آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » تسونامي الاعتراف بدولة فلسطين…

تسونامي الاعتراف بدولة فلسطين…

 

حسن حردان

يشكل اعتراف أغلب دول العالم، ومنها دول الغرب، بدولة فلسطين تطوراً لافتاً لا يمكن التقليل من أهميته، على الرغم من انه لا يزال يحتاج الى نضال شاق وطويل ليتحوّل الى واقع فعلي على أرض فلسطين… ولهذا فإنّ اعتراف دول العالم بدولة فلسطين إنما يمثل تطوراً سياسياً وقانونياً هاماً له تأثيرات عميقة على مجرى الصراع بين الشعب الفلسطيني وكيان الاحتلال الصهيوني. على انّ هذا الاعتراف هو نتاج مزيج من الصمود الفلسطيني المتواصل في غزة والضفة الغربية، والتحوّل الكبير في الرأي العام العالمي، خصوصاً في أوروبا، الذي أثارته حرب الإبادة النازية “الإسرائيلية” على قطاع غزة.
أولاً، على صعيد اهمية الاعتراف الدولي:
انّ الاعتراف بدولة فلسطين يمنحها شرعية دولية وقانونية أكبر، ويضعها على قدم المساواة مع “إسرائيل” على الساحة الدبلوماسية العالمية.. ولذلك هذا الاعتراف ليس مجرد خطوة رمزية، بل له أبعاد عملية مهمة:
البعد الأول، تعزيز مكانة فلسطين: يفتح الاعتراف الباب أمام فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، مما يمنحها حقوقاً وامتيازات إضافية، ويسمح لها بالانضمام إلى منظمات دولية أخرى.
البعد الثاني، دعم حلّ الدولتين: يعزز الاعتراف الدولي فكرة حلّ الدولتين كطريق وحيد لتحقيق تسوية للصراع، ويضع ضغوطاً أكبر على “إسرائيل” للانخراط في مفاوضات جدية لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة.
البعد الثالث، زيادة الضغط الدولي على “إسرائيل”: يفرض الاعتراف الدولي المتزايد عزلة دبلوماسية على “إسرائيل”، ويجعلها كدولة تتجاهل القانون الدولي. مما يمهّد الطريق امام فرض عقوبات دولية أو ضغوط اقتصادية وسياسية عليها.
البعد الرابع، بناء المؤسسات: قد يتيح الاعتراف لبعض الدول تقديم المساعدة لفلسطين في بناء وتعزيز مؤسّسات الدولة، مثل الأنظمة القضائية والتعليمية والصحية، مما يعزّز قدرتها على ممارسة سيادتها المستقبلية.
ثانياً، على صعيد تأثير الصمود الفلسطيني وانتفاضة الرأي العام:
يُعتبر الاعتراف الأخير من قبل دول غربية مثل بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا نتاجاً مباشراً لعدة عوامل، أبرزها:
العامل الأول، الصمود الفلسطيني: صمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية في مواجهة الحرب الإسرائيلية هو عامل رئيسي. هذا الصمود، رغم الخسائر الفادحة، أظهر للعالم إصرار الفلسطينيين على البقاء على أرضهم وحقهم في تقرير مصيرهم.
العامل الثاني، انتفاضة الرأي العام العالمي: أدّت الحرب الإسرائيلية في غزة وما صاحبها من دمار وقتل للمدنيين إلى تحوّل كبير في الرأي العام العالمي. لم يعُد الجمهور في الغرب يرى الصراع مجرد مسألة سياسية معقدة، بل أصبحت مسألة إنسانية وأخلاقية. المظاهرات الحاشدة والنشاط المتزايد على وسائل التواصل الاجتماعي أدّت إلى ضغوط كبيرة على الحكومات الغربية لاتخاذ موقف أكثر دعماً للفلسطينيين.
ثالثاً، على صعيد تأثير الاعتراف على الكيان الصهيوني:
لا شك في انّ الاعتراف الدولي المتزايد له تأثير عميق على مسار الصراع. رغم أنّ الكيان الإسرائيلي سيعمل على محاولة تجاهل هذا الاعتراف، إلا أنه لا يستطيع ذلك تماماً.. حيث وصفت وسائل الاعلام الإسرائيلية هذا الاعتراف بـ “تسونامي دبلوماسي”، على انّ التأثير على الكيان الإسرائيلي سوف يتجسّد على الصعد التالية:
1 ـ على الضغط السياسي: يفرض الاعتراف ضغوطاً متزايدة على الكيان الإسرائيلي من حلفائه التقليديين. على سبيل المثال، اعتراف بريطانيا وكندا وفرنسا يُعدّ بمثابة تحوّل كبير في سياساتهم، ويجعلهم أكثر استعداداً لممارسة المزيد من الضغوط على الكيان الإسرائيلي لقبول السير في حلّ الدولتين.
2 ـ على صعيد العزلة الدولية: كلّ اعتراف جديد يزيد من عزلة الكيان الإسرائيلي دولياً، ويقوّض موقفه التفاوضي. فكلما زاد عدد الدول التي تعترف بفلسطين، أصبح موقف “إسرائيل” المتمثل في رفض قيام دولة فلسطينية أكثر صعوبة.
3 ـ على صعيد المواجهة الدبلوماسية: يمكن لفلسطين، بعد حصولها على المزيد من الاعترافات، استخدام المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية لتعزيز قضيتها ومقاضاة “إسرائيل” على جرائم حرب الإبادة، مما يجعل من الصعب على “إسرائيل” التهرّب من المساءلة.
4 ـ على صعيد الردّ الإسرائيلي: قد تلجأ الحكومة الإسرائيلية إلى ردود فعل غاضبة، مثل فرض عقوبات على السلطة الفلسطينية أو ضمّ أراضٍ إضافية في الضفة الغربية، إلا أنّ مثل هذه الإجراءات قد تؤدي إلى مزيد من العزلة والغضب الدولي… وبالتالي قد يدفع دول العالم الى اتخاذ خطوات وإجراءات عملية لمعاقبة “إسرائيل”، لإجبارها على المثول للقوانين والقرارات الدولية، على ما حصل سابقاً مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا قبيل سقوطه.
(أخبار سوريا الوطن1-الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بريطانيا تعترف بفلسطين: خطوة تاريخية وتحولات استراتيجية

  د. سلمان ريا أعلنت بريطانيا رسمياً اعترافها بدولة فلسطين، في خطوة تاريخية لم تحدث منذ وعد بلفور. القرار يعيد تسليط الضوء على مسؤوليات لندن ...