آخر الأخبار
الرئيسية » قضايا و تحقيقات » ماذا نأكل…؟ هل حقا نحقن أنفسنا بالهرمونات.. ؟ الخضار المحمية في قفص الاتهام

ماذا نأكل…؟ هل حقا نحقن أنفسنا بالهرمونات.. ؟ الخضار المحمية في قفص الاتهام

تحقيق فادية مجد:
في ظل انتشار الزراعة المحمية في محافظة طرطوس والتي وصل عدد البيوت المحمية فيها إلى نحو ١٤٠ ألف بيت، وتوفر الكثير من الخضار والفواكه والتي أصبح بمقدور الجميع تناولها في غير مواسم زراعتها بعد أن أغدقت الأسواق بمنتجاتها…
البندورة في أيامنا ليس لها نفس الطعمة والفائدة والشكل الأحمر الجميل الذي كان قبل الاعتماد على الزراعات المحمية “البيوت البلاستيكية”، ولا الخيار له طعمة الخيار، والكلام ذاته بالنسبة للفاصولياء والبطيخ الأحمر والفريز وغيرها الكثير، والتي أصبح شكلها وطعمها بفعل المبيدات والهرمونات التي تستخدم من قبل أغلب مزارعي البيوت المحمية غريباً وغير مستساغ، ويبعث في النفس المخاوف بمضار تلك الخضار التي أسرف أغلب المزارعين برشها بمواد كيميائية تسرِّع من نضوجها بهدف بيعها وجني الربح السريع.
فهل خوف أغلب المستهلكين من تناول هذه الخضار في مكانه؟
وهل المبيدات التي ترش بها تلك الزراعات آمنة ومكفولة ومراقبة وتعطى بدراية ودون إسراف؟
والسؤال الأهم هل لتلك الخضار والفواكه التي رشت بمبيدات بكميات كبيرة دور كبير في انتشار الأمراض السرطانية والتي سجلت محافظة طرطوس أعلى معدل في عدد الإصابات بمرض السرطان؟
في تحقيقنا التالي استطلعنا آراء مختلفة أجابوا عن تساؤلاتنا، فماذا قالوا؟
يزرعونها لا يأكلون منها..
عبير محمد ربة منزل أشارت إلى أنها تخاف من تناول تلك الخضار البلاستيكية، لكثرة المبيدات التي ترش بها وأضرارها على صحة الإنسان وقالت: لو لم تكن تلك الخضراوات محقونة ومرشوشة بكثرة، لما وجدنا بعض هؤلاء الذين يزرعونها لا يأكلون منها، ويقومون بزراعة (سّكوبات صغيرة)، وهذا أكبر دليل على أنهم يعرفون أنهم يستخدمون في عمليات الرش مواد كيماوية مشبعة بالهرمون، وبكميات كبيرة بهدف تسريع عملية نمو الخضار والفواكه وقبل موعد نضجها، مشيرة إلى أنها تتعامل في شراء خضارها مع قريب لها يعمل في الزراعة المحمية وتثق بزراعته وبتقيده بالكميات الواجب رشها على النباتات.
الحنين لخضار أيام زمان..
أما أبو علي فقال: افتقدنا لنكهة وفوائد خضار أيام زمان، عندما كان الفلاح يزرع أرضه ويبذرها بالخضار والفاكهة حسب توقيت زراعتها، كنا نأكل الخضار الصيفية في موسمها، ولكن الوضع اختلف كلياً مع انتشار البيوت المحمية، لتجد على سبيل المثال حبة البندورة منتفخة وكبيرة الحجم، ولكنها من الداخل خضراء وصفراء وغير ناضجة وفيها خطوط بيضاء سمعت أنها مضرة بالصحة كثيراً.

 

19.jpg

نلتزم بالتعليمات..
بالمقابل أجمع بعض مزارعي الخضار المحمية الذين التقيناهم أنهم يتقيدون بالتعليمات المكتوبة على لصاقة عبوات المبيدات، مشيرين إلى أنه ليس من مصلحتهم الإسراف في رش المبيدات على محاصيلهم، لأنها قد تعطي غلة وفيرة لمرة أو اثنين، ولكن سوف تموت النبتة بعد ذلك نتيجة الإسراف بالرش، وهم ليسوا مستعدين لخسارة محصول تعبوا عليه وهو بالنهاية مصدر رزقهم.
غير مكفولة المصدر..
المهندس الزراعي نظير عنجاري أوضح أنه بالنسبة للمبيدات الكيميائية التي ترش لمكافحة الحشرات والأمراض على الخضراوات المحمية بأنها حاجة ضرورية (حسب رأيه)، لافتاً إلى أن لكل نوع من هذه المبيدات فترة أمان، بمعنى عند رش مبيد معين على البندورة أو الفاصولياء على سبيل المثال لا الحصر يجب عدم استهلاك هذه المادة إلا بعد انقضاء فترة الأمان، فإذا كانت فترة الأمان أسبوعاً كاملاً فهذا يعني أنه لا يجوز جني البندورة أو الفاصولياء إلا بعد مرور أسبوع من تاريخ رشها.
ولفت عنجاري إلى أن هناك نوعاً من المواد من الضروري إضافته، لأنه إذا أخذنا بعين الاعتبار أن البندورة وما شابهها هي خضار صيفية، وإذا زرعت في الشتاء فهي غير قادرة على إفراز الهرمونات التي تحقق عقد الإزهار، وبالتالي يجب إضافة هذه المواد ولاضرر منها إذا كانت ذات منشأ طبيعي.
ونفس الكلام يقال عن الهرمونات التي ترش من أجل احمرار البندورة، ولا ضرر منها إذا كانت من مصادر طبيعية لأن رشها يعتبر مساعدة للنبات.
* مراقبة الصيدليات الزراعية ومن يديرها..
وأضاف أن المواد غير الضارة بالنبات وصحة الإنسان مرخص بيعها بالصيدليات الزراعية، وتوضع بالواجهة دون خوف، ولكن يقال أن هناك مواد أخرى غير مرخص بيعها، وتأتي عن طريق التهريب ولمعالجة ذلك من الضروري مراقبة الأدوية التي تباع في الصيدليات الزراعية.

مبيدات تسبب مرض السرطان..
من جهتها الدكتورة ندى يونس أكدت أنه وبحسب الوكالة العالمية لأبحاث السرطانIARC هناك ثلاث مواد كيماوية تتسبب بحدوث الأورام السرطانية هي الزرنيخ _ ليندان _ اوكسيد الايتيلين وهي موجودة بالمبيدات، لافتة إلى أن الأكثر تعرضاً لتلك الأورام السرطانية هم من يستخدمون تلك المبيدات من مزارعين، حيث يكونون على تماس مباشر أثناء استخدامهم لها في عملهم الزراعي، داعية المواطنين لتناول الخضار والفواكه الطازجة وإذا أمكن العضوية وفي موسمها قدر المستطاع.
الالتزام بالتعليمات الموجودة على المبيدات..
رئيس دائرة الوقاية في مديرية زراعة طرطوس المهندس حسن حمادة ورداً على تساؤلاتنا عن آثار المبيدات التي ترش على الخضار المحمية على صحة الإنسان والبيئة، أوضح أن المبيدات هي عبارة عن مواد كيماوية صنعت للقضاء على الآفات الزراعية والآفات الضارة بصحة الإنسان والسيطرة عليها، وتتركب عادة من مواد مركزة تسمى المادة الفعالة، وهي شديدة السمية، مضافاً إليها مواد أخرى غير سامة تسمى بالمواد الخاملة، تساعد على انتشار وتوزيع المادة الفعالة، منها ما هو من أصل نباتي مستخلصات نباتية صنّعت على شكل مبيدات أو مصنعة كلياً من مواد كيماوية.
استخدام المبيدات المرخصة..

20.jpg

وأضاف حمادة أن تزايد استعمال مبيدات الآفات الزراعية ولاسيما المبيدات ذات السمية العالية وبشكل دائم، إضافة إلى عدم توافر القواعد الصارمة المنظمة لاستعمالها كل ذلك أدى إلى تفاقم تأثيرها السلبي على الإنسان والبيئة (تربة- ماء- هواء) لافتا إلى أنه يزيد من الأثر المتبقي للمبيدات في المنتجات الزراعية إذا لم تتم مراعاة فترة الأمان الخاصة بكل مبيد مستعمل قبل عملية جني المحصول.
وشدَّد حمادة على ضرورة استخدام المبيدات المرخصة من قبل وزارة الزراعة والداخلة إلى القطر بشكل نظامي، والالتزام بالتعليمات الموجودة على لصاقة كل عبوة مبيد، مؤكداً أن مديرية زراعة طرطوس تقوم بتقديم كافة الإرشادات والنصائح اللازمة للإخوة المزارعين وفق برنامج إدارة متكاملة للآفات الزراعية عن طريق الوحدات الإرشادية في كافة مناطق المحافظة.
يمنع استيراد المبيدات الحاوية على مركبات سامة..
وحول وضع الخضار المحمية المرشوشة بالمبيدات و اعتبارها من أبرز مسببات مرض السرطان في محافظة طرطوس لاحتوائها على مواد كيماوية كالزرنيخ والليندان، أكد رئيس شعبة المبيدات في دائرة الوقاية في زراعة طرطوس المهندس وائل حسين أن كافة أشكال مركبات المجموعة الكيميائية chlorinated hydrocarbon والتي تتضمنها مجموعه من المبيدات مثل الليندان والالدرين كلوردان وغيرها تتصف بأنها ذات سمية عالية جداً وهي مركبات مسرطنة للإنسان والحيوان على حد سواء، وجميع تلك المبيدات الحاوية على تلك المركبات ممنوع استيرادها، وكذلك كافة أشكال المجموعة الكيميائية مثل ديثيو كاربمات ومركبات الزرنيخ بكافة أشكالها، ومركبات كيميائية أخرى شديدة السمية، وذلك بسبب تأثيرها السام والممرض وثباتها وتراكمها في الجسم وفي البيئة المحلية، موضحاً أنه يؤدي ثباتها في البيئة وصعوبة تفكيكها إلى وصولها للمياه الجوفية، الأمر الذي يحدث تلوثاً وتسمماً لجميع عناصر البيئة وللإنسان أيضاً.
المستوردة خاضعة للتحاليل..
وأكد المهندس حسين أن جميع المبيدات المستوردة بشكل نظامي وبموافقة من وزارة الزراعة خاضعة للتحاليل التي تثبت تركيز المادة الفعالة للمبيد، وأن تركيز المواد الداخلة في المبيد ضمن الحدود المسموح بها والتي تحفظ صحة وسلامة الإنسان والبيئة، داعياً إلى ضرورة استخدام كافة المبيدات النظامية والابتعاد عن استخدام المواد المهربة ومجهولة المصدر رغم رخص ثمنها مقارنة بالمبيدات النظامية، لأن هذه المبيدات غير خاضعة للتحاليل اللازمة وللمراقبة، وقد تكون المواد الفعالة والحاملة فيها مسرطنة ومسممة للوسط البيئي بكل عناصره.
مسؤولية الجهات المعنية..

21.jpg

بدوره رئيس مركز البحوث العلمية الزراعية بطرطوس المهندس شادي فسخة وصف نظام الزراعة المحمية بأنه وسط ملائم لإصابة النباتات بالعديد من المشكلات المرضية سواء من آفات التربة (كالنيماتودا وأمراض الذبول) إلى آفات المجموع الخضري من (حشرات وفطريات وبكتريا).
ورأى المهندس فسخة أن حل تلك المشكلة هو مسؤولية جماعية تقع على عاتق كل من المزارع والجهات المعنية والمستهلك، وذلك من خلال تشدد الجهات المعنية في مراقبة المراكز الزراعية ومصادرة المواد المهربة وغير النظامية، ومعاقبة المتعاملين والمروجين لها، والعمل على تبني برنامج تقص ومراقبة أثر المتبقيات على المنتجات في الأسواق عن طريق تجهيز مخابر في المحافظات، وإقامة دورات تدريبية ونشرات إرشادية، وتفعيل عمل الإعلام بخصوص التوعية بخطر الاستخدام العشوائي للمبيدات النظامية أو المهربة، مشدداً على ضرورة الالتزام بقواعد التطبيق الآمن للمبيد، والالتزام بأهم إجراء وهو احترامه لما يسمى بفترة التحريم وهي أقل فترة زمنية يجب تحقيقها والتقيد بها مابين رش المحصول بالمبيد وبين موعد قطافه..
أما بالنسبة للمستهلك فذكر المهندس شادي أنه يتوجب عليه الاهتمام بعملية الغسيل الجيد بماء الصنبور في حالة الثمار والخضراوات ذات القشرة الملساء الرقيقة مثل البندورة والخيار والباذنجان أو الغسيل بالماء والصابون أو النقع بالماء المضاف إليه الملح أو الخل والشطف من بعد ذلك، بالإضافة لعمليات التقشير والطهي الجيد للخضراوات والتي بدورها يمكن أن تقلل من مستوى المتبقيات الناتجة عن المبيدات.
مخبر لتحليل المبيدات قريباً..
وبخصوص دورهم في مراقبة المبيدات وأبحاثهم لتشجيع المزارعين على الطرق غير الكيميائية أضاف المهندس فسخة: بأن كافة المبيدات المستوردة أو المجهزة محلياً من قبل القطاع الخاص تخضع للتقييم من ناحية اختبار فعاليتها تجاه الآفات، والثانية اختبار السمية النباتية في حقول ومخابر الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، مشيراً إلى أنه في خطة هذا العام تم اعتماد برنامج خاص بالزراعة المحمية في مركز البحوث بطرطوس يتضمن عدة أبحاث وبمختلف الاختصاصات (برنامج لتربية البندورة وبحثين بخصوص النيماتودا والتوصية السمادية والأمراض الفيروسية)، كما يتم حالياً إعداد استمارة بحث لإيجاد بدائل طبيعية لمثبتات العقد في الزراعة المحمية، إضافة لأمر مهم جداً وهو تسليمنا لبناء خاص بمخبر تحليل المبيدات، ويتم حالياً تجهيزه للبدء بالعمل به في وقت قريب

(سيرياهوم نيوز-الثورة ١١-٤-٢٠٢١)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الطب الشرعي بطرطوس: المعتدي على الدكتورة الجامعية حاول قتلها خنقاً

      هيثم يحيى محمد   متابعة لما نشرناه امس عن محاولة قتل الدكتورة (ا-س)من قبل احد الأشخاص اثناء خروجها من منزلها في ضاحية ...