آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » تعديلات جوهرية على قانون الاستثمار في سوريا: مرحلة جديدة لتحفيز الاقتصاد واستقطاب رؤوس الأموال

تعديلات جوهرية على قانون الاستثمار في سوريا: مرحلة جديدة لتحفيز الاقتصاد واستقطاب رؤوس الأموال

 

في خطوة تشريعية لافتة تعكس توجهاً جديداً نحو النهوض الاقتصادي، أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع المرسوم التشريعي الرقم 114 لعام 2025، متضمناً تعديلات شاملة على قانون الاستثمار الرقم 18 لعام 2021، وذلك بهدف تعزيز بيئة الاستثمار، وتوسيع الضمانات، وتحفيز رأس المال المحلي والأجنبي على الدخول إلى السوق السورية في مرحلة ما بعد الحرب.

 

 

 

تحديث المفاهيم وصوغ بنية قانونية عصرية

 

من أبرز ما جاء في هذه التعديلات توسيع المادة الأولى من القانون لتعريف مصطلحات الاستثمار بشكل أشمل وأكثر دقة. وقد أدخل المرسوم مصطلحات حديثة مثل “المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية” كمظلة عليا لصوغ السياسات، و”هيئة الاستثمار السورية” كمؤسسة مستقلة ترتبط برئاسة الجمهورية، إضافة إلى تحديث مفاهيم مثل “المال الخارجي”، و”مركز خدمات المستثمرين”، و”منطقة التطوير والاستثمار العقاري”.

 

 

 

 

 

ضمانات قانونية ومالية تعزز الثقة

 

عدّل المرسوم المادة الخامسة لتوفير حزمة من الضمانات القانونية غير المسبوقة، منها منع الحجز الاحتياطي أو فرض الحراسة على المشاريع إلا بقرار قضائي، وحظر نزع الملكية إلا بموجب حكم قضائي وتعويض عادل وفق السعر الرائج. كما حظيت المشاريع بحماية من أي أعباء إجرائية أو مالية جديدة خلال مرحلة التأسيس، إضافة إلى ضمان عدم إلغاء إجازة الاستثمار تعسفياً، مع منح المستثمرين الحق بالاعتراض والطعن أمام القضاء.

 

 

 

 

 

هيكلة مؤسساتية جديدة للإشراف والتنفيذ

 

وفي إطار دعم الحوكمة الرشيدة، أعيد تشكيل المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية ليضم وزراء من القطاعات الاقتصادية الحيوية وخبراء من القطاعين العام والخاص. كما أعيد تنظيم هيئة الاستثمار السورية لتتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وربطها برئاسة الجمهورية، ومنحها صلاحيات لإحداث فروع في المحافظات. وشملت التعديلات أيضاً إعادة تشكيل مجلس إدارة الهيئة بما يوازن بين تمثيل القطاعين العام والخاص.

 

تسريع الإجراءات وتسهيل التراخيص

 

ولتقليص الروتين والبيروقراطية، نصّ المرسوم على إلزام الجهات العامة بت طلبات إجازة الاستثمار خلال 30 يوم عمل فقط، إلى جانب إنشاء مراكز خدمات المستثمرين في كل المناطق التنموية لتكون بمثابة نافذة واحدة تختصر الإجراءات وتعزز الكفاءة.

 

وأبرز ما جاء في التعديلات كان في المواد المتعلقة بالإعفاءات والتحفيزات، إذ تم إعفاء كامل لمستوردات الآلات وخطوط الإنتاج والمعدات الطبية من الرسوم الجمركية، مع إقامة موقتة للمستثمر الأجنبي لمدة سنة قابلة للتجديد. وأقرّ إعفاء ضريبي دائم بنسبة 100% لمشاريع الإنتاج الزراعي والحيواني، إلى جانب خفض ضريبة الدخل بنسبة 80% للمشاريع الصناعية، الطبية، الزراعية، ومشاريع تدوير النفايات.

 

 

 

 

 

 

 

 

تسهيلات إضافية تواكب الواقع الاقتصادي

 

وأتاح المرسوم للمجلس الأعلى تخصيص أراضٍ من أملاك الدولة للمستثمرين وفق أسس اقتصادية عادلة. كما أُلزم المستثمر تشغيل ما لا يقل عن 60% من العمالة السورية، مع مرونة في حال تعذّر ذلك. ونص أيضاً على إمكان إنشاء مركز تحكيم خاص للمنازعات الاستثمارية، والسماح للخبراء الأجانب بتحويل أجورهم بالكامل إلى الخارج. كما أكد المرسوم صراحة أن أحكام قانون الاستثمار الجديد تسري على أي قانون آخر يتعارض معها، وهو ما يعزز وضوح البيئة القانونية ويزيل التعقيدات التشريعية التي لطالما شكلت عائقاً أمام المستثمرين في الماضي.

 

 

 

أهمية التعديلات: بيئة استثمارية أكثر ثقة واستقراراً

 

التعديلات تعكس توجه الدولة نحو بيئة استثمارية مستقرة وآمنة، يقول الخبير الاقتصادي، مدحت نافع لـ”النهار”، مضيفاً: “توفر للمستثمر حماية قانونية واضحة، وآليات اعتراض وطعن قضائي فعالة. هذه الضمانات تُعتبر حاسمة للمستثمر المحلي والمغترب والأجنبي على حد سواء. ومن خلال النافذة الواحدة والإجراءات الملزمة زمنياً، سيتم تسريع دورة الموافقات، وهو عنصر بالغ الأهمية في قرارات الاستثمار”.

 

 

 

 

 

كما أن الإعفاءات الجمركية والضريبية تقلل من تكلفة تأسيس المشاريع وتزيد من جاذبية القطاعات الحيوية كالصناعة والزراعة والصحة والبيئة، بحسب نافع، واشتراط توظيف السوريين والمساهمة في البنية التحتية يضمنان أن يكون الاستثمار أداة لإعادة الإعمار والتنمية، وليس نشاطاً اقتصادياً معزولًا.

 

 

وأخيرا، يلفت إلى أنّ “ربط هيئة الاستثمار بالرئاسة، وتشكيل مجلس اقتصادي يضم خبراء ووزراء، يعكس نضجاً مؤسساتياً في إدارة الملف الاقتصادي”.

 

 

 

انعكاسات على المدى القريب والبعيد

 

ومن أبرز الانعكاسات المنتظرة على المدى القريب والمتوسط، يذكر الخبير الاقتصادي”تسجيل ارتفاع في عدد المشاريع الاستثمارية، بخاصة من المغتربين السوريين، وتحفيز قطاعات الزراعة والصناعة والصحة بشكل خاص، ورفع معدلات التشغيل وخفض البطالة، بالإضافة إلى تحريك قطاع الإعمار والعقارات المرتبط بالاستثمار، وأخيراً تحسين موقع سوريا في مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال عالمياً”.

 

 

 

لكنه يلفت إلى أنّه على رغم المزايا الكبرى لهذه الخطوة، فإن النجاح مرهون بالالتزام الإداري الفعلي بتنفيذ القانون، ومكافحة الفساد والروتين، كذلك، توفير الاستقرار الأمني والسياسي كعنصر لا غنى عنه في بيئة الاستثمار .

 

 

 

في الخلاصة، تشكل التعديلات الأخيرة على قانون الاستثمار خطوة محورية نحو اقتصاد أكثر مرونة وانفتاحاً، وتؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، في مسار يأمل السوريون بأن يقود إلى التنمية، التشغيل، والاستقرار. لكن يبقى النجاح مرهوناً بإرادة تنفيذية قوية، واستدامة في الإصلاح، وثقة تنمو من الفعل وليس فقط من النصوص.

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

منع الصاغة من مزاولة مهنة الصرافة بكل أشكالها

دعت الهيئة العامة لإدارة المعادن الثمينة التابعة لوزارة الاقتصاد والصناعة الصاغة إلى عدم مزاولة مهنة الصرافة بكل أشكالها. وأشارت الهيئة في تعميم لها اليوم تلقت ...