ناديا سعود:
بعد أن أتت الحرائق على آلاف الهكتارات من الأراضي الحرجية والزراعية في مناطق واسعة من سوريا، تتجه الأنظار نحو الجهود الهادفة إلى إعادة التشجير واستعادة الغطاء النباتي الذي يمثل الرئة الطبيعية للبلاد.
في هذا السياق، تحدث المهندس الزراعي موسى البكر لـ”الثورة”، مسلطاً الضوء على واقع المناطق المتضررة، وآفاق تجدد الغطاء الأخضر، وآلية العمل المستقبلية التي يتطلبها هذا المشروع البيئي والوطني الكبير.
من الرماد.. تبدأ الحياة
أشار البكر إلى أن المساحات التي طالتها الحرائق كانت مناطق خضراء بالكامل، وتحولت اليوم إلى رماد، ما يستدعي تدخلاً علمياً ومدروساً لإعادة تأهيلها، وأوضح أن أنواعاً عديدة من النباتات، وخاصة الصنوبريات، قد تضررت بشكل كامل حيث تفحمت جذوعها ولم تعد قادرة على التجدد الذاتي.
في المقابل، لفت إلى أن بعض الأنواع كـالبلوط، السنيديان، والزيتون تمتلك قدرة على التجدد الطبيعي، ما يفتح باب الأمل أمام عودة الحياة إلى هذه المناطق.
وأكد البكر أن عملية التشجير لا يمكن أن تكون ارتجالية أو مجرد استجابة لحملة عاطفية، مشددا على أن لكل شجرة موعد زراعة محدد. وتابع: “سنبدأ زراعة الأشجار بالشهر العاشر والـ11، وكل شجرة إلها توقيتها، لذلك مهم يكون التشجير سريع لكنه كمان مدروس.”
وأضاف: إن النداءات التي تدعو إلى التشجير الفوري مطلوبة ومحببة، لكن التنفيذ يجب أن يتم ضمن خطط واضحة وزراعات مناسبة للبيئة والتوقيت والمكان.
المساحات المحروقة.. ليست فقط الساحل
وأوضح البكر أن الحرائق لم تقتصر على المنطقة الساحلية التي التهمت النيران فيها ما يقارب 15 ألف هكتار، بل هناك مساحات واسعة في أرياف إدلب وحماة وحلب، تعرضت للإهمال والتجريف طوال 14 عاماً بسبب ممارسات النظام السابق، ما يجعل الحاجة إلى حملات تشجير وطنية واسعة تشمل مختلف المحافظات.
وأشار إلى أن بعض أنواع النباتات الرعوية والطبية تتميز بجذور قوية، قادرة على التجدد الطبيعي، ما يعني ضرورة الانتظار ومراقبة الأرض قبل البدء بأي تدخل زراعي، وقال: “الانتظار سنتين على الأقل ضروري لنرى إذا الجذور ستتجدد… ليس كل شيء ينزرع فوراً.”
واختتم البكر حديثه بالتأكيد على أن التشجير لا يجب أن يكون مجرد رد فعل مؤقت، بل جزءا من مشروع وطني طويل الأمد يهدف إلى إعادة سوريا خضراء كما كانت، بل أفضل مما كانت عليه.. داعياً إلى تنظيم حملات تشجير مدروسة تشمل الغابات، الأراضي الرعوية، والمناطق الزراعية، بالتعاون بين الجهات المختصة والمجتمع المحلي، الغابات هي رئة سوريا، وتشجيرها هو تشجير لمستقبل أبنائنا ومناخنا وصحتنا.
أخبار سوريا الوطن١-الثورة