الإثنين الفائت كان يوماً مثالياً في حياة الرئيس دونالد ترامب. أمضاه تماماً كما يحب، من دون أن يعكّر مثاليته شيء.
بداية بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي جاء إلى البيت الأبيض مرتدياً لباساً هجيناً لا يثير حفيظة ترامب، كما في آخر زيارة لواشنطن في شباط/فبراير الفائت، كما أن السترة السوداء فوق القميص الأسود ليسا زياً مدنياً بالكامل للرئيس الذي يقود حرب بلده ضد روسيا.
زيلنسكي الذي تلقى زيّه ثناء مباشراً من ترامب لحظة نزوله من السيارة أمام الباب الذي خرج منه مطروداً آخر مرة، جاء مستعداً للامتحان هذه المرّة، جالباً معه الكثير من الإطراء للرئيس، يحمل رسالة شكر ورقية إلى السيدة الأميركية الأولى من نظيرتها الأوكرانية، كما امتص كل أسئلة المراسلين بذكاء ومرح، محاولاً، كلما استطاع، التملق للرجل القوي بقربه، والذي حين يكف عن الابتسام، فهناك مأزق آت لا ريب.
وكما استعد الرئيس الأوكراني مسبقاً، جاءت فرقة الدعم الأوروبية خلفه مستعدة تماماً في ما بدا أنه تنسيق مسبق ومدروس جيداً بين القادة الستة الذين جلسوا إلى طاولة غرفة العشاء الرئاسية في البيت الأبيض، محيطين بترامب، يمررون لبعضهم البعض عصا كيل الثناء والمديح للرئيس الأميركي.
هكذا، وبينما راح ترامب يعطي الكلام لهم تباعاً، بدءاً بزيلنسكي الذي شكر ترامب مجدداً، ليلحقه الأمين العام لحلف الناتو مارك روته بشكر “العزيز دونالد” لأنه كسر الجمود مع الرئيس الروسي ببدء الحوار، وكرت السبحة، الرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب، رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، رئيس الوزراء الإنكليزي كير ستارمر، مستشار ألمانيا فريدريش ميرتس، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
كلماتهم المختصرة تباعاً التي دارت حول فضل ترامب في إقناع روسيا بالحوار أطربت ترامب، لكن هذا الحضور الأرفع مستوى لقادة أوروبا والتفاهم حياله هو الذي جعل يومه عظيماً في لقاء كان نجمه و”لم يشهد البيت الأبيض نفسه له مثيلاً من قبل”، وشهد العالم من خلاله عودة القيادة الأميركية بحسب بيان البيت الأبيض.
على أن القادة الأوروبيين الذين شاؤوا ألا يتركوا زيلنسكي وحيداً كما في المرة الماضية، اجتمعوا مع ترامب الذي لا يزال لقاؤه ببوتين طازجاً، وسط مخاوفهم العظمى من أن يتخذ الرئيس الأميركي قراراته في الحرب منفرداً من دون حساب لمصالح أوكرانيا وأوروبا من خلفها، حتى إذا كان الثمن اضطرارهم إلى سماع إسم بوتين مرة بعد مرة بصوت ترامب في معرض مديح الرئيس الروسي الغائب الأكثر حضوراً في القمة.
ولم ينفع الثناء في تغيير رأي ترامب بأن المفاوضات لا يمكن أن تستمر من دون وقف نار. كما أن رجل الصفقات السريعة غادرهم لأربعين دقيقة هي مدة الاتصال الذي أجراه ببوتين وعاد منه بوعد لقاء ثنائي بين الغريمين الروسي والأوكراني خلال أسبوعين، قد ينضم هو شخصياً إليه.
وبينما ظل مصير الأرض الأوكرانية المحتلة مبهماً، أبدى ترامب انفتاحاً على “الضمانات الأمنية” بعد الحرب، التي يطالب بها الأوروبيون. ومع أنها ظلت ضبابية وغير واضحة المعالم وقد يرفضها بوتين، إلا أن زيلنسكي اعتبرها تقدماً ملحوظاً.
الإثنين الترامبي الطويل لم يأت كما يشتهي الأوروبيون، مع أنهم أضافوا إلى المغريات اللفظية صفقة تبلغ مئة مليار دولار من الأسلحة تبتاعها أوكرانيا عبرهم من الولايات المتحدة . لم تهدئ الإدارة الأميركية روع الحليف الأوروبي، والرئيس الفرنسي قال إن الطريق إلى السلام تبدو طويلة. لكن ترامب على الأقل لم يخرج عن طوره مع ضيوفه، وحافظ على ابتسامته معظم اليوم الذي أمضاه كما يحب، نجم النجوم من دون منازع.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار