أثار القرار القاضي بإنهاء عقود العاملين في مؤسسات القطاع العام، جدلاً واسعاً لما يحمله من تداعيات اجتماعية واقتصادية عميقة.
صحيح أن الترهل الإداري بات مشكلة مزمنة في أجهزة الدولة، خاصة بعد عقود من سياسات التعيين العشوائي وفق احتياجات سياسية أكثر منها مهنية، إلا أن معالجة هذا الخلل عبر الاستغناء المفاجئ عن عشرات أو مئات آلاف الموظفين تبدو خطوة محفوفة بالمخاطر.
اللافت أن عدداً كبيراً من هؤلاء الموظفين أمضى أكثر من عشرين عاماً في عمله بصيغة العقود، دون أن يحصل على حق التثبيت أو الضمان الوظيفي، واليوم يجدون أنفسهم خارج سوق العمل، في وقت يعاني فيه اقتصادنا من انكماش حاد وغياب شبه كامل لفرص التوظيف في القطاعين العام والخاص.
على الصعيد الاجتماعي، يعني القرار دفع آلاف الأسر نحو الفقر، وتفاقم معدلات البطالة، وما يرافقها من ضغوط نفسية وارتفاع نسب التفكك الأسري والهجرة.
أما على الصعيد الاقتصادي، فإن خسارة خبرات تراكمت داخل المؤسسات ستؤدي إلى إضعاف كفاءتها، وتكريس مزيد من عدم الاستقرار في سوق العمل.
إن الإصلاح الإداري ضرورة ملحة، لكن تحقيقه يتطلب رؤية متدرجة تحافظ على حقوق العاملين وتستثمر خبراتهم، بدلاً من إلقائهم فجأة في مواجهة البطالة والفقر.