عدنان كامل الشمالي
لم تكن الغارة الإسرائيلية على الدوحة مجرد هجوم عسكري، بل صفعة مدوية لكل من يظن أنه يمتلك سيادة أو استقلالية في المنطقة.
الرسالة وصلت بوضوح لكل عاصمة عربية: القوة العسكرية هي الحاكم الأوحد، وأي دولة خارج الفلك الأمريكي-الإسرائيلي مجرد ورقة مكشوفة تنتظر أن تُحرق.
الولايات المتحدة، رغم تورطها في التخطيط للضربة، تنصلت علنًا من أي مسؤولية مباشرة، محاولةً تجنب أي تداعيات سياسية أمام العالم العربي والمجتمع الدولي.
وفي الوقت نفسه، أرسلت رسائل واضحة تؤكد دعمها المطلق لإسرائيل، وتحذر أي دولة عربية من تحرك مستقل خارج نطاق النفوذ الأمريكي-الإسرائيلي.
قطر أنفقت أكثر من 19 مليار دولار على أحدث منظومات الدفاع الجوي والمقاتلات، لكنها فشلت في صد الضربة. السبب واضح:
هذه المنظومات ليست ملكًا لها، بل أدوات إلكترونية تخضع لبرمجيات وسيطرة أمريكية كاملة.
المليارات لم تمنحها قوة حقيقية، بل أكدت تبعيتها المطلقة.
الرسائل كانت صارخة:
أي دعم لحماس أو أي تحرك فلسطيني مستقل محدود بحدود صارمة، وأي سياسة خارج النفوذ الأمريكي-الإسرائيلي ستكون مكلفة ومهددة للاستقرار.
القوة وحدها هي الحاكم، والشرعية الدولية غالبًا مجرد شعار بلا مضمون، والقرار العسكري والسياسي في المنطقة محكوم لمن يمتلك اليد العليا.
أما الموقف العربي، فكما هو الحال دائمًا، اقتصَر على الشجب والادانة والاستنكار، تصريحات رتيبة تفتقر لأي تأثير عملي، لتبرز هشاشة القدرة العربية على مواجهة الضغوط الأمريكية-الإسرائيلية.
المواطن العربي اليوم ليس مجرد متفرج، بل ضحية مباشرة لهذه اللعبة القذرة، محاصرًا بين صمت قادته وخذلانهم.
الغارة كشفت بوضوح الواقع المرير: الأمة العربية تواجه مفترق طرق.
لا سبيل للتخلص من الذل والتبعية وكسر اليد الطويلة لإسرائيل تحت غطاء القوة الأمريكية، إلا بتوحيد الكلمة والموقف العربي. ففي التشرذم والهوان تكمن قوة خصومنا، وفي توحيد الكلمة والموقف تكمن فرصتنا الوحيدة لاستعادة الكرامة ورسم مستقبل نصنعه بأيدينا، لا يفرض علينا من الخارج.
هذه الغارة لم تكن مجرد حدث عابر، بل مرآة صارخة تكشف هشاشة السيادة العربية، وقوة الخصوم، والحاجة الملحة إلى موقف عربي موحّد وفاعل.
كل لحظة صمت أو تكرار للشجب دون فعل عملي، هي فرصة تُمنح للقوة الأمريكية-الإسرائيلية لتعميق هيمنتها. المواطن العربي مطالب اليوم أن يرى الحقيقة كاملة، ويفهم أن استعادة الكرامة ليست مجرد كلمات، بل مسار يتطلب تحركًا جديًا وعقلًا مستنيرًا.
(موقع اخبار سوريا الوطن-1)