زياد غصن
قبل عام ونيف تمت دعوتي مع عشرات الأشخاص لمناقشة مسودة مشروع قانون كانت قد أعدته وزارة التنمية الإدارية، ويتعلق بالكشف عن الذمة المالية لشاغلي المناصب والوظائف الحكومية والحزبية والنقابية وغيرها.
آنذاك كان الاعتقاد السائد لدى الحضور أن مشروع القانون سوف يصدر خلال أيام قليلة فقط رغم الملاحظات القانونية والإجرائية التي سجلت على الكثير من مواده. ومرد ذلك الاعتقاد هو حجم الاهتمام الرسمي الذي حظي به الاجتماع من جهة، وتأكيد الجهة المنظمة أن صدور المشروع يمتل إرادة سياسية من جهة ثانية.
لكن مضت الأيام، الأسابيع، والأشهر من دون أن يصدر المشروع… أو حتى يجري توضيح للأسباب التي عرقلت صدوره!!
في بيان الحكومة حول موازنة العام الحالي، والذي قدم لمجلس الشعب نهاية العام الماضي، أدرجت وزارة التنمية الإدارية قانون إقرار الذمة المالية ضمن مشروعاتها لعام 2021، مشيرة إلى أن “المشروع يدرس حالياً من قبل اللجنة الدستورية في مجلس الشعب”… هذا الكلام كان قبل بضعة أشهر..!
أسئلة كثيرة تفرض نفسها على مخيلة الكثير منا عند مناقشة مثل هذا الملف من قبيل:
هل يستلزم إصدار مشروع قانون بهذه الأهمية كل هذا الوقت؟ ولماذا هناك مشروعات قوانين أخرى صدرت وخلال فترات زمنية قياسية؟ وهل نجح المتضررون من مشروع القانون في عرقلة صدوره؟ وكم خسرت البلاد من ثروات منذ الإعلان عن المشروع أو بالأحرى ما حجم الأموال التي تمكن البعض من نهبها جراء التواطؤ والسمسرة على مصلحة مؤسسات الدولة أو تهريبها خلال فترة مناقشة القانون؟
المشروع المنتظر لن يحل بالتأكيد مشكلة الفساد والكسب غير المشروع نهائياً، إنما يمثل خطوة أولى من شأنها “التضيق” على الفاسدين وناهبي المال العام، والتمهيد للخطوة الثانية المتمثلة في تتبع الفساد غير المنظور أو الفساد “القانوني” لشاغلي المناصب والوظائف العامة، والذي بات مفضوحاً شعبياً إلى درجة القناعة أن مكافحة الفساد ليست أولوية، ولا يمكن أن تكون كذلك في ضوء الخيارات الإدارية الحالية، وتجذر نفوذ الفاسدين داخل مؤسسات الدولة والمجتمع!
وما دام مفضوحاً شعبياً، فهو بالتأكيد بات مكشوفاً لجهات عديدة في الدولة، حتى وإن تمكن الفاسدون الكبار من حماية أنفسهم، سواء بتحميل آخرين المسؤولية أو باستغلال القانون لتمرير مصالحهم وصفقاتهم… وبالقانون!
على أي حال… اليوم هناك سؤالين اثنين يطرحان وهما:
هل سيجد مشروع قانون إقرار الذمة المالية طريقه للصدور بعد كل هذه الأشهر؟ أما السؤال الثاني وهو لا يقل أهمية: وفي حال صدوره وتحوله إلى قانون… هل سيطبق على جميع شاغلي المناصب والوظائف من دون استثناء أم سيكون مصيره كمصير عشرات القوانين التي صدرت ولم تنفذ فعلياً؟
(سيرياهوم نيوز-المشهد15-4-2021)