آخر الأخبار
الرئيسية » تربية وتعليم وإعلام » «أسوشيتد برس» تتنصّل من دماء مريم أبو دقة!

«أسوشيتد برس» تتنصّل من دماء مريم أبو دقة!

 

بول مخلوف

 

اكتفت «أسوشيتد برس» بتغطية مجزرة استهداف «مستشفى ناصر» ببرود، متجاهلة شهيدتها مريم أبو دقة عبر وصفها بـ«فريلانسر». هكذا، يواصل الإعلام الغربي التواطؤ، مبرّراً جرائم الإبادة الإسرائيلية ومحو هوية الصحافيين الفلسطينيين. بهذه اللغة، تتحول وكالات كبرى إلى أدوات لتغطية فعل القتل، وشريكةً كاملة في الجريمة لا ناقلة لها

 

 

اكتفت وكالة «أسوشيتد برس» (AP) أول من أمس بنشر خبر المجزرة التي ارتكبها كيان الإبادة الصهيوني باستهداف «مستشفى ناصر الطبي» وأسفرت عن استشهاد أربعة صحافيين فلسطينيين (معاذ أبو طه، حسام المصري، وأحمد عبد العزيز، ومحمد سلامة) من دون أن تفرد خبراً خاصاً عن استشهاد مراسلتهم الصحافية مريم أبو دقة التي كانت واحدة من الشهداء الأربعة.

 

منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023 ووسائل الإعلام «العالمية» تتهاوى واحدة تلو الأخرى في مستنقع العار واللاأخلاقية. وصل الدور هذه المرة إلى وكالة الأنباء «أسوشيتد برس». وكالة الأنباء «العالمية» (والعالمي يعني الغربي) لم تورد اسم مريم أبو دقة في تعليقها المرفق بخبرها الصحافيّ المنشور على وسائل التواصل الاجتماعي مكتفية بوصفها «فريلانسر» (متعاقدة) عملت معهم.

 

هكذا، جاء اسم مريم أبو دقة بشكلٍ هامشي طارئ، في لغةٍ تغمرها البرودة وعدم الاكتراث. صاغت «أسوشيتد برس» الخبر على النحو الآتي: «أربعة صحافيين من بينهم فريلانسر عملت مع أسوشيتد برس، كانوا من ضمن ثمانية أشخاص قتلوا في غارةٍ إسرائيلية استهدفت مستشفى ناصر الطبي جنوبي غزة».

 

BREAKING: Four journalists, including a freelancer who worked with AP, are among eight killed by an Israeli strike on southern Gaza’s Nasser Hospital. https://t.co/F2U4K6ZOfh

 

— The Associated Press (@AP) August 25, 2025

 

«أسوشيتد برس» التي تعتبر الفلسطينيين مجرد أرقام، لا صفة مدنية لهم- أو كما أوردت «ثمانية قتلى»- لم تكتف بالتبرؤ من مريم أبو دقة عبر اختزالها في صفة «فريلانسر» واعتبرتها من بين «القتلى»، بل تعمّدت تغييب اسمها، وكأن موتها ووجودها سواء. وسرعان ما عادت «أسوشيتد برس» وأصدرت بياناً آخر أوردت فيه أن مريم أبو دقة «لم تكن في مهمة لمصلحتهم» لحظة اغتيالها.

 

لم يعد الكيان الصهيوني وحده من ينظر إلى الفلسطينيّ باعتباره «شيئاً غير موجود» أو «عبئاً زائداً» إذن. هناك من تجاوز حدود التواطؤ وأصبح يحذو حذو إسرائيل.

 

وكالة الأنباء «العالمية» هذه التي تعتبر الفلسطينيين الأبرياء مجرد قتلى، وتتبرأ من مراسلتها الصحافية، إنما تعلن في تنظيفها للفوضى التي تركها الكيان القاتل وراءه على موافقة طوعية على الجريمة المرتكبة. ألا تعد التغطية على الجريمة مشاركة فعلية فيها؟

 

تاريخ حافل من العار

ليست هذه المرة الأولى التي تغطي فيها وسائل الإعلام الغربية على جرائم الكيان الإبادية. لقد بات معلوماً أنّ عدداً من وسائل الإعلام الغربية كانت مشاركة بشكلٍ مباشر في الإبادة الغزّية، إما في لعبها دور الوشاية لمصلحة إسرائيل أو في تأليبها للرأي العام ضد الفلسطينيين في أبلستهم ونزع إنسانيتهم.

 

وعلى رأس هذا الإعلام، نجد مثلاً «بي. بي. سي» التي كانت قد اعتادت تزويد كيان الإبادة بتقارير استخباراتية ملفّقة بطابعٍ «استقصائي»، ووكالة «رويترز» أيضاً التي تحرّض ضد الفلسطينيين وعليهم.

 

في عام 2023، أخفت وكالة «رويترز» الطرف الذي استهدف المصوّر اللبناني عصام عبدلله

 

في الثالث عشر من أكتوبر عام 2023، أغار الطيران الإسرائيلي على جنوب لبنان واستشهد على إثرها المصوّر الصحافي عصام عبدلله الذي كان يعمل مع «رويترز».

 

يومها، أخفت هذه الوكالة الطرف الذي استهدف عبدلله، أي إسرائيل، واكتفت بنشرها الخبر الآتي: «مقتل عصام عبدلله أثناء عمله في جنوب لبنان». لا يزال يتكرر فعل الإخفاء هذا، وتتكرّر مهمة مسح قذارة إسرائيل حتى الآن، ولعلّ ما يمكننا تسميته بـ«مجزرة الصحافيين»- علماً أن المجزرة تضم عدداً يعادل الثمانين شهيداً فلسطينياً مدنياً- أبرز دليل.

 

حاضر مليء بالعار

استشهاد مريم أبو دقة وزملائها الأربعة يرفع عدد الصحافيين الذين قتلتهم إسرائيل في غزّة ليصل إلى 250 صحافياً. جميعهم استشهدوا أثناء تغطيتهم جرائم كيان الإبادة، وهو أعلى رقم مسجل في تاريخ الحروب. ومن بين زملاء مريم أبو دقة، هناك معاذ أبو طه الذي عمل كـ«فريلانسر» لمصلحة قناة «إن. بي. سي» (N.B.C) الأميركية؛ هذه القناة التي لم تذكر شيئاً عن معاذ أبو طه، وهو «غير موجود» لكي تنفض يديها منه.

 

في «إن. بي. سي» الأميركية، نجد الخبر المنشور في «أسوشيتد برس» نفسه تقريباً، ونجد ذكراً لاسم مريم أبو دقة وحدها، في حين غاب عن تقريرها الإخباريّ أسماء باقي الصحافيين الشهداء. أما جائزة العار الكبرى، فتذهب إلى «رويترز» التي نقلت لنا خبر «مقتل» الصحافيين الأربعة في مجزرة «مستشفى ناصر الطبي» ومن بين هؤلاء مصعب مصري، الصحافي الذي كان يعمل لمصلحتهم، بيد أن «رويترز» ارتأت نقل وجهة نظر الناطق باسم «جيش» كيان الإبادة الذي برّر المجزرة المرتكبة، من دون أن تنسى نقل تصريح نتنياهو الذي وصف المجزرة «بالحادثة المأساوية».

 

على هذا النحو، صار خبر المجزرة مع «رويترز» خبراً درامياً ومأساوياً، وليس خبراً يفيد عن جريمة قتل متعمّدة، مردّها تطهير عرقيّ يتعرض له الفلسطينيون.

 

إعلام في خدمة القاتل

وفي تعليقها حول هذه المجزرة، زعمت وكالة الأخبار الفرنسية «فرانس برس» بأنّها «عاجزة عن التأكد من السردية الإسرائيلية أو مما أعلنه الدفاع المدني الفلسطيني بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على الإعلام».

 

ورغم كل المجازر التي ارتكبها كيان الإبادة على البث المباشر، بالإضافة إلى الصور التي توثق موت الفلسطينيين جوعاً وحرقاً وقصفاً، إلا أنّ «فرانس برس» لا تزال في مرحلة البحث عن دليل.

 

إذا تعاون الصحافيون الفلسطينيون الأربعة مع الإعلام الغربي كـ«فريلانسرز» (متعاقدين)، وقد استعمل الإعلام «مكانتهم» المهنية هذه، أي «فريلانس» للحد من أي التزام ومسؤولية قانونية وأخلاقية تجاههم، وللتخفيف من الوحشية الإسرائيلية. ليست هذه المؤسسات، والحال، سوى «فريلانس» تعمل في خدمة القاتل.

 

هي لا تبرر للكيان الإباديّ فقط، إنما تمتثل به. ثمة أسئلة كثيرة تخصّ مهنة الصحافة ودور الصحافي والأخلاق والمعايير الصحافية التي انبثقت مع الإبادة الغزيّة يجب أن تطرح. لم يعد هذا الإعلام يوثّق الموت ويبيّن مرتكبيه، صار يصنعه. لم تعد وظيفة هذه المؤسسات إعلامية بل صارت ماكينات قتل.

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزارة الخارجية: تمديد جوازات سفر الطلاب السوريين في الخارج سنة واحدة دون رسوم

أصدر وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني قراراً بتمديد جوازات سفر الطلاب السوريين في الخارج لمدة سنة واحدة دون رسوم. وقالت إدارة الإعلام في وزارة ...