كشفت صحيفة عبرية أن رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير، قرر المضي في تهجير الفلسطينيين بمدينة غزة، خلافا لموقف المدعية العامة العسكرية يفعات تومر-يروشالمي، التي طالبت بتأجيل إشعارات الإخلاء حتى توافر شروط استيعاب النازحين.
ويفترض أن تتولى المدعية العسكرية الإشراف القانوني على جميع أنشطة الجيش الإسرائيلي، لضمان عدم مخالفتها للقانون الدولي، إلا أنها تُتهم بالتغاضي عن استهداف المدنيين وعمال الإغاثة في غزة، ولم تفتتح تحقيقات في تلك الحوادث، وفق صحيفة “هآرتس”.
ومساء الأربعاء، قالت الصحيفة، إن زامير، أمر الاثنين، بإخلاء مدينة غزة بالكامل، خلافا لموقف المدعية العامة العسكرية.
وحذرت تومر- يروشالمي، الأسبوع الماضي، رئيس الأركان “من استحالة التأكد من قانونية الإجراءات التي ستُتخذ لإخلاء السكان إلى جنوب قطاع غزة، وطالبت بتأجيل إشعارات الإخلاء حتى توافر الشروط اللازمة لاستيعابهم، إلا أن زامير تجاهل موقفها”، وفق المصدر ذاته.
ومنذ أيام شرعت إسرائيل في حملة تدمير تدريجية للمباني السكنية المرتفعة بمدينة غزة، ما زاد أعداد العائلات المشردة ودفعها إلى ظروف نزوح قاسية، في وقت يحذّر فيه مراقبون من أن الهدف هو دفع الفلسطينيين قسرًا إلى النزوح جنوبًا، ضمن مخطط إسرائيلي أمريكي أوسع لتهجيرهم خارج القطاع.
وتأتي هذه الاستهدافات للمباني السكنية العالية، عقب إعلان الجيش الإسرائيلي توسيع عملياته العسكرية في مدينة غزة ضمن “عربات جدعون 2″، ودعوته المدنيين للتوجه جنوبا نحو المنطقة التي يزعم أنها “إنسانية” في مواصي خان يونس جنوبي القطاع.
وأوضحت الصحيفة أن زامير، عقد بعد أيام من تحذير تومر- يروشالمي، اجتماعا مع قائد المنطقة الجنوبية يانيف عاسور، ومنسق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية غسان عليان، دون حضور المدعية العسكرية.
وقالت إن الثلاثة (زامير، وعاسور، عليان) قرروا “إصدار أمر لجميع سكان مدينة غزة بإخلائها إلى الجنوب، دون إبلاغ تومر-يروشالمي بالقرار”.
وأوضحت “هآرتس” أن المدعية العامة العسكرية طالبت رئيس الأركان خلال اجتماع آخر، الأسبوع الماضي، بمشاركة قائد المنطقة الجنوبية وقادة كبار بالجيش “بتقديم وثيقة شاملة تُفصّل الوضع الإنساني في جنوب القطاع، وحالة البنية التحتية المطلوبة بموجب القانون الدولي في المناطق التي يُفترض إخلاء سكان مدينة غزة إليها”.
ووفقا للتقديرات، يوجد ما يقارب 1.2 مليون شخص في مدينة غزة مُطالبون حاليا بالنزوح جنوبا، 700 ألف منهم كانوا يعيشون هناك قبل الحرب، ونصف مليون نازح آخر وجدوا مأوى هناك.
ونقلت “هآرتس” عن مصادر مطلعة لم تسمها “أن كبار مسؤولي الجيش قدموا وصفا غير واقعي للوضع الإنساني في جنوب قطاع غزة”.
وقال مسؤول أمني كبير مطلع: “اخترعوا واقعا غير موجود (بجنوب القطاع)، من دون أي عمل جدي، في حين أصبح واضحا للجميع أن هذا ليس هو الحال وأنه من غير الممكن البدء بإجلاء السكان” في مدينة غزة.
ووفقًا للمصادر التي تحدثت لـ “هآرتس”، فإن “المعلومات الجزئية والسطحية التي عُرضت خلال المناقشات حول الوضع في جنوب قطاع غزة استندت إلى خرائط غير واضحة، حيث تم تحديد المناطق المكتظة أصلا كمناطق لاستيعاب السكان” النازحين من شمال القطاع.
كما أشارت مصادر مطلعة على النقاشات بهذا الخصوص إلى أنه، خلافا لادعاءات الجيش، فإن مستشفيات جنوب قطاع غزة على وشك الانهيار، ولا تستطيع استيعاب المزيد من الجرحى نظرًا للاكتظاظ الشديد السائد فيها أصلا، بحسب الصحيفة.
ووفقا للمصادر فإن “نقل مليون شخص إلى مناطق لا تتوفر فيها الخدمات الطبية قد يُسبب كارثة إنسانية، تُثير انتقادات دولية، وتُؤدي إلى عقوبات من الدول الداعمة لإسرائيل”.
من جانبه، زعم الجيش الإسرائيلي في بيان، أنه “في إطار المرحلة التالية من عملية عربات جدعون 2، بدأ بقيادة المنطقة الجنوبية وبمشاركة سلاح الجو، هجومًا واسعًا على بنى تحتية” في مدينة غزة.
وأكمل أنه “حتى الآن، استكمل سلاح الجو ثلاث موجات من الهجوم والتي استندت إلى معلومات استخباراتية دقيقة، حيث جرى خلالها ضرب أكثر من 360 هدفًا باستخدام عشرات القطع الجوية”، وفق ادعائه.
وتوعد الجيش بأنه سيقوم خلال “الأيام القليلة القادمة، بتكثيف وتيرة الهجمات بشكل مركّز، استنادًا إلى معلومات استخباراتية دقيقة”.
وبعد أكثر من 3 أسابيع من القصف المكثف على قطاع غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي رسميا، في 3 سبتمبر/ أيلول الجاري، إطلاق عملية “عربات جدعون 2” لاحتلال مدينة غزة بالكامل، ما أثار انتقادات واحتجاجات في إسرائيل، خوفا على حياة الأسرى والجنود.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة، خلّفت 64 ألفا و656 شهيدا، و163 ألفا و503 جرحى من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 404 فلسطينيين بينهم 141 طفلا.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم