آخر الأخبار
الرئيسية » تربية أخلاقية وأفعال خيرية » الإيمان بين الزائل والباقي في معنى كلمة أبي بكر الصديق يوم وفاة الرسول ﷺ …

الإيمان بين الزائل والباقي في معنى كلمة أبي بكر الصديق يوم وفاة الرسول ﷺ …

 

 

المهندس نضال رشيد بكور

 

في لحظة الفقد العظمى ، حين غاب الرسول الكريم ﷺ عن الدنيا ، ارتجّت قلوب الصحابة ، وتزلزل وعي الأمة الفتي.

كان المشهد أكبر من احتمال النفوس: نبيّهم الذي أحبوه وأطاعوه وقاتلوا دونه ، قد رحل. وهنا جاء صوت أبي بكر الصديق ، ثابتاً كالجبل ، ليعيد الأمة إلى مركزها:

من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.

هذه الكلمة ليست مجرد تذكير

بل هي إعلان فلسفي عقدي ، يحدد معالم العلاقة بين الإنسان والدين ، بين الرسول والرسالة ، بين المحدود واللامحدود.

أراد أبو بكر أن يقول: إن العلاقة الروحية ليست مع شخص ، مهما عظم بل مع الحق الأزلي الذي لا يزول.

البشر ، حتى أعظمهم ، يرحلون ، أما الله فلا يغيب.

هذه الفكرة تعيدنا إلى جوهر التوحيد: ألا يكون الإيمان متعلقاً بالأشخاص

بل بالله وحده.

الإيمان الحقيقي لا يموت بموت الأنبياء ، ولا يتوقف عند غياب الرموز بل يستمر كطاقة حيّة تغذي الأجيال ، شرط أن تبقى مرتبطة بالمطلق ، لا محصورة في التجربة الفردية أو التاريخية.

في كلام أبي بكر تحذير عميق: إذا حُصر الدين في شخص النبي ، فقد ينتهي بموته.

أما إذا فُهم أن النبي ما هو إلا رسول ، فإن الرسالة تبقى حيّة ، فاعلة ، قادرة على بناء حضارة.

من هنا نفهم لماذا استطاع المسلمون أن ينهضوا من صدمة الفقد إلى بناء دولة امتدت على آفاق الدنيا.

إن الأمة الإسلامية اليوم أحوج ما تكون إلى هذا التذكير: نحن لا نقدّس الأشخاص ، ولا نرهن إيماننا بوجود قائد أو زعيم أو مذهب.

كل هؤلاء يذهبون ، لكن ما يبقى هو المطلق الإلهي ، الذي يمنح الإنسان حريته وكرامته وقوة استمراره.

إذاً رسالة أبي بكر ليست للتاريخ فقط

بل للآن:

لنعِ أن الدين ليس مرتبطاً بأشخاص يتكلمون باسمه.

ولنتذكر أن الأمة لا تنهض إلا إذا كان إيمانها بالله حياً لا يموت.

ولنفهم أن الثبات أمام الأزمات يبدأ بالوعي بأن البقاء للمطلق ، لا للزائل.

في النهاية :

كلمة أبي بكر هي دعوة فلسفية بامتياز : دعوة إلى تحرير الإيمان من الشخصنة ، وإلى ربطه بما لا يموت

وهي في جوهرها دعوة إلى نضج الأمة الإسلامية ، لتستمد حياتها من الله الحي القيوم ، لا من رموز ، مهما علت منزلتهم.

جمعة مباركة بإذن لله تعالى

تقبل الله طاعتكم

(موقع اخبار سوريا الوطن-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الإمام موسى الصدر: كيف أصبح رمزاً للحوار والمقاومة معاً؟

    قبل سبعة وأربعين عاماً، اختفى الإمام موسى الصدر في ليبيا، تاركاً خلفه مسيرة استثنائية لا تزال حاضرة في الذاكرة اللبنانية والعربية وفي ذاكرة ...