غالباً ما يبدو سلوك الأطفال، خصوصاً الصغار منهم، غير منطقي بالنسبة إلى الوالدين. وهذا لأنهم يحكّمون عواطفهم حتى وإن لم يستطيعوا التعبير عنها بشكل واضح. عندما ننظر إلى العالم من منظور مشاعر الطفل فقط، يبدأ كل شيء في التكوّن بطريقة أكثر منطقية.
يسمّي البعض هذه الطريقة «عقلية الطفل»، وهي الطريقة الأساسية التي يفكر بها الأطفال بناءً على تجربتهم العاطفية. وفهم هذه العقلية لا يساعدنا فقط على فهم سلوك الأطفال، بل يسهم أيضًا في تربية أطفال سعداء وصحيين. فيما يلي تحليل لأهم سبعة جوانب تشكّل عقلية الطفل بحسب موقع Psychology Today.
1. الحاجة الأساسية: الاتصال مهما كلف الأمر
يشير جون بولبي، مؤسس نظرية التعلّق، في سلسلته «التعلّق والفقدان»، إلى أن جودة ارتباط الطفل بمقدّم الرعاية أمر بالغ الأهمية لنموه الصحي.
في علم النفس، يُعرف هذا بـ«التناغم العاطفي»، أي قدرة الوالد أو مقدّم الرعاية على فهم احتياجات الطفل العاطفية بدقة والاستجابة لها. عندما يدرك الوالدان ما يحدث داخل طفلهما ويستجيبان بطريقة مناسبة، يشعر الطفل بالأمان والتقدير والرعاية. ومن هنا، يسعى الطفل إلى تقليد والده والتعلم منه، ما يعزز شعور القرب النفسي بينهما.
2. الشعور بالصغر يعني الشعور بالعجز والخوف
كل تفاعلات الطفل اليومية تدعم شعوره بأنه صغير وقليل القوة. يعيش الطفل في عالم يبدو كبيرًا ومليئًا بـ«العمالقة» الذين يضعون القواعد ويطبقونها.
وللتعامل مع شعوره بالخوف والعجز، يحاول الطفل أحيانًا أن يجعل الآخرين يشعرون بما يشعر به هو، كأنه يتخلّص من مشاعره السلبية. كما يدفعه شعوره بالصغر إلى الرغبة في السيطرة، فالتحكّم يمنحه شعورًا بالكبر والأمان.
3. رؤية العالم بالأبيض والأسود
لا يستطيع الأطفال الصغار استيعاب الأفكار المعقدة، لذا يميلون إلى تبسيط تجاربهم
لا يستطيع الأطفال الصغار استيعاب الأفكار المعقدة، لذا يميلون إلى تبسيط تجاربهم
لا يستطيع الأطفال الصغار استيعاب الأفكار المعقدة، لذا يميلون إلى تبسيط تجاربهم لفهم العالم والتكيّف معه.
هذا قد يسبب مشكلات، إذ يشكّل الطفل توقعات وسرديات بناءً على تعميمات غير دقيقة. على سبيل المثال، إذا عضّ كلب طفلًا حاول ملاعبته، قد يظن أن كل الكلاب خطرة ما لم يُشرح له سبب تصرف هذا الكلب بالتحديد.
4. الحفاظ على صورة الوالد المثالي
نظرًا إلى أن الأطفال يشعرون بالعجز، فهم بحاجة إلى رؤية والديهم ككائنات كفؤة وموثوقة.
رؤية الوالد ككائن خطأ قد تجعل العالم يبدو معطّلًا وخطرًا. لذلك يحاول الأطفال أحيانًا تبرير أخطاء والديهم، حتى في حالات مثل الطلاق، معتقدين أنهم السبب وراء الفشل.
5. مركزية الذات (Ego-Centrism)
يقترح عالم النفس السويسري جان بياجيه أن الأطفال بطبيعتهم أنانيون نسبيًا، وغالبًا ما يسيئون فهم مشاعر الآخرين بافتراض أنهم يشعرون بما يشعرون به هم.
مثال على ذلك، قد يعتقد الطفل أنه مسؤول عن سطوع الشمس لأنه تمنى ذلك، أو عن موت سمكته لأنه لم يعتنِ بها كفاية. وإذا تشاجر والداه، قد يظن أنه السبب في ذلك.
6. تجنّب الشعور بالخجل
كل مرة نصحح فيها سلوك الطفل، نعلّمه ما هو مقبول وما هو غير مقبول. يسعى الأطفال إلى إرضاء والديهم، ولكن مشاعرهم غالبًا ما تتداخل فتجعلهم يتصرّفون بشكل غير مناسب، ما يسبّب لهم شعورًا بالخجل ويؤثر على تقديرهم لذاتهم.
يزداد هذا الشعور إذا افتقد الطفل الاتصال بوالديه أو إذا لم يشعر أن والديه مثاليان دائمًا. عندها قد يعتقد أنه غير جدير بحبهما.
7. الشعور بالإرهاق
العالم كبير وسريع ومعقد، ومن الطبيعي أن يشعر الطفل بالإرهاق.
ويتفاعل الأطفال مع هذا الشعور بطرق مختلفة: الانطواء، البكاء، الانفجار الغاضب، العزلة، التركيز الشديد على شيء واحد، أو الغضب الشديد. هذه الاستراتيجيات قد تعيق قدرتهم على التواصل مع الآخرين.
الأهم هو الرسائل التي يتلقاها الطفل عن نفسه، وعن قدرته على التعامل مع المواقف، وعن قدرة والديه على البقاء متصلين به.
ماذا يعني هذا للوالدين؟
معرفة هذه الطرق السبع لفهم عقلية الطفل تساعدك على تفسير سلوكه
معرفة هذه الطرق السبع لفهم عقلية الطفل تساعدك على تفسير سلوكه
معرفة هذه الطرق السبع لفهم عقلية الطفل تساعدك على تفسير سلوكه. فسلوك الأطفال ينبع من عواطفهم، وعقلية الطفل تؤثر بشكل كبير على هذه العواطف.
في المرة القادمة التي يظهر فيها الطفل سلوكًا صعبًا، اسأل نفسك: ما السبب الجذري وراء هذا السلوك؟ غالبًا ستجد أن أحد هذه الجوانب أو أكثر هو العامل المحفّز. وعندما تعرف العامل الأساسي، يمكنك تسميته ومناقشته مع طفلك لفهم ما يدور في ذهنه.
كيف تمنع بناء سرديات غير صحية لدى طفلك؟
1. تسمية المشاعر: المشاعر الكبيرة تصنع سرديات كبيرة. إذا كان الطفل خائفًا من الحقنة، قد يظن أن الأطباء مؤذون. عندما تساعده على التعبير، يقل احتمال تكوين سردية خطأ.
2. تسمية الحكاية: انتبه إلى سلوك الطفل وحاول معرفة القصة التي بناها. قل مثلًا: «أعرف أن الحقنة تؤلم، لكن الأطباء هنا للمساعدة، وأنا هنا لحمايتك».
3. الإصلاح عند الحاجة: إذا انقطع الاتصال، اعترف بمشاعره وأصلح سوء الفهم.
4. تحمّل مسؤوليتك: اعترف بدورك وركّز على تجربة الطفل: «أعلم أنني متعب عند عودتي، وأدرك كم هذا صعب عليك».
5. وصف خطتك للتغيير: شارك طفلك ببساطة أنك تحاول التحسّن.
6. توضيح سوء الفهم: قدّم حقائق لتصحيح أي مفاهيم خطأ: «أعمل كثيرًا من أجل المال، ولكنني أحاول قضاء وقت أكبر معك».
عندما تصلح الاتصال مع طفلك، فأنت تقول له إنه مهم، وتعيد بناء سرديات صحيحة تدعم ثقته بنفسه وتقديره لذاته.
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار