بخطا واثقة وقوية، يعود لسوريا و تحديداً العاصمة دمشق نبض الحياة.. لكن بخطا أكثر رشاقة بعد مرور الأزمة، فمع اقتراب موعد معرض دمشق الدولي 2025، والتحضيرات المكثفة التي تشهدها الساحة المحلية والدولية، يظهر المعرض مرتدياً حلته الجديدة، ليس كمجرد معرضٍ تجاريٍ تقليدي، بل كعودةٍ للألق، ونافذةٍ تُطل على سوريا الجديدة بآفاقٍ اقتصاديةٍ واعدة، ومجسدة في الوقت ذاته عودة التواصل الاجتماعي، ليرسم البسمة ويعرّف الأجيال الجديدة على عالمٍ أوسع.
أكثر من حدث اقتصادي
وفقاً لرأي اختصاصي علم النفس الاجتماعي مراد بعلبكي ومن خلال حديثه لـ”الحرية”، فإنه وبعد سنواتٍ من الانقطاع، يعود معرض دمشق الدولي 2025 ليُشكل أكثر من مجرد حدثٍ اقتصاديٍ.. إنه نبضٌ اجتماعيٌ قويٌ ورسالةٌ صريحةٌ عن صمودها وتطلعها وجسرٌ يمتد بين الأجيال والثقافات، وهو أيضاً نافذة على العالم ولقاءٌ يُعيد الدفء المجتمعي
نحن بحاجةٍ لهذا اللقاء
ووفقاً لشهادات الجمهور يُعرب العديد من المواطنين عن حماسهم لعودة المعرض، مؤكدين على أهميته الاجتماعية فتقول السيدة ليلى، وهي أمٌ لطفلين: زيارة أطفالي ورفقتهم للمعرض ليشاهدوا ما تقدمه الدول الأخرى، والآن أصبحت هذه الفرصة متاحةً مرةً أخرى. إنها فرصةٌ رائعةٌ للترفيه والتعلم في آنٍ واحد، والأهم أننا سنلتقي بأصدقائنا وعائلاتنا هناك، ونقضي وقتاً ممتعاً معاً.
أما الشاب أحمد، فيقول: أتطلع لرؤية ما تقدمه الشركات السورية الجديدة، والأهم هو الشعور بأننا نعود للحياة الطبيعية، ونلتقي بالناس ونتبادل الأحاديث، ونشعر بأننا جزءٌ من مجتمعٍ حيويٍ يعود للنهوض.
ترقب بلهفة
ولم يقتصر دور معرض دمشق الدولي على الجانب الاقتصادي، هذا ما بينه بعلبكي؛ بل يمتد ليشمل بُعداً اجتماعياً وثقافياً مهماً، خاصةً بعد فترة الانقطاع الطويلة التي حرمت الكثيرين من هذه التجربة الحيوية، والتي كانت تُعدّ تقليداً سنوياً يترقبه الجميع بلهفة.
ترفيهٌ للعائلات
كما يُشكل المعرض حسب رأي بعلبكي فرصةً مثاليةً للأسر لقضاء وقتٍ ممتعٍ ومفيد، بعيداً عن روتين الحياة اليومية وضغوطها، حيث ستُقدم فعالياتٌ متنوعة، وعروضٌ ثقافيةٌ وترفيهيةٌ تُناسب جميع الأعمار، من الألعاب التفاعلية المبهجة للأطفال التي تُشعل خيالهم وتُنمي لديهم روح المنافسة الإيجابية، إلى العروض الفنية والموسيقية الحية التي تُبهج الكبار وتُعيد لهم ذكرياتٍ جميلة، إنها فرصةٌ لصنع ذكرياتٍ جديدةٍ تجمع أفراد الأسرة في أجواءٍ حميميةٍ ومرحة، تُعزز الروابط الأسرية.
ويعد نافذة على العالم للأطفال والشباب وتوسيعاً للآفاق الإنسانية والمعرفية، فيُعرّفهم المعرض على منتجاتٍ وابتكاراتٍ من دولٍ مختلفة، ما يُوسع آفاقهم، ويُعزز لديهم الفضول المعرفي، ويُشجع على التبادل الثقافي، فيتعرف الأطفال على منتج من بلدٍ بعيد، ويتعلم عن ثقافته، ويتفاعل مع أفكار أطفالٍ من خلفياتٍ مختلفة، فيُنمي ذلك لديهم الوعي والانفتاح على العالم، ويُشكل لديه فهماً أعمق للتنوع الإنساني، وهو ما يُعدّ استثماراً في بناء جيلٍ واعٍ ومُتسامح.
لمّ الشمل
كما أكد بعلبكي أنه بعد سنواتٍ من التحديات التي قد تكون سببت بعض العزلة الاجتماعية، يُعيد المعرض الأمل والبهجة إلى نفوس السوريين، خاصة أنه قد يُشكل فرصةً للقاء الأصدقاء القدامى، والتواصل مع أفراد المجتمع، وتبادل الأحاديث والخبرات، وربما حتى بناء صداقاتٍ جديدة، و هذا التفاعل الاجتماعي يُعزز الشعور بالانتماء والوحدة، ويُعيد لمّ شمل المجتمع في مساحةٍ مشتركةٍ من الفرح والتفاؤل، ما يُساهم في ترميم النسيج الاجتماعي.
رمزٌ للصمود والتطلع
كما أضاف بعلبكي: المعرض يعتبر أكثر من مجرد حدثٍ تجاري أو ترفيهي، بل هو رمزٌ للصمود والتطلع نحو مستقبلٍ أفضل، واستعادةٌ للحياة الاجتماعية النابضة التي افتقدها الكثيرون منذ زمن.
وهو أيضاً رسالةٌ للعالم و دعوة للأمل وفق رأي بعلبكي، حيث تحمل تلك الرسالة في طياتها انفتاحاً يتجاوز الحدود، و يُرسل المعرض رسالةً قويةً بأن الحياة تعود إلى طبيعتها تدريجياً، وأن المجتمع السوري قادرٌ على تجاوز الصعاب والمضي قدماً، وأن رؤية هذا الحراك والنشاط يُشعر الناس بأنهم قادرون على استعادة حياتهم الطبيعية، وأن هناك مستقبلاً ينتظرهم.
تعزيز للثقة
وتبعاً لرؤى بعلبكي، هذا الحراك والنشاط الاقتصادي والاجتماعي يُعزز الثقة لدى المواطنين بأن المستقبل يحمل الأفضل، ويُشجع على التفاؤل، إنه فرصةٌ للشعور بأن هناك ما هو قادمٌ أفضل، وأن المجتمع قادرٌ على النهوض مجدداً.
وهو منصةٌ للحوار والتفاعل.. وبناء جسورٍ مجتمعيةٍ متينة بين مختلف فئات المجتمع، وبين الشركات والمستهلكين، وبين الثقافات المختلفة. هذا التفاعل يُساهم في بناء جسورٍ من التفاهم والتعاون، ويُعزز الروابط المجتمعية، ويُشجع على تبادل الأفكار والخبرات.
وختم بعلبكي: إن معرض دمشق الدولي 2025 ليس مجرد حدثٍ عابر، بل هو رسالةٌ أملٍ وتطلعٍ نحو مستقبلٍ مشرقٍ لسوريا. إنه يجمع بين الطموح الاقتصادي والمسؤولية الاجتماعية، ليُعيد بناء الجسور مع العالم، ويُقدم للأجيال الجديدة نافذةً على الإمكانيات اللامحدودة، والأهم، يُعيد لم شمل المجتمع في مساحةٍ مشتركةٍ من الفرح والتواصل الإنساني والأمل، ليُصبح رمزاً لاستعادة الحياة الاجتماعية النابضة، وتعزيز الروابط التي تُشكل نسيج المجتمع السوري.