آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » فتح السوق السعودية للأجانب ليس إلا بداية… والمطلوب المزيد من التنظيمات

فتح السوق السعودية للأجانب ليس إلا بداية… والمطلوب المزيد من التنظيمات

 

وائل مهدي

 

أقرّت هيئة السوق المالية السعودية في أيار/ مايو 2025 القواعد الجديدة المنظمة للاستثمار الأجنبي في الأوراق المالية، وتم الإعلان عنها قبل أيام قليلة، وهي تمثل خطوة جوهريّة نحو جعل السوق السعودية أكثر انفتاحاً وتنافسية. لكن هذه التغييرات، رغم أهميتها، لا تكفي وحدها لضمان تدفقات أجنبية كبيرة، إذ يبقى ضعف الشفافية ومحدودية الإفصاح التحدي الأبرز أمام المستثمرين العالميين.

 

 

 

أبرز ملامح القواعد الجديدة

– سقف الملكية: لا يجوز للمستثمر الأجنبي غير المقيم (باستثناء المستثمر الاستراتيجي) تملّك أكثر من 10٪ من أسهم أي شركة مدرجة أو أدوات الدين القابلة للتحويل الخاصة بها. أمّا إجمالي ملكية الأجانب مجتمعين (مقيمين وغير مقيمين) فلا تتجاوز الـ 49٪ من أسهم أيّ شركة مدرجة.

 

– الملكية الاستراتيجية: أُنشئ مسار خاص للمستثمر الاستراتيجي الأجنبي، الذي يلتزم الاحتفاظ بالأسهم لمدة لا تقلّ عن سنتين بهدف المساهمة في تحسين الأداء المالي أو التشغيلي للشركة.

 

 

 

– الفئات المسموح لها: القواعد حدّدت ست فئات رئيسية: المستثمر الأجنبي المؤهل، المستثمر الاستراتيجي الأجنبي، المستفيد النهائي في اتفاقية مبادلة، عملاء المؤسسات المالية المرخصة التي تدير محافظ نيابة عنهم، المقيمون في دول مجلس التعاون، ومن سبق له الإقامة في السعودية أو دول المجلس وفتح خلالها حساباً استثمارياً.

 

 

 

– شروط التأهيل: يشترط للمستثمر الأجنبي المؤهل أن يكون كياناً اعتبارياً يدير أصولاً بقيمة لا تقل عن 1.875 مليار ريال (مع إمكان تخفيض الحد الأدنى بقرار من الهيئة). كذلك تم استثناء صناديق التقاعد والأوقاف والصناديق السيادية من هذا الشرط.

 

– اتفاقيات المبادلة: جرى تنظيمها بشكل أدق مع منع نقل حقوق التصويت للطرف الأجنبي، وإلزام المؤسسات المالية بالفصل التام بين أموال العملاء وأصولها، والالتزام الصارم بتعليمات مكافحة غسل الأموال.

 

 

 

هذه القواعد تُظهر انفتاحاً غير مسبوق، لكنها لا تجيب عن الأسئلة التي تهم المستثمر الأجنبي: ما مدى وضوح الإفصاحات؟ هل الحوكمة المؤسسية كافية؟ هل البيانات المالية مفصّلة ومقارنة بمعايير الأسواق العالمية؟

 

 

 

المستثمر العالمي لا يكتفي بفرص الملكية، بل يريد بيئة تضمن الشفافية في التقارير، مؤشرات أداء مستقبلية واضحة، وتطبيق صارم لقواعد الحوكمة. من دون ذلك، تبقى السوق أشبه ببوابة مفتوحة ولكن بزجاج معتم.

 

 

 

في الوقت الذي صدرت فيه هذه القواعد، أظهرت البيانات المالية للشركات المدرجة تراجعاً في صافي الأرباح بنسبة 16٪ في الربع الثاني، فيما فقد المؤشر العام نحو 10٪ منذ بداية 2025. هذه المؤشرات تضعف شهية الأجانب للدخول، وتؤكد أن الإصلاحات التنظيمية وحدها غير كافية ما لم تترافق مع تحسّن جوهري في الأداء المالي للشركات.

 

 

 

لكن فتح السوق وحده لا يكفي. المستثمر الأجنبي يريد وضوحاً أكبر وصورة مكتملة، وهو ما يتطلب إصلاحات تكميلية. أولاً، لا بدّ من تعزيز الإفصاحات المالية والتشغيلية لتكون أكثر تفصيلاً، فلا يكتفي المستثمر بأرقام مجملة لا تكشف خلفيات الأداء.

 

 

 

ثانياً، على الشركات أن تطوّر تقارير الاستدامة (ESG) بما يواكب المعايير الدولية، إذ أصبحت هذه التقارير شرطاً أساسياً لدخول الصناديق العالمية. ثالثاً، هناك حاجة ملحة إلى حماية حقوق الأقلية وتفعيل آليات الحوكمة؛ فالمستثمر الأجنبي لن يغامر في بيئة يشكك فيها باستقلالية القرارات الإدارية. وأخيراً، يبقى نشر إحصاءات ملكية الأجانب بشكل دوري وشفاف خطوة عملية تعكس جدية الجهات التنظيمية، وتمنح المستثمرين مؤشراً حقيقياً على أن السوق السعودية تسعى فعلاً لتصبح وجهة منافسة في المشهد الاستثماري العالمي.

 

 

 

إن فتح السوق أمام الأجانب بصورة أكبر خطوة تاريخية وضرورية، لكنه ليس سوى بداية الطريق. الجاذبية الحقيقية لن تتحقق إلا إذا ترافق هذا الانفتاح مع مستوى عالٍ من الشفافية والإفصاح، بحيث يجد المستثمر العالمي أن السعودية لا تمنحه فقط تصريح دخول، بل بيئة استثمارية واضحة، موثوقة، ومقارنة بأفضل الممارسات الدولية.

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تصريح صادر عن مصرف سورية المركزي حول العملة الجديدة :

    في إطار جهود مصرف سورية المركزي لتحديث البنية النقدية وتعزيز كفاءة أنظمة الدفع والتداول، فإنّ المصرف في مراحل متقدمة لوضع خطة من أجل ...