آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » إيران: سياسة الغموض النووي والاحتمالات

إيران: سياسة الغموض النووي والاحتمالات

 

 

حسن حردان

 

يبدو من الواضح أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية قرّرت انتهاج سياسة الغموض النووي في التعامل مع الغرب، بعد شنّ الحرب الإسرائيلية الأميركية عليها.. في وقت كانت فيه المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن جارية، مما جعل القيادة الإيرانية تفقد الثقة بالجانب الأميركي.. الذي لجأ الى الخديعة والغدر كاشفاً عن أهدافه الحقيقية وهي حرمان إيران من برنامجها النووي حرباً أو عبر التفاوض.. على هذه التطورات طرحت الأسئلة حول الاحتمالات في ظلّ إصرار الغرب على حرمان إيران من حقها بتخصيب اليورانيوم على ارضها.

أولاً، استراتيجية الغموض النووي وأهدافها:

اعتمدت إيران في تعاملها مع الغرب، بعد الحرب الإسرائيلية الأميركية، سياسة “الغموض النووي”، وهي استراتيجية تهدف إلى إبقاء نواياها وقدراتها النووية في حالة من الغموض والإبهام. هذه السياسة جاءت كردّ فعل على الهجمات العسكرية التي استهدفت منشآتها النووية، واستخدام الغرب للوكالة الدولية للطاقة الذرية كأداة للضغط عليها.

لكن ما هي ملامح سياسة الغموض الإيرانية:

1 ـ تقليص التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية: أعلنت إيران تعليق تعاونها مع الوكالة وسحب مفتشيها، معللة ذلك بالهجمات العسكرية على منشآتها، وموقف الوكالة الذي غطى العدوان على إيران.. وبالتالي بات هناك حاجة لاعادة النظر في طريقة التعامل مع الوكالة.

2 ـ زيادة مستوى التخصيب: واصلت إيران تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى، بما في ذلك 60%.

3 ـ نقل المنشآت النووية الى أماكن آمنة: قامت إيران بنقل مخزونها النووي إلى مواقع سرية وآمنة، مما يجعل من الصعب على الدول الغربية تحديد حجم التقدم التقني أو كمية المواد الانشطارية.. او معرفة اماكن التخصيب الجديدة، للتجسّس عليها لمصلحة “إسرائيل” والولايات المتحدة.

4 ـ التأكيد على الحق في التخصيب: تصرّ طهران على أنّ تخصيب اليورانيوم هو حق مشروع لها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وأنّ برنامجها النووي يخدم أغراضاً سلمية.

ثانياً، الاحتمالات في حال إصرار الغرب على موقفه:

إنّ إصرار الغرب على حرمان إيران من حقها في تخصيب اليورانيوم على أراضيها، وتمسك إيران بهذا الحق، من المختمل يؤدي الى جملة من الاحتمالات، أبرزها:

1 ـ الخيار النووي العسكري: قد يدفع إصرار الغرب إيران نحو اتخاذ قرار بامتلاك سلاح نووي كخيار لحماية البلاد وردع أيّ هجوم أميركي “إسرائيلي” في المستقبل… على غرار ما فعلت كوريا الديمقراطية.. والتي نجحت في لجم العدوانية الأميركية عليها.. مما أكد حقيقة انّ أميركا لا يمكن ردع عدوانيتها الا من خلال امتلاك القدرات الرادعة لها.

2 ـ استمرار المواجهة الدبلوماسية: يمكن أن تستمرّ حالة الجمود، حيث ترفض إيران التنازل عن حقها، بينما يواصل الغرب فرض العقوبات وممارسة الضغوط.

3 ـ إعادة التفاوض: قد تظهر مساعيَ دبلوماسية جديدة للعودة إلى طاولة المفاوضات، لكن وفق شروط جديدة تأخذ في الاعتبار حقوق إيران التي تنصّ عليها معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.. وتشير بعض التصريحات الإيرانية إلى استعداد طهران لخفض مستوى التخصيب للأغرلض السلمية، مقابل اتفاق يضمن لها الاستفادة منه محلياً.. ايّ العودة الى الاتفاق النووي الذي وقع عام 2015 وانقلبت عليه إدارة الرئيس دونالد ترامب.

4 ـ تصعيد عسكري جديد: في ظلّ إصرار الغرب على موقغه وعدم ثقة إيران بالغرب بعد شنّ الحرب عليها، لا يمكن استبعاد أيّ خيار عسكري تقدم عليه “إسرائيل” والولايات المتحدة مجدّداً.. لكن هذا الخيار لم يعد سهلاً بعد ان أثبتت إيران قدرتها على الردّ بالمثل على العدوان واستنزاف كيان الاحتلال، وبعد ان سدّت إيران الكثير من الثغرات الداخلية التي ظهرت خلال الحرب عليها، واعتمدت سرية العمل في برنامجها النووي.

من هنا فإنّ سياسة الغموض النووي تعتبر أداة استراتيجية إيرانية، تهدف من خلالها طهران إلى تعزيز موقفها التفاوضي، وإبقاء الخيارات الأخرى مفتوحة في ظلّ استمرار التصعيد الأميركي الصهيوني الأوروبي.

(اخبار سوريا الوطن1-الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

توازن الرعب وحروب تفريغ الشحنات

    بقلم المهندس باسل قس نصر الله   الحربُ لمْ تعدْ كما عرفناها في القرنِ العشرينِ. يومَها اشتعلتْ حربانِ عالميتانِ، الأول “١٩١٤ – ١٩١٨” ...