتزق عند أنظمة البترودولار ومطبّع مع إسرائيل وكاره للمقاومة الإسلامية المسلحة التي حققت انتصارات في لبنان وفلسطين.
وعالقون، من جهة ثانية، بين خطاب إعلامي يعكس نهجاً سياسياً معادياً للغرب المستعمر عن حق، لكن ليس لديه مشروع اقتصادي جدّي ولا يعنيه مواجهة الاقتصاد الحر ويحارب الفساد كلاماً لا فعلاً وغالباً لا يرى في الاقتصاد سوى شأن ثانوي أو وسيلة رخيصة يُثيرها في الرأي العام عندما تتناسب مع معارضة خصومه السياسيين ويتجاهلها أو يبررها عندما تتعلق بحلفائه وسياساته هو ويهمّش كل من ينتقد تلك السياسات ولو من باب النقد البنّاء. هذا رغم إقرار الجميع أنه وفي حربنا مع العدو الإسرائيلي وخلفها الولايات المتحدة، بات المال والاقتصاد سلاحين محوريين في المعركة ولا يجوز الاستخفاف بهما بالطريقة التي تتم حالياً.
ليس الهدف النقد للنقد أو تثبيط الهمم أو تجاهل عوامل خارجية عدة لا تريد لمجتمعنا أن ينهض ويزدهر اقتصادياً. بل الهدف المصارحة الفكرية من أجل تغيير هذا الواقع والاعتراف بمسؤوليتنا تجاهه. وقبل كل شيء كي لا تبقى القضية الاقتصادية ورقة رخيصة في بازار العمل السياسي بل جزءاً لا يتجزأ من مشروع نهضوي ناضل من أجله سعادة وبات ضرورة ملحّة بعد قرن من الزمن.
[نصّ مُقتبس ومُعدّل من مداخلة ألقيت في مؤتمر عن فكر سعادة]
* أستاذ جامعي
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار