عقد رئيس الجمهورية العربية السورية، السيد أحمد الشرع وبحضور عدد من الوزراء ، جلسة حوارية مع أكاديميين وسياسيين وأعضاء من النقابات المهنية والوجهاء في محافظة إدلب، وذلك في إطار حرص القيادة السورية على التواصل المباشر مع مختلف أطياف الشعب والاستماع إلى مطالبهم وهمومهم عن كثب.
استهل السيد الرئيس اللقاء بكلمة أكد فيها الدور الوطني الريادي لمحافظة إدلب، معتبراً إياها “ركيزة أساسية للانطلاق نحو مشروع الدولة الوطنية الحديثة في سوريا”.
وأشاد بتضحيات أهل إدلب وصمودهم في وجه سنوات الحصار والتهميش والحرب، مشيراً إلى أن “المشهد في إدلب كان من أعقد وأصعب المشاهد، لكنه اليوم بات منطلقاً لحلول إستراتيجية نحو البناء الحقيقي”.
وقال سيادته: “نحن نسعى لتأسيس بنية تحتية متكاملة تشمل مختلف نواحي الحياة، لكننا نواجه إرثاً ثقيلاً من المشاكل المتراكمة منذ سنوات طويلة، وعلينا أن نتحلى بالصبر والمنهجية في معالجتها”.
وأضاف: “كلما كانت الأهداف أوضح، تسارعت الإنجازات، واليوم أولويتنا هي الحفاظ على ما تحقق والبناء عليه بخطط واقعية ومتوازنة مع باقي المحافظات السورية”.
وشدد السيد الرئيس على ضرورة العمل المشترك لإعادة اللاجئين بشكل كريم، وضمان عودتهم إلى حياة مستقرة.
وخلال الجلسة، جدد الحضور وقوفهم إلى جانب الدولة السورية في حالتي الحرب والسلم، مؤكدين أن “من صبر أربعة عشر عاماً في الحرب، قادر على الصمود من أجل البناء أو الحرب”.
كما عبّر الوفد عن عدد من الهواجس والقضايا المتعلقة بواقع محافظة إدلب والشمال السوري عموماً، وتركزت الأسئلة حول آليات تعزيز الدولة والبناء المؤسساتي وتوسيع المشاركة وترسيخ الخطاب الوطني الجامع، ورد السيد الرئيس مؤكداً أن مشروع بناء الدولة لا يقوم على تقاسم السلطة أو المغانم، بل على عقلية وطنية جامعة، مشدداً على أن سوريا تمتلك فرصة لأن تكون دولة قوية ورائدة، رغم محاولات بعض الأطراف الإقليمية والدولية لإبقائها ضعيفة ومجزأة.
وفيما يتعلق بواقع المناطق المحررة حديثاً، أشار الحضور إلى تأخر عودة السكان بسبب دمار بلداتهم ومنازلهم، فأوضح الرئيس أن الجهود مستمرة لتحسين الواقع، وإن لم تكن كافية حتى الآن، بسبب الضغوط المالية الكبيرة على الدولة نتيجة ضعف الإيرادات وضخامة النفقات، وضمن هذا السياق، أعلن عن التحضير لإطلاق صندوق تنمية وطني يعتمد على السوريين في الداخل والخارج، يُخصص جزء كبير من موارده لإعادة تأهيل المناطق المتضررة.
كما طُرحت تساؤلات حول واقع العدالة الانتقالية والتماسك الاجتماعي، وأكد الرئيس أن التمييز والانقسام الذي زرعه النظام البائد أضر بالنسيج الوطني، وأن المرحلة القادمة تتطلب فهماً دقيقاً لمفهوم العدالة الانتقالية من أجل إعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، وتعزيز الوحدة الوطنية.
من جهة أخرى، أعرب عدد من الحضور عن رغبتهم إيجاد آلية لإيصال الشكاوى والمظالم، فعبّر الرئيس عن تقديره لهذه الملاحظات، وأعلن عن إنشاء مكتب شكاوى خاص لتسهيل التواصل المباشر مع أعلى المستويات في الدولة.
وتناولت المداخلات أيضاً واقع القطاع الصحي، وتراجع دور المنظمات، وتوقف بعض المرافق الطبية، إضافة إلى ضعف الاستثمار في الشمال السوري، ورداً على ذلك، أوضح السيد الرئيس أن الدولة لا تفرض التوجيه الكامل على المشاريع الاستثمارية، بل تكتفي بدور موازن وموجه ضمن النطاق المتاح، مؤكداً في الوقت ذاته أن النظرة الرسمية للمناطق السورية عادلة ومتوازنة، والمشاريع توزع وفق الأولويات والاحتياجات.
وفي الختام، أشار السيد الرئيس إلى أهمية تطوير المجتمع المدني، ودعا إلى تجاوز المرحلة السابقة إلى مرحلة العمل المؤسسي والقانوني، باعتبار ذلك الأساس المتين لبناء دولة مستدامة وعادلة، لافتاً إلى تحضيرات لعقد مؤتمرات اقتصادية خاصة بإدلب وحلب، تهدف إلى تحويل الشمال السوري إلى عاصمة اقتصادية وتنموية، مع التركيز على إنشاء مدينة صناعية حرة في محيط سراقب، ضمن خطة وطنية متكاملة تأخذ وقتاً، لكنها تسير بثبات نحو النتائج.
اخبار سورية الوطن 2_سانا