يوسف فارس
كأنّ ما كان ينقص الغزّيين هو هجوم التصريحات والمواقف الأميركية والإسرائيلية التي تشي بانهيار جولة المفاوضات في الدوحة حول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة، بعد أن كانت التهدئة المنوط بها وقف المجاعة والمجازر، على مرمى حجر. هكذا، دخل أهالي القطاع في موجة حادّة من اليأس، على وقع تصريحات مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ثم تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والتي أعلنا فيها انهيار المفاوضات وسحب الوفد المفاوض، واتّهما حركة «حماس» بأنها ترفض إبداء المرونة اللازمة للتوصّل إلى صفقة تبادل.
الوقع السيّئ الذي أحدثه الانقلاب المفاجئ في المشهد السياسي، من ذروة التفاؤل بقرب التوصّل إلى هدنة، إلى انتهاء الآمال والإعلان عن فشل جولة التفاوض، مردّه أنّ أهالي القطاع يصبّرون أنفسهم على واقع التجويع القاسي بقرب التوصّل إلى هدنة تكسر حدّة المجاعة التي تجاوز عدد ضحاياها 120 شهيداً، قضى 12 مواطناً منهم في خلال 24 ساعة.
وبالتزامن مع انسداد الأفق السياسي، لا تزال المواقف العربية من المجاعة تراوح مكانها، إذ لم يطرأ حتى اللحظة أي اختراق في ما يخصّ دخول المساعدات، عدا المشهد العشوائي لدخول بضع شاحنات من الطحين يومياً إلى المناطق الحمراء الخطيرة. واحتشد عشرات الآلاف من المواطنين، أمس، قرب بوابة موقع «زيكيم» العسكري، أقصى شمال مدينة بيت لاهيا شمال القطاع، حيث انتظروا تحت الشمس الحارقة لعشر ساعات، ليسمح جيش الاحتلال بعد ساعات الانتظار الطويلة بدخول 8 شاحنات فقط، اندفع عليها عشرات الآلاف من الجوعى وعاد أكثرهم بخفّي حنين.
ارتفاع عدد ضحايا المجاعة في القطاع إلى 120 شهيداً
المشهد نفسه تكرّر في مدينة خانيونس جنوبي القطاع، حيث دخل عدد محدود جداً من شاحنات المساعدات لا يتجاوز الـ 10، من دون أن يحدث فارقاً في واقع الجوع. ويقول كريم الأسمر وهو نازح من شمال غزة يعيل عائلة مكوّنة من 10 أبناء: «معظم الناس المنهكين من الجوع والتعب لا يستطيعون الوصول إلى المناطق البعيدة والخطيرة للحصول على الطحين. وإن وصلوا، لا يستطيع كبار السنّ منهم خوض المعارك مع العصابات وحمَلة السلاح الأبيض. منذ ثلاثة أيام لم نأكل أنا وأطفالي لقمة خبز واحدة. كميات الطحين يسرقها اللصوص وتُباع في الأسواق بأسعار فلكية: 70 شيكلاً (23 دولاراً) للكيلوغرام الواحد من الطحين. لا يستطيع معظم الناس الشراء بهذا السعر يومياً».
ويضيف الأسمر في حديثه إلى «الأخبار»: «توقّفت التكايا عن الطهي منذ شهر ونصف شهر. معظم الناس لا يجدون لقمة واحدة تسدّ جوعهم. وأمام الخيارات التي تفرضها إسرائيل لتوزيع المساعدات، سواء بالشكل العشوائي على الحدود، أو بمصائد الموت الأميركية، سيموت الكثير من الناس جوعاً».
وعلى الصعيد الميداني، واصل جيش الاحتلال سلوكه اليومي في ارتكاب المجازر الجماعية، إذ وصل عدد الشهداء في خلال اليومين الماضيين إلى 85 إلى جانب المئات من الجرحى، علماً أنّ 20 من الشهداء هم من منتظري المساعدات في شمال القطاع وجنوبه، فيما قضى 5 شهداء في مجزرة طاولت مركز إيواء «مدرسة القاهرة» في مدينة غزة. كما استشهد 5 مواطنين في استهداف سيارة مدنية في حي الشيخ رضوان شمال القطاع، واستشهد 10 آخرون في غارات استهدفت عدداً من خيام النازحين في مناطق متفرّقة من غزة.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار