حسين صقر:
كثير من رواد السوشال ميديا، والناشطين على تطبيقات التواصل الاجتماعي يحاولون استغلال الصفحات لأهداف مختلفة، فمنهم من يسخرها بطريقة إيجابية وأخلاقية، فيما القسم الآخر يستخدمها لغايات دنيئة، كالابتزاز والتهديد وتبادل المعلومات الخطيرة التي تؤثر على أمن الوطن والمواطن، وهناك ظواهر مختلفة تنتشر بقوة تترك آثاراً سلبية نفسية ومعنوية ومادية منها ظاهرة التسول الإلكتروني.
تلك الظاهرة التي تتم على خيوط الشبكة العنكبوتية، هدفها استجداء الآخرين، واللعب بعواطفهم واستمالتهم واستعطافهم، وهو ما يختلف عن التسول التقليدي.
وهذا الأخير يقوم به البعض في الشوارع والحافلات، لكن ميزة التسول عبر الإنترنت هي أن المتسول مجهول الهوية، فلا يمكن معرفة اسمه الحقيقي أو سنه أو مكانته الاجتماعية، وهذا الأمر يجنبه الإحراج من وجهة نظره، والذي قد يلحق بالمتسولين التقليديين.
إذاً “التسول الإلكتروني” يقوم بالأساس على الخداع والتحايل للحصول على المال بطريقة غير قانونية، ولا يقتصر على مواقع التواصل المباشرة، بل على الاتصالات والرسائل النصية والإيميلات الإلكترونية، وأصبح ظاهرة عالمية تنتشر يوماً بعد آخر، ويستغل أصحابها الضحايا أثناء الكوارث الطبيعية والحروب والأزمات، حتى أنها أفقدت المحتاجين الحقيقيين فرصهم بالحصول على المساعدات، وزعزعت الحد الفاصل بينهم وببن المتسولين.
استعطاف الضحية
ولتسليط الضوء على هذا الموضوع، تواصلت صحيفة الثورة مع المرشدة الاجتماعية ربا موصللي، والتي أكدت أنه مع وجود المئات من مواقع التسول عبر الإنترنت، أصبح شائعاً ببن المتسولين الرقميين التسجيل وامتلاك اسم المجال الخاص بهم على شبكة الإنترنت، ويبدو الأمر سهلاً نتيجة استخدام خدمات الاستضافة المجانية أو غير المكلفة والمواقع المتخصصة، إذ يطلب المتسولون عبر الإنترنت من الجمهور المساعدة في العديد من الاحتياجات كإجراء العمليات الجراحية والحصول على ثمن الأدوية المزمنة لهم ولذويهم، وحتى العلاج من أبسط الأمراض إلى أخطرها، لكنهم في العادة يعرضون أخطرها لجلب الاستعطاف أكثر مثل علاجات السرطان.
وقالت موصللي: لا يخجل أحدهم بالتسول ربما لشراء سيارة أو منزل، من خلال إيصال فكرة لكل شخص مستهدف، أنه بقي مبلغ معين فقط حتى يكمل شراء حاجته، وربما يقول ذلك لأول ضحية.
ونوهت المرشدة الاجتماعية، بأنه يظن أولئك أنهم يتجنبون الإحراج من خلال تسولهم عبر الشبكة، بديلاً إلكترونياً ناجعاً عن التسول في الشوارع، وبالتالي من وجهة نظرهم التقليل من الإحراج، وذلك من خلال نشر المتسول صوراُ لإغراء الضحايا، ومن ثم فتح دردشات معهم تمتزج بالكلام المعسول مع رسائل اليأس لاستمالتهم، ثم طلب المال، وفي بعض الأحيان تُنشر هذه الرسائل بالأسماء الكاملة.
الضحايا إلى ازدياد وأشارت موصللي إلى أن ضحايا أولئك يتزايدون يوماً بعد آخر، ولاسيما أن البعض من المتسولين ينجح في أسلوبه، ما يدفع البعض الآخر لاتباع نفس الطرق، وبالتالي المزيد من الضحايا.
وأضافت: إن هناك تسولاً إلكترونياً من نوع آخر، إذ بعض الأشخاص يقومون بإضافة أشخاص، ويقولون لهم إن كنياتهم تتشابه مع أقارب لهم، وهؤلاء تركوا لهم أرصدة في بعض البنوك، ومن أجل استرجاع المبلغ لابد من دفع رسوم معينة، وإغرائهم أن نصف ذلك المبلغ سوف يكون لهم في حال نفذوا الخطوات اللازمة، وبذلك يتم إغوائهم والاحتيال عليهم، والحصول منهم على مبالغ معينة مقابل تحرير الرصيد المزعوم من ذلك البنك الذي هو وهمي أصلاً.
قصص وهمية
ونوهت المرشدة الاجتماعية بأن هناك من يحاول إثارة تعاطف البعض أكثر، وذلك من خلال رواية قصص وهمية عن أبناء أو أخوة أو أهل يعانون أو أصيبوا في الحروب، والحديث بطريقة تثير الشفقة، والغضب تجاه العالم والطريقة التي يدار بها، لتدرك فيما بعد أن هؤلاء أشخاصاً محتالين وأتقنوا اللعبة بشكل لا تتخيله، حيث يزعم أحدهم أنه يمكث حالياً خارج البلاد، وعند عودته سيُرجع المال مع مكافأة مالية كبيرة، لأن عودته من هناك صعبة وهو يملك المال الكثير لكنه ليس بين يديه، وسوف يحصل عليه أثناء عودته.
وأضافت: هذا الاحتيال أصبح فناً يمارسه ويطبقه مَن يريد التسلق نحو الثراء من دون تعب، حتى إنه أصبح مهنة ينقصها فقط التسجيل في بطاقة الهوية.
أخبار سوريا الوطن١-الثورة