رغم نمط الحياة النشط الذي يعيشه صيادو الغابات ومزارعو القرى النائية، إلا أنّ كمية السعرات التي يحرقونها يوميًا ليست أعلى بكثير مما يحرقه موظف يجلس خلف مكتب في نيويورك أو باريس! هذا ما توصلت إليه دراسة علمية حديثة قلبت المفاهيم السائدة حول السمنة والنشاط البدني رأسًا على عقب.
نتائج الدراسة: الجميع يحرق تقريباً نفس القدر من الطاقة
أظهرت الدراسة التي نُشرت أخيراً في مجلة PNAS أنّ إجمالي الطاقة اليومية التي يستهلكها الجسم، أي السعرات الحرارية التي يحرقها، متشابه بين مجتمعات تقليدية مثل «الهَدزا» في تنزانيا، و«التسيماني» في بوليفيا، وهي مجتمعات تعتمد على الزراعة والصيد، وبين سكان المدن الصناعية في الغرب، بعد احتساب وزن الجسم وتركيبته.
المفاجئ أن «الهَدزا»، الذين يقضون ساعات يوميًا في الصيد والمشي والعمل اليدوي، لا يحرقون أكثر من أقرانهم الغربيين، رغم الفارق الكبير في نمط الحياة. كيف حصل هذا؟ الإجابة تكمن في آليات الجسم الذكية.
ما وراء الظاهرة: «نموذج الإنفاق المحدود للطاقة»
لفهم هذه النتائج، طوّر الباحثون ما يُعرف بـ «نموذج الإنفاق المحدود للطاقة». وفق هذا النموذج، يحافظ الجسم على كمية طاقة محددة تُستهلك يومياً، حتى عند زيادة النشاط البدني، إذ يعوّض ذلك بتقليل إنفاق الطاقة على وظائف أخرى كالمناعة أو الصيانة الخلوية.
بعبارة أخرى، يعمد الجسم إلى «إعادة التوزيع» بدل أن يرفع معدل الحرق، ما يفسر لماذا لا تؤدي التمارين وحدها دائماً إلى خسارة وزن فعّالة.
إذاً… ما سبب السمنة؟
اللوم يقع على النظام الغذائي، وتحديداً الأطعمة الفائقة التصنيع
اللوم يقع على النظام الغذائي، وتحديداً الأطعمة الفائقة التصنيع
بما أنّ النشاط البدني ليس العامل الحاسم، فإنّ اللوم يقع على النظام الغذائي، وتحديداً الأطعمة الفائقة التصنيع. هذه الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون والمضافات تحفّز الأكل المفرط، وهي مسؤولة عن الارتفاع الهائل في معدلات السمنة في الدول الغنية.
وقد أظهرت الدراسة علاقة مباشرة بين نسب استهلاك هذه الأطعمة في المجتمعات وزيادة الدهون في الجسم.
أدلة داعمة من حول العالم
دراسات ميدانية سابقة على مجتمعات «الهَدزا» و«التسيماني» دعمت هذه النتائج: رغم ساعات العمل البدني الطويلة، فإن كمية الطاقة اليومية المصروفة متقاربة مع المجتمعات الحضرية، ما يثبت أن النشاط البدني ليس وحده كافيًا.
ماذا نفعل الآن؟ نصائح عملية
– مارس الرياضة لصحة القلب والمناعة والعقل، لا فقط لخسارة الوزن.
– قلّل من استهلاك الأطعمة الفائقة التصنيع.
– ركّز على الأغذية الطبيعية والمغذية.
– افهم كيف يعمل جسمك لتتبنّى نظامًا مستدامًا.
تغيير جذري وفهم أعمق
السمنة ليست نتيجة كسل، بل غالبًا نتيجة طعام مفرط التصنيع! وما نحتاجه هو تغيير جذري في علاقتنا بالطعام، وفهم أعمق لكيفية عمل الجسم. لأن الأمر لا يتعلق فقط بمدى حركتنا، بل بما نأكله وكيف نعيش حياتنا.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار