آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » في حضرة الزيتون… ودّعنا الحبيب

في حضرة الزيتون… ودّعنا الحبيب

 

رنا علوش

 

«لم يكن زياد ليقبل بهذا»، هكذا علّق محبّوه على كلّ تفصيلٍ لم يوافق توقّعاتهم يوم وداعه أول من أمس. هم جمهوره. يتحدّثون عن أمانيه ومقاصده، وكأنّه أوصى إليهم بوصيّته الأخيرة. لكنها، في الحقيقة، ليست سوى أمنياتهم هم، انعكاس لما كانوا يتمنّونه له ولأنفسهم. من منّا يستطيع أن يجزم ما الذي كان يريده راحلنا بالتحديد؟ هو الذي بلغ مرحلةً من العدميّة، جعلته ــ على ما يبدو ــ لا يكترث كثيراً بكيفيّة وداعه… وحتى هذه العدميّة، لا يمكننا الجزم بها. تمنّى محبّوه أن يحملوا نعشه، عوضاً عن السير خلفه في سيارة مفيّمة.

 

تمنّى محبّوه أن

يحملوا نعشه، عوضاً

عن السير خلفه

في سيارة مفيّمة

 

أرادوا أن تُبثّ أغانيه من مكبّرات الصوت، وتمنّوا لو غابت المراسم الدينيّة عن التشييع. طبعاً، لا يمكننا لومهم على هذه التمنيات الصادقة. لكن، يمكننا أن نمتنّ للنصف الممتلئ من الكوب. في يوم تشييع الرجل الذي رفع صوتنا عالياً، نحن الذين نقف على الأرض… أو نجلس، كانت لدينا فرصة للبكاء. بكيناه، وبكينا معه خذلاناً يرافقنا منذ أكثر من عامٍ ونصف عام. راحلنا «اللاديني»، جمع المختلفين والمتخاصمين في كنيسة. وفي مراسم توديعه، سمحت لنا فيروزتنا أن نشاركها حزنها، أن نواسيها، ونُواسَى بها.

نعم، ربّما كان هناك الكثير من التفاصيل التي لا تُشبه زيادنا. لكن كنيسة «رقاد السيّدة»، التي أُقيمت فيها مراسم الوداع، تطلّ على حقلٍ مملوءٍ بشجر الزيتون. تلك الشجرات العتيقة، التي لامست صفرة الشمس أغصانها، كانت ــ من دون شك ــ أكثر ما يشبه ثائرنا الراحل. تشبهه في الوجود، في الحنان، في الحب، وفي الصمود. تشبهه في الرمز الذي تحمله منذ أن خُلق كيان الاحتلال، ذلك الرمز الذي ظلّ حبيبنا وفيّاً له، حتى الرَمق الأخير.

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

«بضعُ جملٍ قصيرةٍ عن الكتابة»… والتحليقُ فوق بحر الكلمات!

يفاجِئُك كتابُ «بضعُ جملٍ عن الكتابة» (تأليف فيرلين كلينكنبورغ/إصدارات دار نينوى/ترجمة مأمون الزائدي)، إذ تعتقد لوهلة أنك أمام كتاب من تلك التي تُصنّف على قائمة ...