آخر الأخبار
الرئيسية » تربية أخلاقية وأفعال خيرية » الوضع القائم تغيّر إلى الأبد: استباحة «الأقصى»… طقساً عاديّاً

الوضع القائم تغيّر إلى الأبد: استباحة «الأقصى»… طقساً عاديّاً

 

أحمد العبد

 

 

على وقع الاستباحة الأكبر للمسجد الأقصى من قِبل مستوطنين ووزراء ونواب في «الكنيست»، لمناسبة «ذكرى خراب الهيكل»، لم يَجد بنيامين نتنياهو سوى الديباجة المستهلَكة، والقائلة إنّ «إسرائيل تحافظ على الوضع القائم» في الحرم القدسي من دون تغيير. لكن ما جرى، أمس، يثبت أنّ الوضع القائم في الحرم تغيّر إلى غير رجعة؛ فاقتحام أربعة آلاف مستوطن، بقيادة وزير الأمن القومي المتطرّف إيتمار بن غفير، ووزير الأمن يسرائيل كاتس، ونواب في «الكنيست» ظهروا كلّهم مع المستوطنين في باحة المسجد، حيث صلّوا للمرّة الأولى بشكل علني، يؤكّد أنّ كلّ شيء تغيّر.

ويحمل هذا الحدث نذر شؤم حول مستقبل الحرم، خصوصاً في ظلّ ردود الفعل السخيفة عربيّاً وإسلاميّاً على ما جرى، والتي يفهمها قادة المستوطنين والجماعات المتطرّفة ضوءاً أخضر للاستمرار في مخطّطاتهم، وصولاً إلى تنفيذ الخطوة الأهمّ: إقامة كنيس يهودي داخل المسجد الأقصى، وربّما إقامة الهيكل على أنقاضه.

وشكّل الاقتحام الأكبر من نوعه لـ«الأقصى»، أحد أكثر الأيام سواداً منذ احتلاله عام 1967. ففي ذكرى «خراب المعبد»، أقام المستوطنون الطقوس التوراتية والصلوات التلمودية العلنية في «الأقصى»، كالسجود الملحمي في الساحات الشرقية، والرقص والهتاف والصراخ والتصفيق على وقع أنشودة «سيُبنى الهيكل». وما كان سابقاً ممنوعاً من قِبل شرطة الاحتلال، بات اليوم مسموحاً ويحظى برعاية رسمية من حكومة إسرائيل. وأدّى المستوطنون عند المصلى المرواني، «صلاة الشماع» التوراتية، وأدخلوا لفائف «التيلفن» الخاصة بطقوسهم إلى داخل المسجد، في يوم ربّما يُذكر لاحقاً باعتباره نقطة تحوّل كبرى في عملية تغيير الوضع القائم إلى الأبد. ومن شأن ذلك أن يفتح شهية «جماعات الهيكل» على المضيّ قدماً في كسر ما تبقّى من قيود، كتقديم القرابين الحيوانية، كتوطئة لبناء الكنيس داخل «الأقصى».

ويبدو أنّ إسرائيل استطاعت، بالفعل، ترسيخ التغيير، ضمن إستراتيجية التغيير الطويل الأمد، التي استخدمتها في الحرم الإبراهيمي أثناء العقود الثلاثة الماضية، والتي تسعى إلى تكرارها اليوم في «الأقصى». فالحرم الإبراهيمي الذي كان إسلاميّاً خالصاً، عملت إسرائيل على تقسيمه مكانيّاً عام 1994، عقب مجزرة الحرم، فيما أصدرت أخيراً قراراً بسحب إدارته من الأوقاف الإسلامية، وتسليمها إلى مجلس مستوطنة كريات أربع. ويمكن القول إنّ اقتحام الأحد، وباعتباره الأكبر من حيث عدد المقتحمين، يمثّل انتهاء مرحلة انتقالية في تهويد «الأقصى»، تمهيداً لقضمه بالكامل وتحويله إلى هيكل يهودي خالص. على أنّ مشاركة وزيرين، وثلاثة أعضاء «كنيست» (الوزيران من حزب «القوة اليهودية»، وأعضاء «الكنيست» من حزب «الليكود»)، تثبت حقيقة تغيير الوضع القائم في «الأقصى»، وأنّ ذلك يجري بغطاء سياسي رسمي.

 

ليس ما جرى في «الأقصى»، سوى جزء من المشهدية العامة في الضفّة الغربية

 

 

وليس ما جرى في «الأقصى»، سوى جزء من المشهدية العامة في الضفة الغربية، وعنوانها الرئيس: الهجمات المتصادّة للمستوطنين، والتي باتت فعلاً يوميّاً تتّسع جغرافيّاً وزمانيّاً. وشنّ هؤلاء، أمس، هجوماً على بلدة ترمسعيا قرب رام الله، حيث تصدّى لهم الأهالي، بعدما أحرقوا جزءاً من ممتلكات عزبة أحد المواطنين، وقطعوا أشجاراً وسياجاً شائكاً في داخلها، كما خطّوا شعارات عنصرية تدعوا إلى قتل العرب، والانتقام منهم، على جدران العزبة، فيما أقدم آخرون على تسميم عدد من رؤوس الأغنام في تجمّع «شلال العوجا» شمال مدينة أريحا، ما أدّى إلى نفوقها، في إطار عمليات الضغط والتضييق على التجمّعات البدوية لترحيلها.

ورصدت «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان» تنفيذ قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين ما يزيد على 1821 اعتداءً خلال تموز الماضي، من بينها 466 اعتداءً على يد المستوطنين تركّزت خصوصاً في محافظات: رام الله بواقع 126 اعتداءً، والخليل بـ103، ونابلس بـ83، وبيت لحم بـ39. وقالت «الهيئة» إنّ إرهاب المستوطنين المتصاعد «لم يَعُد شكلاً معزولاً عن سياق دولة الاحتلال الاستعماري، بل أصبح، منذ وقت طويل، تعبيراً حقيقيّاً عن سلوك الدولة القائمة بالاحتلال، إذ أدّت هجمات المستوطنين الإرهابية إلى استشهاد أربعة مواطنين في سلواد والمزرعة الشرقية في محافظة رام الله والبيرة، وقرية أم الخير جنوب الخليل، كما تسبّبت أيضاً في ترحيل قسري لتجمّعَي عرب المليحات في أريحا، ودير علا في بيت لحم، بواقع 50 عائلة فلسطينية تتكوّن من 267 فرداً، في مواصلة لمسلسل فرض البيئة القهرية الطاردة التي تتمّ برعاية ممنهجة من المؤسسة الرسمية في دولة الاحتلال، ليرتفع بذلك عدد التجمّعات البدوية المرحَّلة بفعل إرهاب المستوطنين إلى 33 تجمّعاً، منذ السابع من أكتوبر 2023». ونفّذ المستوطنون، وفق «الهيئة»، 232 عملية تخريب وسرقة لممتلكات فلسطينيين، طاولت مساحات شاسعة من الأراضي، وتسبّبت في اقتلاع وتخريب وتسميم 2844 شجرة، منها 2647 من أشجار الزيتون في محافظات: بيت لحم بواقع 1800 شجرة، ونابلس بـ640، وجنين بـ320، كما حاولوا إقامة 18 بؤرة استيطانية جديدة منذ مطلع تموز الماضي، غلب عليها الطابع الزراعي والرعوي، خمس منها على أراضي محافظة الخليل، وبؤرتان في كل من: سلفيت وبيت لحم ورام الله وأريحا، وبؤرة في طوباس وأخرى في جنين.

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

حول شعار “قائدنا إلى الأبد سيدنا محمد” 

  عبد الله علي   من الآيات القرآنية التي تكاد تتماهي فيها الحدود وتتداخل الرؤى الإيمانية، قوله تعالى: “ومن يطع الرسول فقد أطاع الله”. وكان ...