كيف سيتم التعامل مع آلاف المواطنين العاملين في وظائف تم توطينها وقد تصبح قريباً غير ضرورية؟
ينبغي أن يشعر الصحافيون وموظفو المبيعات والمهندسون حول العالم بالقلق، إذ تبدو وظائفهم على وشك الوقوع تحت مقصلة التحول الرقمي، إذا صدّقنا ما تقوله مايكروسوفت.
فبالنسبة إلى كثيرين ممن يعملون في الوظائف المكتبية حول العالم، شكّلت قائمة شركة التكنولوجيا الأميركية العملاقة التي صدرت الأسبوع الماضي وتضمنت 40 وظيفة معرضة للخطر بسبب الذكاء الاصطناعي، قراءة قاتمة للمستقبل المهني.
لكن بالنسبة إلى اقتصادات مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، فإن هذا التحليل يضيف صداعاً جديداً: كيف سيتم التعامل مع آلاف المواطنين العاملين في وظائف تم توطينها وقد تصبح قريباً غير ضرورية؟
من بين أكثر المهن عرضة للتأثر، وفقاً لمايكروسوفت: موظفو خدمة العملاء، العاملون في قطاع التجزئة، بعض أنواع المعلمين، وموظفو مكاتب السفر — وهي جميعها قطاعات حرصت حكومات الخليج على توطينها، ما وفر فرص عمل برواتب مستقرة لمواطنيها.
فعلى سبيل المثال، في عام 2021 أعلنت السعودية أن جميع وظائف خدمة العملاء عن بُعد يجب أن يشغلها مواطنون سعوديون.
لكن الآن، تهدد شركات مثل “صوت” السعودية التي جمعت تمويلاً أولياً بقيمة مليون دولار لتطوير وكيل خدمة عملاء يعتمد على الذكاء الاصطناعي ويتحدث العربية للرد على المكالمات في مراكز الاتصال، بجعل هذه الوظائف غير قابلة للاستمرار.

وبحسب شركة Rentech Digital، يوجد في السعودية ما لا يقل عن 500 مركز اتصال، وأكثر من 60 في الإمارات، ما يعني أن وظائف آلاف الموظفين في مراكز الاتصال مهددة بالزوال — وهو نمط يتكرر في العديد من القطاعات الأخرى.
وصرّح المدير في شركة Innovations Group للتوظيف ومقرها الإمارات نيخيل ناندا لموقع AGBI قائلاً: “تُعد وظائف مثل موظفي خدمة العملاء، ومشغلي مراكز الاتصال، والاستقبال من أكثر الوظائف التي تم توطينها بكثافة، وبالتالي فهي الأكثر عرضة للأتمتة”.
وأضاف ناندا: “هذا التحول قادم إلى كل أسواق العمل، سواء كانت موطّنة أم لا، لكنه يمثل إشارة واضحة للجهات المعنية بأن استراتيجيات التوطين يجب أن تتطور.
التغيير سيكون تدريجياً
وقال مدير مركز Baratta للأعمال العالمية أنيل خورانا: “من المرجح أن يظهر الأثر التحويلي للذكاء الاصطناعي على سوق العمل في دول الخليج بشكل تدريجي مع مرور الوقت”.
ويتوقع تقرير “مستقبل الوظائف 2025” الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى إلغاء 92 مليون وظيفة حول العالم، لكنه سيخلق 170 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2030.
وفي منطقة الخليج، تُسهم الاستثمارات الضخمة في مراكز البيانات والبنية التحتية الرقمية الأخرى في خلق هذه الوظائف. ومع ذلك، يتساءل خورانا عما إذا كان البعض سيجد وظائف التقنية أو العمالة اليدوية غير جذابة.
التوطين يجب أن يتماشى مع الاستثمار
مع ذلك، يشدّد خورانا على أن سياسات التوطين في عصر الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن تتجاهل الاستثمارات الخاصة القائمة على الطلب، وهو ما يستدعي تعزيز برامج رفع المهارات.
فعلى سبيل المثال، دعت هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي السعودية (SDAIA) المواطنين إلى التسجيل في مبادرة وطنية تهدف إلى تدريب مليون سعودي على مهارات الذكاء الاصطناعي، وأعلنت الهيئة أن 300 ألف شخص التحقوا بالفعل بالبرامج التدريبية.
وبحسب نيخيل ناندا، فإن هذه اللحظة قد تمثل فرصة كبيرة للكثير من المواطنين. وقال: “قد يستبدل الذكاء الاصطناعي المهمات المتكررة، لكنه في الوقت ذاته يخلق فرصاً للأفراد للتطور إلى أدوار أكثر استراتيجية وتقدماً”، وأضاف: “من المرجح أن يؤدي هذا التطور إلى انتقال عدد كبير من المواطنين إلى وظائف أفضل وأكثر توافقاً مع متطلبات المستقبل”.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _النهار اللبنانية