محمود ديبو:
كيف يبنى الاقتصاد الصحيح؟.. وما هي الركائز الحقيقية التي يجب تأمينها؟.. وكيف يتعزز الإنتاج المحلي وينمو ويتطور في ظل اقتصاد سوق حر؟.. وكيف يرتبط هذا بدعم التصدير وفتح الأسواق الخارجية أمام الإنتاج المحلي؟.
هي سلسلة من الأفكار والتساؤلات توجهنا بها إلى أهل الاختصاص والخبرة، لإيضاح ملامح الخطوات الضرورية، للوصول إلى نتائج إيجابية وتحقيق النمو الاقتصادي المنشود.
يقول نائب رئيس مجلس إدارة جمعية العلوم الاقتصادية محمد الحلاق: إن الوصول إلى اقتصاد صحيح يبدأ أولاً من تحديد قاطرته.. هل هي الزراعة أم الصناعة أم التجارة والسياحة؟.. وهذا يعني أن نحدد نقاط القوة التي يمتلكها الاقتصاد ونركز عليها لننطلق منها نحو بناء اقتصادي يعتمد على تشارك جميع مكونات الاقتصاد السوري.
منظومة اقتصادية
ويضيف الحلاق: هنا يستتبع إنجاز منظومة اقتصادية متوائمة مع بعضها (مالية، وتشريعية، وقانونية، واقتصادية)، فإذا قلنا مثلاً: إن قاطرة النمو هي التجارة، فهنا لا بد من ترتيب الأطر المرتبطة بهذا النشاط الاقتصاد، وأولها الجمارك، وقوانين حماية المستوردات، ووضع قائمة سلبية للاستيراد، وهكذا وصولاً إلى تحديد دور ومسؤوليات وزارة التجارة الداخلية.
وإذا وقع الخيار على الصناعة كقاطرة نمو للاقتصاد فهنا تبرز أهمية البحث في كيفية تأمين المواد الأولية، وصياغة جيدة لقانون العمل الخاص يعطي للعامل وصاحب العمل حقوقه ويحدد واجباته، ولا بد من خلق تنافسية بالأسواق، كذلك بحث تأمين فرص العمل، والسعي لفتح أسواق تصديرية مروراً بقوانين المالية والتجارة الداخلية ودورها في مراقبة الأسواق.
وفي مسألة دعم الإنتاج المحلي، يرى الحلاق ضرورة في لحظ خصوصية كل صناعة (النسيجية، الكيميائية، الغذائية، الهندسية)، والأهم هنا تأمين الظروف المناسبة لتمكين هذه الصناعة من خلق قيمة مضافة، مع إيجاد السياسات الاقتصادية التي توائم بين الصناعة والتجارة من خلال لجان مشتركة من غرف الصناعة والتجارة بإشراف مباشر من الحكومة للتنسيق بينهما واتخاذ القرارات المناسبة، ولحظ عناصر التنافسية لتمكين المنتج المحلي والتي أهمها السعر والإنتاج، ومكان وجود المنتج، وأسلوب العرض وأماكن الاستهلاك وغيرها.
ويبقى أساس النجاح في أي نشاط اقتصادي- بحسب الحلاق- هو توفير آليات التمويل والإقراض، واعتماد سياسة مالية ونقدية مناسبة، حيث أن شحّ السيولة يؤدي إلى تراجع الأعمال والصناعة، ومن الضروري اليوم تحريك الأموال المودعة في المصارف للاستفادة من ريعيتها الاقتصادية من خلال زجها في العملية الإنتاجية.
ويتابع: تعتمد آليات حماية المنتج المحلي بالأساس على مبدأ تمكين المنتج من خلال تخفيض تكاليف الإنتاج بأساليب مختلفة، ورفع تنافسيته وبهذا تتحقق الحماية ولا يتأذى مبدأ اقتصاد السوق الحر الذي تم اعتماده كنهج للاقتصاد السوري.
دعم التصدير
ويرى الحلاق أن دعم تصدير الإنتاج المحلي ورفع تنافسيته يحتاج إلى اعتماد آليات معينة، مثل تخفيض تكاليف الطاقة على الصناعي، وكذلك ضرائب الدخل غيرها وتحفيز المشاركة في المعارض الخارجية لتسويق المنتجات المحلية في الأسواق العالمية، مع الإشارة إلى تخفيض الرسوم الجمركية على مدخلات الإنتاج، بمقابل فرضها على المستوردات الجاهزة للبيع والتي لها مثيل محلي وذلك لدعم تنافسية المنتج المحلي.
ولفت إلى حساسية التعامل بالقطع الأجنبي التي كانت في السنوات السابقة آلياته مربكة للعمل وتنطلق من أفكار مشوهة تبدو وكأن الغاية منها هي دعم الاقتصاد، لكن الحقيقة كان يتم نهب الاقتصاد من خلالها، لذلك فإن التعامل بالقطع الأجنبي يجب أن يكون مرناً وسهلاً وميسراً ومنظماً بحيث لا يواجه أي عوائق، وهنا لا بد من دور للمصرف المركزي يكون قادراً من خلاله على التدخل بيعاً وشراءً بسوق القطع، ويمكن المصارف وشركات الصرافة من ضبط السعر ومنع حالات التلاعب بسعر الصرف.
ويركز الحلاق على أهمية الاعتماد على أهل الخبرة والمهنية المحليين، انطلاقاً من مبدأ لكل اقتصاد خصوصيته وظروفه وشروطه بالتعامل لا يعرفها إلا من عمل فيه، فهم الأقدر على تحديد احتياجات النمو والتطور الاقتصادي أكثر من أي خبراء خارجيين، فهؤلاء الذين عملوا على الأرض لسنوات طويلة تبلورت لديهم الخبرات واكتملت الصورة بحيث باتوا يمتلكون معرفة خصوصية الاقتصاد وتفاصيله (متى يتأثر المستهلك، وكيف يتخذ قراراته بالشراء؟.. كذلك كيف تتعامل الفعاليات الاقتصادية مع الغرف والاتحادات وسواها..)؟.
خطوات ضرورية
فتجاربهم العملية على مدى سنوات طويلة- والكلام لحلاق- تعطيهم الأفضلية في إبداء الرأي والاستعانة بهم في رسم ملامح الخطوات الضرورية للنهوض بالاقتصاد الوطني من خلال تحديد نقاط القوة والضعف والاحتياجات، وما يتخلل ذلك من ملاحظات على التشريعات والقوانين والتعليمات والضوابط التي تؤثر على مسيرة الاقتصاد.ومن الضوابط ما يحتاج إلى تعديل أو تصويب أو غير ذلك، مشيراً إلى أن أهل الاختصاص لديهم خبرة في طبيعة العمل وطبيعة الأفراد واحتياجاتهم وكيفية تأمين هذه الاحتياجات، وهذا ما يفسر اعتماد الكثير من الشركات الأجنبية التي تأتي للاستثمار في سوريا على الخبرات المحلية لتضمن استمراريتها وثباتها في السوق السوري.
أخبار سوريا الوطن١-الثورة