أقامَ اتحاد الكتّابِ العربِ اليومَ ندوةً بعنوانِ “الإعلامُ في زمن التواصلِ الاجتماعيِّ.. بينَ تصديرِ الحقيقةِ وإشاعة الفوضى”، شاركَ فيها الإعلاميُّ د. أحمدُ طقش، والإعلاميُّ أ. رامي تكريتي، وأدارَها الشاعرُ حسنُ قنطار، الذي استهلَّ حديثَهُ بالتأكيدِ على أنَّ الإعلامَ هو “عصبُ الحياةِ”، مشيرًا إلى الدورِ المزدوجِ لمواقعِ التواصلِ الاجتماعيِّ بين إيصال الحقيقةِ وإذكاءِ الفوضى، وإثارةِ التعصّبِ، وبيعِ الوهمِ بينَ أفرادِ المجتمعِ.
** د. أحمدُ طقش:
“لا تجعلوا الأغبياءَ مشاهيرَ.. وإلّا سيجعلَكمُ المشاهيرُ أغبياءَ”
استعرضَ د. أحمدُ طقش تجربتَهُ في إطلاقِ مبادرةِ “الإعلامِ الحقيقيِّ” التي أطلقَها من معلمينِ عالميينِ هما برجُ خليفةَ وبرجُ إيفيل، مبيّنًا أنَّ امتلاكَ أدواتِ النشرِ على وسائلِ التواصلِ لا يعني بالضرورةِ امتلاكَ إعلامٍ حقيقيٍّ، بل إنَّ المصداقيةَ ترتبطُ بالرجوعِ إلى الوكالاتِ الموثوقةِ.
وحذّرَ من التأثيرِ السلبيِّ للـ”بلوغرز” والمشاهيرِ على نشرِ الفوضى وتشكيلِ وعيِ المجتمعِ، معتبرًا أنَّ محاولةَ ربطِ الرسالةِ الإعلاميةِ برسالةٍ أخلاقيةٍ في بعضِ الأوساطِ صارت تُواجَهُ بالسخريةِ. وأكّدَ أهميةَ دورِ الإعلامِ في توجيهِ المجتمعِ، داعيًا إلى ما سمّاهُ “الإعلامَ الأبيضَ” الذي يستندُ إلى النوايا الحسنةِ، ويرفضُ الشتائمَ، ويُبعدُ الأبناءَ عن “مواقعِ التفاهةِ والسخفِ”.
مؤكّدًا ضرورةَ الحفاظِ على التماسكِ الأسريِّ الذي يتهدّدُهُ إدمانُ المنصاتِ الرقميّة، وحثّ على توجيهِ مواقعِ التواصلِ لخدمةِ “كنوزِ العربِ الحقيقيّة” بدلَ تبديدِها في المحتوى الفارغِ.
** رامي تكريتي: “اقتصاد جذب الانتباه يستهلكُ أدمغتَنا”
قدّمَ الإعلاميّ رامي تكريتي عرضًا موسّعًا حولَ أضرارِ مواقعِ التواصلِ الاجتماعيِّ، معدّدًا من بينها: إهدار الوقت، وقلّة الحركةِ وما يترتّبُ عليها من مشكلاتٍ صحيّةٍ، وتشتّت الانتباه، إضافةً إلى تراجعِ القدراتِ الفطريّة للإنسان.
واستعرضَ ظواهرَ مثل “عقل القردِ” الذي يتنقّلُ سريعًا بينَ المثيراتِ فيفقدُ التركيزَ، و”تعفّنِ الدماغ” الناتجِ عن الاستهلاكِ المفرطِ للمحتوى السطحيِّ، مشيرًا إلى أنَّ اقتصادَ جذبِ الانتباهِ يعتمدُ على ثلاثِ آلياتٍ أساسيّة: الخوارزميّاتِ، والتصفحِّ اللامتناهي، والبثِّ الليليِّ الذي يقلّلُ النومَ ويمنحُ ميزاتٍ لمقدّميهِ.
وفي الجانبِ الإيجابيِّ، أشارَ تكريتي إلى أنَّ مواقعَ التواصلِ يمكن أن تكون منبرًا لتسويق الذات حين ترتبطُ القيمةُ بالمهارةِ والأثرِ، وأنَّها تتيحُ تبادلَ الآراءِ والثقافاتِ بشرطِ وضوحِ الهدفِ لتجنّبِ التشتّتِ، إضافةً إلى التوازنِ بين تدفّقِ المعلوماتِ والمخزونِ المعرفيِّ.
** شهدتِ الندوةُ حوارًا مع الحضورِ حولَ سُبلِ استعادةِ الإعلامِ الحقيقيِّ من بينِ ركامِ الضجيجِ الرقميِّ، ودورِ الإعلامِ في كشفِ الحقيقةِ ودحضِ الإشاعةِ، وأهميةِ ألّا يقتصرَ دورُهُ على التنديدِ. كما تمَّ التأكيدُ على أهميةِ اللغةِ العربيةِ في الخطابِ الإعلاميِّ نظرًا لقدرتِها على البيانِ وقوّةِ التعبيرِ.
وفي ختامِ الفعاليةِ، شدّدَ المشاركونَ على أنَّ استعادةَ الإعلام لدورِهِ في بناءِ وعيٍ مجتمعيٍّ راسخٍ يتطلّبُ تضافر المسؤوليّة الفرديّة والجماعيّة في آنٍ واحد.
(أخبار سوريا الوطن 1-اتحاد الكتاب العرب)