الشّرع يحارب تجارة الأسد… وجماعات إيران متورّطة

 

نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريراً تطرّقت خلاله إلى حرب السلطات السورية على تجارة المخدرات، وخاصة الكبتاغون، وهي التجارة التي اشتهر برعايتها نظام بشار الأسد، وقام جزء من اقتصاده عليها، وأشارت في تقريرها إلى التقدّم الذي حققته الحكومة السورية في هذا السياق، والصعوبات والتحديات.

 

التقرير تحدّث عن “نتائج سريعة”، ورصد “انخفض الإنتاج والإتجار بنسبة تصل إلى 80 في المئة”، وفقاً لما نقل عن تجار المخدرات، وأجهزة إنفاذ القانون، ومسؤولي الحكومات الإقليمية، والباحثين، إذ داهمت السلطات معامل الكبتاغون في معاقل النظام السابقة، وأتلفت ملايين الحبوب.

 

لكن بينما تباطأ الإنتاج الصناعي، حاول المنتجون والمهربون والموزعون إيجاد مخارج، فتهرّبوا من الاعتقال، واصطدموا بالسلطات، واستغلوا فراغ السلطة في الوقت الذي تكافح فيه الحكومة الجديدة لترسيخ سيطرتها على المناطق النائية الممزقة في البلاد، حسب التقرير.

 

الطلب لم يختف تماماً، فالنسخ الرخيصة من الكبتاغون التي لا تزال متوفرة بسهولة رغم النقص المتزايد في المعروض، تُباع بحوالي 30 سنتاً للحبة في دمشق، بينما يُباع الإنتاج الأعلى جودةً بحوالي 30 ضعفاً في الخارج.

 

وفي حديث لـ”فايننشال تايمز”، قالت كارولين روز، رئيسة مشروع تجارة الكبتاغون في معهد “نيو لاينز”، وهو مركز أبحاث: “بعد سقوط نظام الأسد، سادت توقعات بين البعض – وتصريحات – بأن تجارة الكبتاغون قد “انتهت”. لكن إذا كانت الأشهر الثمانية الماضية في سوريا ما بعد النظام قد أثبتت شيئاً، فهو أن تجارة المخدرات غير المشروعة هذه لم تنتهِ بعد”.

 

وحققت القوات الجديدة أكبر نجاح لها في حزيران (يونيو)، عندما استدرج ضباط سوريون وسيم الأسد، ابن عم الرئيس السابق، والذي وُضع على قائمة العقوبات الدولية لدوره في هذه التجارة، إلى سوريا في عملية سرية.

 

واشتبكت وحدات مكافحة المخدرات الجديدة مع موالين للنظام وأشخاص على صلة بـ”حزب الله” والجماعات المدعومة من إيران، ممن يسعون إلى الحفاظ على موطئ قدم لهم في هذه التجارة، مع العلم أن هذه الجماعات نشطت خلال عهد الأسد على خط هذه التجارة.

 

ووفقاً لما تنقل “فايننشال تايمز” عن مسؤول في وزارة الداخلية بمحافظة دير الزور شرقي البلاد، “لم يعد التهديد الأمني ​​الرئيسي يتمثل في مسلحي “داعش”، بل في الجماعات الشيعية التي لا تزال تدير شبكات الكبتاغون على جانبي الحدود”.

 

وقال: “في كل منشأة كبتاغون نضبطها، نعثر على كميات هائلة من الأسلحة”.

 

 

 

كبتاغون.

كبتاغون.

 

 

في ركن مغبر من محافظة السويداء الجنوبية، على بُعد مسافة قصيرة من الحدود الأردنية، حافظت شبكات إجرامية راسخة تابعة لنظام الأسد أو القبائل العربية البدوية على استمرار هذه التجارة.

 

ونجا بعض التجّار جزئياً لأنهم يعملون في مناطق لا تسيطر عليها الحكومة السورية، كالشمال الشرقي الذي يسيطر عليه الأكراد.

 

 

التجارة نحو الأردن

 

ويكشف التقرير أن طائرات تجارية صغيرة بدون طيار، وصواريخ مفرغة من المتفجرات، ومؤخراً بالونات يتم التحكم فيها عن بُعد – جميعها محملة بحبوب – تطير عبر الحدود إلى الأردن، حيث تُباع محتوياتها إلى دول الخليج العربية.

 

يتم اعتراض بعض الشحنات، ويقول السكان المحليون إن محاولات الاتجار أقل بكثير مما كانت عليه في السابق.

 

 

 

وقال أحد سكان منطقة الحدود: “اعتدنا أن نرى عشرات السيارات تمر عبر قريتنا الهادئة و10 محاولات يومياً”. “الآن يمكننا أن نمضي يومين أو ثلاثة أيام دون أن نرى محاولة واحدة”.

 

لكن ليس من الصعب تجنيد المهربين في السويداء، حيث تندر فرص العمل ويتفشى الفقر، كما يقول المهربون. يُغرى الشباب بعروض لكسب آلاف الدولارات مقابل حمل كيس يحتوي على 25-30 كيلوغراماً من الكبتاغون، بقيمة لا تقل عن 25 ألف دولار، عبر الحدود، حسب التقرير.

 

ووفقاً للمهربين ومسؤولي إنفاذ القانون والمحللين، فقد بقي بعض حرس الحدود في سوريا، المعروفين بتقاضيهم رشى للسماح بهذه التجارة، في مواقعهم بسبب نقص الكوادر.

 

وقال مهرب سابق: “كنا نعرف أي حرس حدود ضالعين في الأمر، وسنحرص على التعامل معهم فقط. فهؤلاء أنفسهم ما زالوا يغضون الطرف”.

 

 

 

أساليب أكثر قسوة

 

في مواجهة تجارة متجذرة، صرّح مهربون وسكان محليون لصحيفة “فاينانشيال تايمز” بأن السلطات لجأت إلى أساليب أكثر قسوة، وقال مسؤول أردني إن البلاد ستستخدم قوة “متناسبة وغير متناسبة” لصد هذه التجارة.

 

وقال المهرب السابق عن حرس الحدود الأردني: “لم يكونوا يقتلوننا قط، أما الآن، فسيطلقون النار على كل من يقترب من الحدود ليلاً”.

 

ويذكر أن في البلاد أربعة مراكز لعلاج الإدمان. وتوفر المستشفيات في الغالب فترة انسحاب أولية لمدة أسبوعين فقط، دون أي برنامج إعادة تأهيل.

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار