هل شعرتِ يومًا أن النجاح الذي تعملين من أجله يأتي على حساب إرهاق نفسي كبير؟ تشير الدراسات إلى أن بعض السمات الشخصية مثل الكمالية، وإرضاء الآخرين، والقلق قد تزيد من الضغط النفسي، لكن يمكن تعديلها لتحقيق نجاح مستدام وصحي بعيداً عن الاحتراق النفسي.
السمات الشخصية وتأثيرها على الإرهاق
توضح الأبحاث، وفق موقع Psychology Today، أن سمات مثل الكمالية والقلق وإرضاء الآخرين تسهم بشكل ملحوظ في الإرهاق بين النساء الطموحات. فرغم أن هذه السمات تساعد أحياناً على بلوغ النجاح المهني والشخصي، إلا أنها قد تؤدي أيضاً إلى استنزاف الطاقة وتوليد شعور دائم بالضغط.
ويظن كثيرون أن هذه السمات ثابتة لا يمكن تغييرها، أو أن التخفيف منها سيؤثر سلباً على الأداء والإنجاز. لكن الدراسات الحديثة تؤكد أن السمات الشخصية قابلة للتطوير والتعديل، بحيث يمكن تقليل الإرهاق دون خسارة النجاحات.
السمات الشخصية الخمس الكبرى: دليل سريع
يعتمد علماء النفس غالباً على نموذج «السمات الخمس الكبرى» لفهم الفروقات الفردية:
العصابية (Neuroticism): درجة الحساسية للتوتر والعواطف السلبية.
الانبساط (Extraversion): الميل للتفاعل الاجتماعي والحاجة إلى التحفيز.
الانفتاح على الخبرة (Openness): مستوى الفضول والإبداع مقابل الروتين.
الوداعة (Agreeableness): الميل للتعاون مقابل الحزم والصرامة.
الضمير الحي (Conscientiousness): التنظيم والانضباط مقابل المرونة والعفوية.
توجد هذه السمات على طيف متواصل، ما يعني إمكانية تعديلها بدلاً من التصنيف الثابت.
من إرضاء الآخرين إلى الحزم الصحي
ارتفاع الوداعة بشكل مبالغ فيه قد يقود إلى إرضاء الآخرين: قبول كل الطلبات، تجنب الخلافات، والمبالغة في التوضيح. التعديل هنا لا يعني القسوة أو الأنانية، بل ممارسة **الحزم الصحي**، أي التعبير عن الاحتياجات ووضع حدود واضحة. هذه المرونة تزيد التركيز وتخفف الإرهاق.
من الكمالية إلى ضمير حي موجّه بالقيم
الكمالية قد تظهر عبر الإفراط في التحضير أو صعوبة تفويض المهمات. التحوّل نحو ضمير حي موجه بالقيم يعني تركيز الجهد على المهم والقيّم فعلاً، مع إفساح المجال للإبداع والراحة. الهدف ليس خفض المعايير، بل توظيف الطاقة في اتجاهها الصحيح.
الكمالية قد تظهر عبر الإفراط في التحضير أو صعوبة تفويض المهمات
الكمالية قد تظهر عبر الإفراط في التحضير أو صعوبة تفويض المهمات
من القلق إلى المرونة العاطفية
العصابية العالية كثيراً ما تتجلى في القلق: الإفراط في التفكير وتوقع الأسوأ. تعديل هذه السمة نحو المرونة العاطفية يساعد على مواجهة التوتر بثقة، دون استنزاف عقلي، ويتيح النظر إلى التحديات باعتبارها فرصاً للتطور.
السمات الشخصية قابلة للتغيير
الأبحاث تشير إلى أن السمات ليست ثابتة، بل يمكن أن تتطور على مدى الحياة. كما إن الممارسات الواعية والممنهجة قادرة على تسريع هذا التغيير، ما يتيح للنساء تطوير سمات تدعم النجاح المستدام بعيداً عن الإرهاق.
لا تحتاجين إلى شخصية جديدة لتجنّب الإرهاق؛ يكفي تعديل السمات الحالية لتعيشي حياة أكثر توازناً وفاعلية. فممارسة الحزم الصحي، والمرونة العاطفية، والضمير الحي الموجّه بالقيم تقود إلى ما يُعرف بـ«النجاح الرحب» — نجاح يترك مساحة للتنفس، الإبداع، وصحة نفسية أفضل بعيداً عن الإرهاق المستمر.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار