أعلنت طهران بدء الاختبار الميكانيكي على أجهزة طرد مركزي من الجيل التاسع، وفي ذلك تأكيد بالمضي قدماً في تطوير القدرات النووية في البلاد.
أزاح الرئيس الإيراني حسن روحاني الستار عن عشرات الصناعات النووية في اليوم الوطني للتقنية النووية، بالتزامن مع المفاوضات التي تجريها طهران مع أطراف الاتفاق النووي.
في خطوة لافتة، استعرضت إيران 133 منتجاً من صناعاتها النووية خلال العام الأخير، ومنها جهاز للطرد المركزي من الجيل التاسع، قدرة تخصيبه تفوق 50 ضعف الجيل الأول.
وفي اليوم الوطني للتقنية النووية، لم يكتفِ الرئيس روحاني بعرض منجزات حكومته، وإنما وجّه رسالة طمأنة إلى العالم، مفادها أن البرنامج النووي الايراني ليس للأغراض العسكرية.
هذا الإصرار الإيراني على ممارسة الحق السيادي باستخدام الطاقة النووية السلمية، يتزامن مع مفاوضات تجريها طهران لضمان عودة الدول الموقعة على الاتفاق النووي إلى الوفاء بالتزاماتها.
تتعامل إيران مع المفاوضات بإيجابية، وفق مبدأ حدده المرشد علي خامنئي، وشروط يكررها المسؤولون بأن رفع كامل العقوبات الأميركية البالغة 1500 عقوبة، هو المدخل للعودة إلى الاتفاق.
كل التجارب مع الإدارات الأميركية المتعاقبة، أرست سلوكاً أفقد ثقة عدة دول في العالم حول التزام واشنطن بتعهداتها، وخلق هواجس حول الخداع والمناورة، هي مصدر الحذر الإيراني.
فالقراءات المعمقة للأهداف الأميركية، تتحدث عن رغبة لدى إدارة بايدن بالتفرغ للتصدي لروسيا، وعليه إنهاء الأزمة مع إيران، إذ يبدو أن واشنطن تصر على انتزاع تنازلات سياسية من إيران تتصل بقضايا المنطقة مقابل رفع العقوبات، فيما تصر طهران على حصر الموضوع بالعقوبات.
الموقف الإيراني تدعمه موسكو، ومشهد محتدم على الساحة الدولية، يقف أمامه الأوروبيون كمراقبين، فلا دور ولا رأي ولا تأثير، فلم يخضع قادة أوروبا لمصالح واشنطن متجاهلين مصالح شعوبهم؟
جولتان من المحادثات غير المباشرة جمعتا المفاوضين الإيرانيين ونظراءهم الأميركيين بوساطة بلدان 4+1، عادت بعدها الوفود المشاركة فيها إلى بلادها للتشاور، وقد راوحت آراؤها بين الارتياح وعدم الثقة على أن تستأنف هذه المفاوضات الأسبوع المقبل في فيينا.
في المواقف الأميركية، برز ما قاله مسؤول أميركي رفيع من أن “واشنطن تعتزم رفع العقوبات غير المتسقة مع الاتفاق النووي”، مشيراً إلى أن هذا “لا يعني رفع كل العقوبات المفروضة على إيران منذ عام 2017”.
وأضاف أن بلاده ترى “بعض المؤشرات على جدية إيران خلال المحادثات”، ولكنها على حد قوله “غير كافية”، موضحاً أنه إذا صممت طهران على تحقيق مطالبها فإننا “ذاهبون إلى مأزق”.
من جهتها، تشدد طهران على وجوب رفع واشنطن كامل العقوبات، مع اتهامها لها بالمماطلة، وعدم الجدية ومحاولة كسب الوقت.
وفي الإطار نفسه، أعلن رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، أن “قانون البرلمان حضّر الأرضية للرفع الكامل للعقوبات”.
رئيس تحرير صحيفة “إيران ديبلوماتيك”، عماد ابشناس، أكد أن “واشنطن بدأت بالخداع في المفاوضات”.
ولفت أبشناس في حديث للميادين، إلى أن “1500 عقوبة أميركية على إيران تتناقض مع الاتفاق النووي على الأميركيين رفعها”، مشيراً إلى أن “ترامب حوّل بعض العقوبات على البرنامج النووي الإيراني إلى البرنامج الصاروخي”.
وقال إنه “من المستحيل أن تتنازل حكومة الرئيس روحاني عن أي شيء من الآن حتى الانتخابات”، لافتاً إلى أن “الرئيس روحاني وفريقه قد يخسرون مستقبلهم السياسي إذا عدّلوا في الاتفاق النووي”.
وأكد أبشناس أنه “سيتم توقيع اتفاق استراتيجي بين إيران وروسيا كما حصل مع الصين”.
من جهته، قال مدير “معهد السياسات الدولية” باولو فون شيراك، إن “هدف إدارة ترامب من العقوبات كان خنق الاقتصاد الإيراني”.
وأضاف شيراك للميادين، أنه “يمكن لإدارة بايدن أن تقول إنها تريد رفع العقوبات لكن بشروط معينة”، منوّهاً إلى أنه يشكك “في فعالية العقوبات الأميركية سواء على إيران أو على دولة أخرى”.
وأوضح أن “الاتحاد الأوروبي يلعب دور الوسيط في المفاوضات النووية”، معتبراً أن “الطريق الوحيد لتحقيق التقدم في المفاوضات هو بترتيب أولويات الحوار”.
شيراك شدد على أنه “لا يمكن التفاوض على كل شيء في الوقت عينه”، مشيراً إلى أنه “من غير المرجّح من إدارة بايدن أن توافق على رفع كامل العقوبات في وقت واحد”.
وقال إن “إدارة بايدن تعتمد على إمكانية نجاح سياستها الخارجية عبر التوصل إلى صفقة مع إيران”، منوّهاً إلى أنه “من الممكن تقديم تنازلات متبادلة من الطرفين بحيث لا يخسر أي منهما”.
بدوره، قال الخبير في الشؤون الأوروبية بيار لوي ريمون، إن “الاتحاد الاوروبي يلعب دور الوسيط في المفاوضات النووية”.
ريمون أكد للميادين، أن “المنحى الأوروبي يتجه نحو خيار رفع العقوبات”، مشيراً إلى أن الاتحاد “يعني أن رفع العقوبات عن إيران هو الشرط الأساسي لبغداد”.
(سيرياهوم نيوز-الميادين ١١-٤-٢٠٢١)