هل تستمر عملية “تفكيك السلاح” الكردي على مدار الأشهر المقبلة؟
في مراسم إعلامية وسياسية استثنائية، قام 30 عنصراً من حزب العمال الكردستاني بتصفية أسلحتهم، استجابةً لنداء زعيمهم عبدالله أوجلان، وفي إطار “عملية السلام” بين الحزب والدولة التركية، ما دفع المراقبين إلى التساؤل عن الخطوات السياسية والقانونية والميدانية المتوقعة خلال الشهور المقبلة، لإتمام هذه العملية.
وجرت العملية بالقرب من “كهف جاسنه” في منطقة سروداش، شمال غرب مدينة السليمانية في إقليم كردستان العراق، وبحضور سياسي وأمني لعدد من الأحزاب الكردية والوطنية من البلدين. ومن اللافت أن المنطقة التي تمت فيها المراسم تحمل بُعداً رمزياً، إذ كانت مركزاً ومنطلقاً لأول ثورة قومية كردية قادها الشيخ محمود الحفيد عام 1919.

وبحسب مصدر سياسي خاص تواصلت معه “النهار”، فإن عملية “تفكيك السلاح” ستستمر على مدار الأشهر المقبلة، وستنطلق تباعاً من المناطق الحدودية بين محافظتي دهوك في إقليم كردستان وشرناق التركية، في جبال كابار وخواكورك وآفشين، بمعدل ألفي مقاتل شهرياً، لتشمل لاحقاً المناطق الشرقية والجنوبية، وصولاً إلى المثلث الحدودي العراقي-التركي-الإيراني، وانتهاءً بجبال قنديل العصية.
لكن المصدر ذاته أوضح أن العملية “لن تكون ميكانيكية”، بل إن وتيرتها وآلياتها ستتوقف على جملة إجراءات يُفترض اتخاذها من الجانب التركي، تتعلق بالمستقبل القانوني للمقاتلين، والتشريعات البرلمانية، والسلوكيات السياسية على الأرض. وأضاف: “ثمة حد أدنى لا يمكن القبول بما هو دونه في هذه العملية، وسيتم الكشف عنه خلال الأسابيع المقبلة”.
ورحّب رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني بعملية التسليم الأولية، وقال في بيان رسمي: “إن عملية السلام تأتي في وقت حساس تمر به المنطقة، ما يستدعي من جميع الأطراف بذل أقصى الجهود لضمان نجاحها”، شاكراً زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، وزعيم الحركة القومية التركية دولت بهجلي، بوصفهما مبادرَين وراعِيَين للعملية.
بهجلي، من جهته، أصدر بياناً استثنائياً عقب عملية التسليم، قال فيه إنّ “أوجلان وفى بوعده، وظل ملتزماً بتعهداته، وقد رصد التهديدات الإقليمية والدولية في الوقت المناسب. نحن أمام مرحلة جديدة ومليئة بالأمل لتركيا والمنطقة عموماً”. كما صدرت بيانات مرحّبة من حزب الشعوب الديموقراطي، المؤيد لحقوق الأكراد في تركيا، ومن عدد من الأحزاب والقوى السياسية التركية.

لكن المراقبين لاحظوا نبرة حادة وتصعيدية في خطاب حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عقب العملية، وفسّروها كمحاولة لمقاومة ضغوط التيارات القومية والمعارضة، التي تريد تصوير الحزب كمتنازل في سبيل بقائه في السلطة بأي ثمن.
فقد أعلن المتحدث باسم الحزب عمر جليك أن “عملية نزع السلاح والحل تشمل قوات سوريا الديموقراطية في سوريا، وحركة بيجاك في إيران، وكذلك حلّ التنظيمات الأيديولوجية والمالية المرتبطة بالعمال الكردستاني، والعاملة بشكل غير قانوني في تركيا وأوروبا ومناطق أخرى”، وهو ما اعتبره المحللون تصعيداً وتعقيداً إضافياً للملف. لكنه عاد وأوضح: “في حال دعت الحاجة إلى ترتيبات جديدة ضمن إطار هذه العملية، فإن لجنة داخل البرلمان ستتولى المهمة، وتوفر لها أرضية ومرجعية، وتكون بمثابة بوصلتها”.
وفي هذا السياق، يربط الباحث والكاتب السياسي سيامند سلوبي، في حديث إلى “النهار”، إمكانية استمرار عملية تسليم السلاح الكردي بما يصدر عن الطرف الآخر، أي الدولة التركية.
ويقول: “من المفترض أن يُلقي الرئيس رجب طيب أردوغان، خلال الأيام وربما الأسابيع المقبلة، خطاباً سياسياً، تُروّج أوساط حزب العدالة والتنمية على أنه سيكون تاريخياً. ولذلك، فإن بنية الخطاب، وما سيتضمنه من وعود، وآلية توصيفه للمسألة الكردية، ستكشف طبيعة استجابة الدولة التركية والأحزاب الحاكمة لعملية السلام مع العمال الكردستاني. فإذا كان الخطاب فوقياً، ينمّ عن حس انتصاري ولا يحمل أفقاً حقيقياً للمسألة الكردية، فستتعثر الأمور… والعكس صحيح”.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _النهار اللبنانية