آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » أميركا – إسرائيل: توافق على إدارة الإبادة

أميركا – إسرائيل: توافق على إدارة الإبادة

 

ريم هاني

 

 

 

اندفعت كلّ من الولايات المتحدة وإسرائيل، كعادتهما كلما اشتدّ الضغط الدولي عليهما لوضع حدّ للإبادة الدائرة في غزة، إلى محاولة الإيحاء باتخاذ خطوات «جدّية»، في الأيام الماضية، لـ«معالجة» الحالة الإنسانية الكارثية في القطاع، فيما انشغلت وسائل الإعلام الغربية بالترويج، مرة جديدة، لوجود «تباينات» بين إدارة دونالد ترامب وحكومة بنيامين نتنياهو. ويأتي ذلك في الوقت الذي بات واضحاً فيه أنّ تصرفات إسرائيل كافة مدفوعة بـ«ضوء أخضر» أميركي، وأنّه من غير المتوقّع أن يتغيّر هذا الواقع تحت أي ظرف.

وفي خضمّ الإحباط المتزايد من جراء ذلك، ولا سيما في أوساط حلفاء واشنطن الأوروبيين، والذين عقدوا، جنباً إلى جنب دول أخرى، أخيراً، مؤتمراً في نيويورك، قاطعته الولايات المتحدة وإسرائيل، حول «حل الدولتين»، عمد ترامب، الإثنين، إلى التشكيك في مواقف حليفه نتنياهو حول أنّ «المجاعة الجماعية في غزة مبالغ فيها». وعلى غرار من يتوصل لتوّه إلى خلاصات «غير مسبوقة»، قال الرئيس الأميركي، خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، في أسكتلندا الإثنين: «علينا إطعام الأطفال»، مضيفاً أنه «بناءً على صور الفلسطينيين الجائعين التي شوهدت على شاشة التلفزيون، يبدو هؤلاء الأطفال جائعين جداً». وجاء هذا التصريح بعدما أعلنت إسرائيل، الأحد، وقفاً مؤقّتاً للعمليات العسكرية لمدة عشر ساعات في أجزاء من غزة، بذريعة «السماح للأردن والإمارات بإسقاط المواد الغذائية وغيرها من الإمدادات الإنسانية على القطاع»، علماً أن جماعات حقوق الإنسان تؤكد أنّ إسقاط المساعدات جواً لا يمكن أن يوفّر بديلاً من المعابر البرية، التي لا تزال إسرائيل تحاصرها على نطاق واسع.

وحول ذلك، أوردت صحيفة «وول ستريت جورنال» أنّ إدارة ترامب، أعربت، في الأيام الأخيرة، عن إحباطها من الإجراءات الإسرائيلية في سوريا وغزة، في ضوء تزايد الانتقادات في أوساط أنصار ترامب داخل «ماغا»، بسبب دعم الأخير لنتنياهو، الذي «يجرّ الولايات المتحدة إلى مستنقع من الحروب الإقليمية». ونقلت الصحيفة عن مستشار سابق في عهد جو بايدن، قوله إنّ «التغيير الأساسي الذي يجب الاعتراف به في معالجة مستقبل الشرق الأوسط هو أن إسرائيل أصبحت الآن أقوى قوة في الشرق الأوسط»، واستدراكه بأنّه «للمفارفة، لا يُعدّ هذا بالضرورة خبراً جيداً لإسرائيل أو الولايات المتحدة»، ولا سيما أنّ قوة إسرائيل تدفعها إلى المبالغة في استخدامها «وإطالة أمد حروبها في غزة وخارجها».

 

لن يقطع أي رئيس أميركي الدعم الكامل لإسرائيل لمجرّد إرسال «رسالة» إليها

 

 

على أنّ المصدر نفسه أكّد أنّ إدارة ترامب شجّعت جزئياً «عناد إسرائيل»، ولا سيما أنّ القرار الذي اتّخذه الرئيس بالانضمام إلى الهجوم الإسرائيلي على إيران في حزيران، كان سبباً في تعزيز وجهة نظر إسرائيل عن أن الولايات المتحدة تدعم أهدافها في الشرق الأوسط وتتوافق معها. وبحسب بعض المسؤولين والمحلّلين الأميركيين السابقين، فإنه فيما يتمتع ترامب بنفوذ أكبر إزاء نتنياهو مقارنة ببايدن، وعلى الرغم من معارضة بعض أعضاء تكتّله لسياساته، فإنّ الرئيس الأميركي لا يزال بعيداً عن كونه يواجه «ثورة من الجمهوريين في الكونغرس»، تهدّد بعرقلة نهجه تجاه إسرائيل.

من جهتهم، لفت مراقبون آخرون إلى أن واقع العلاقة بين الطرفين «أكثر تعقيداً بكثير»؛ إذ إنّه وبينما تبيع الولايات المتحدة لإسرائيل أسلحة متقدّمة وتدافع عنها بنشاط ضد الهجمات، فلن يقطع أي رئيس أميركي ذلك الدعم بالكامل لمجرّد «إرسال رسالة إلى إسرائيل». وطبقاً لهؤلاء، يدرك نتنياهو هذا الأمر، وأنه «لن يفقد الدعم الأميركي في كلّ ما يفعله». ووصف فيليب غوردون، الذي كان يشغل منصب مستشار الأمن القومي لنائبة الرئيس كامالا هاريس، في حديث إلى الصحيفة، رئيس وزراء الاحتلال بأنّه «ممثّل ذو خبرة وماكر، ويعرف أنه قادر على الإفلات من الكثير».

على أنّ ما تقدّم لا يعني، بالضرورة، أنّ حرب إسرائيل لن تضرّ، على المدى البعيد، باستراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة؛ فبحسب مجلة «فورين أفيرز»، فإنّ «استمرار احترام ترامب لإسرائيل وانسحابه من المفاوضات أخيراً هما خطأ فادح». واستذكرت المجلة تصريحات نتنياهو، في أيار، عندما قال إنّ إسرائيل «تدمّر المزيد والمزيد من المنازل، وليس لدى الغزاويين مكان يعودون إليه»، مشيراً إلى أنّ «النتيجة الحتمية الوحيدة ستكون دفع سكان غزة إلى الهجرة خارج قطاع غزة». وبصورة أعمّ، وحتى لو وافق نتنياهو على وقف إطلاق النار قصير الأمد، فإن معالجة حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم «لا يمكن أن تكون جزءاً من أي اتفاق، نظراً إلى أنّ الرجل يعتبر فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة تهديداً لإسرائيل»، وهو ما أكّده خلال زيارة إلى البيت الأبيض في تموز.

وعليه، حذّر أصحاب الرأي المتقدّم من أنّ صيغة نتنياهو غير متناسبة مع هدف «إنهاء الصراع في الشرق الأوسط»، نظراً إلى أنه ما من حكومة عربية ستقبل التهجير القسري للفلسطينيين. علاوة على ذلك، أوضحت الدول العربية بشكل متزايد أنها لم تعد مستعدّة لتعميق علاقاتها أو تطبيعها مع إسرائيل، حتى إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة. بالتوازي، أعلنت فرنسا أنها ستعترف بدولة فلسطين، فيما تتعرّض الحكومة البريطانية لضغوط داخلية متزايدة، للذهاب أبعد من العقوبات التي فرضتها على وزراء إسرائيليين محدّدين، والموافقة على فرض حظر كامل على صادرات الأسلحة إلى إسرائيل ودعم محاكمات المحكمة الجنائية الدولية لنتنياهو ووزير الأمن الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك التجويع المتعمّد لسكان غزة.

وقالت الصحيفة: «إذا تُرك نتنياهو من دون رادع، فقد ينجح قريباً في فرض نزوح جماعي للفلسطينيين، ما يمنع ترامب من إعادة معايرة سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بشكل صحيح، ومن تقليل البصمة العسكرية الأميركية في المنطقة». ورأت أنّ ترامب يتمتع «بمساحة أكبر للمناورة مقارنة بأي رئيس أميركي آخر في الآونة الأخيرة»، وعليهِ، بالتالي، «أن يستخدم كامل ثقل القوة الأميركية لإجبار نتنياهو على إنهاء طموحاته الإقليمية وقبول السلام الذي يسمح بالاعتراف بدولة فلسطين المستقلة، نظراً إلى أنّ تلك هي الطريقة الوحيدة التي يمكن لترامب من خلالها أن يكون صانع سلامٍ حقيقيٍّ في الشرق الأوسط»

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الأمم المتحدة: 1373 فلسطينياً قتلوا أثناء انتظار المساعدات في غزة منذ أواخر أيار

  أعلن مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الجمعة أن 1373 فلسطينياً قُتلوا، معظمهم بنيران الجيش الإسرائيلي، أثناء انتظارهم المساعدات في قطاع غزة الذي ...