لا تزال آلة الحرب الصهيونية تمعن في قتل البشر وتدمير الحجر في مدينة غزة بشكل مكثّف، ضمن المرحلة الثانية من عملية «عربات جدعون 2»، والتي تهدف إلى احتلال المدينة بعد طرد وتهجير أهلها منها. وأعلن جيش الاحتلال أن قواته من الفرقة 162 والفرقة 98، إضافة إلى الفرقة 36 التي انضمّت حديثاً، «استكملت عملية اقتحام مدينة غزة، وتخوض حالياً عمليات عسكرية داخل أحيائها». فيما أشارت «القناة 12» العبرية إلى أن «وحدات الجيش تنتشر حالياً في الشيخ رضوان، وأطراف حي الشاطئ وتل الهوى»، كجزء من خطة منظّمة تراعي، بحسب قولها، «سلامة الجنود» وتفادي الإضرار بـ«المحتجزين».
وعلى صعيد متصل، نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر في جيش الاحتلال، أن آلاف الجنود من وحدات المشاة والمدرّعات والهندسة العسكرية أُدخلوا إلى غزة خلال اليومين الماضيين، في محاولة لتسريع السيطرة على قلب المدينة. وفي السياق نفسه، أعلنت إذاعة جيش الاحتلال عن وصول قافلة من جرافات «D9» الأميركية الصنع، التي دخلت مع الفرقة 36 للمشاركة في عملية تدمير المدينة.
وفي غضون ذلك، أفاد أمير بوخبوط، عبر موقع «والا» العبري، أن «الغارات الجوية الليلية على أنحاء متفرّقة من قطاع غزة دفعت آلاف الفلسطينيين إلى النزوح جنوباً». ونقل عن مصدر في قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال تقديره أن «أكثر من 560 ألف فلسطيني غادروا مدينة غزة»، متوقّعاً «ارتفاع العدد بشكل كبير مع اقتراب عطلة نهاية الأسبوع».
وفي المقابل، اندلعت، صباح أمس، اشتباكات وجهاً لوجه بين ثلاثة مقاومين من حركة «حماس» وقوة من لواء «جفعاتي» التابع لجيش الاحتلال في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، حيث استخدم المقاومون قاذفات كتفية وسلاح قنص، ما أسفر عن إصابة ضابط إسرائيلي بجروح خطيرة. في المقابل، أعلن الناطق باسم جيش الاحتلال عن رصد إطلاق صاروخ واحد من مدينة غزة باتجاه مستوطنة «ناحل عوز»، مشيراً إلى تفعيل نظام الاعتراض، فيما نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤولين في جيش الاحتلال قولهم إن «القضاء على آخر عنصر في حركة حماس غير ممكن»، مشيرين إلى أن «الحركة لن ترفع الراية البيضاء»، بل ستُدخل جيش الاحتلال في «معركة طويلة ومرهقة».
وفي غضون ذلك، نشرت «كتائب القسّام» شريط فيديو يُظهر أحد الأسرى الإسرائيليين في غزة، وعرّفت عنه بأنه «الأسير آلون أوهل»، وأرفقته بعبارة: «بسبب تعنّت نتنياهو، ما زال في أسره منذ أكثر من 700 يوم… الوقت ينفد». وتحدّث الأسير في الشريط، قائلاً إن الحكومة الإسرائيلية حوّلتهم إلى «عبء»، داعياً المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى الضغط على نتنياهو، كما حثّ عائلته والمستوطنين على مواصلة التظاهر من أجل الإفراج عنهم. وفي السياق ذاته، ذكرت «هيئة البث» الإسرائيلية أن رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، التقى، أمس، عائلات الأسرى في مكتبه.
وبحسب المحلّل العسكري في «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشع، فإن زامير «أبلغ العائلات بأن الخيار الأفضل هو التوصّل إلى صفقة تبادل أسرى محسّنة تتيح إخراج أكبر عدد منهم أحياء، ثم استئناف القتال لهزيمة حماس». ولفت إلى أن «عملية من هذا النوع ستنقذ معظم الأسرى وتتيح للجيش العمل بحريّة أكبر». ومن جهة أخرى، كشفت صحيفة «هآرتس» أن عائلات الأسرى تواصل منذ الخميس الماضي الاعتصام أمام ديوان رئيس الوزراء في القدس المحتلة، «من دون أي تواصل رسمي معها».
«حماس» أرسلت رسالة إلى ترامب تضمّنت مقترحاً جديداً لصفقة
على صعيد المفاوضات، نقلت «القناة 12» العبرية عن مصدر مطّلع أن قيادة «حماس» في قطر بعثت برسالة إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أعربت فيها عن «استعداد الحركة لعقد صفقة جزئية تشمل وقفاً لإطلاق النار لمدة شهرين مقابل الإفراج عن نصف عدد الأسرى الإسرائيليين، مع تأكيد استمرار التهدئة خلال فترة المفاوضات». وذكرت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، أن الرسالة نُقلت إلى الجانب القطري، ومن المُتوقّع تسليمها لترامب هذا الأسبوع. فيما كان الأخير يعبّر عن «أمله» المزعوم، بأن «نتمكّن من التوصل إلى حل دبلوماسي للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني» حيث هناك «الكثير من الغضب والكراهية المتجذّرة منذ سنوات».
وفي موازاة ذلك، نقل موقع «أكسيوس» الأميركي عن مسؤولين أميركيين وعرب أن ترامب سيطرح اليوم خلال اجتماع مع قادة قطر والسعودية والإمارات ومصر والأردن وتركيا وإندونيسيا، على هامش «الجمعية العامة للأمم المتحدة»، رؤيته «الخاصّة» لإنهاء الحرب على غزة. وتضمّ الخطة، بحسب الموقع، الإفراج عن جميع الأسرى، ووقف الحرب، وانسحاب جيش الاحتلال، وتحديد من سيتولّى إدارة قطاع غزة. وتُظهر الخطة «رغبة الإدارة الأميركية في إشراك الدول العربية في تمويلها، وربما إرسال قوات إلى القطاع».
غير أن مسؤولين إسرائيليين قالوا لـ«أكسيوس» إن «الخطة الأميركية قد تتضمّن عناصر مرفوضة» من قبل حكومة الاحتلال، من بينها «منح السلطة الفلسطينية دوراً في إدارة غزة». ونقل الموقع عن مسؤول عربي مشارك في الاجتماع قوله: «فهمنا أن ترامب يريد موافقتنا على الخطة الأميركية لإنهاء الحرب، وبعد ذلك الدفع بها قُدماً». ونقل مراسل الموقع عن مسؤول أميركي قوله إن «الاجتماع غداً (اليوم) قد يكون مهماً جداً. بعد تسعة أشهر من المحادثات مع جميع الأطراف، نعرف كيف يجب أن نعرض خطة لإنهاء الحرب. نحن سنعرض ما نعتقد أنه الطريق الوحيدة الممكنة للتقدّم في هذا الاتجاه».
وفي الإطار، برزت تساؤلات حول ما إذا كانت الخطة أميركية أم في جوهرها إسرائيلية/ كما كان سابقاً. وبحسب مراسل «أكسيوس»، باراك رافيد، فإن مسؤولين إسرائيليين أبلغوه بأن نتنياهو على علم بـ«جزء من الخطة، إلا أنها ليست خطته»، وتحتوي على بنود لا ترضى بها إسرائيل، مثل مشاركة السلطة الفلسطينية في إدارة غزة. وأوضح مسؤول إسرائيلي كبير: «هناك بعض الأمور سنضطر إلى تقبّلها على مضض».
من جهته، عقد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، اجتماعاً مع وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، ورئيس الأركان، إيال زامير، وكبار قادة الجيش لمناقشة «التحديات على مختلف الجبهات»، وجرى اتخاذ قرار بتعزيزها بوحدات إضافية «استعداداً لفترة الأعياد، لمهام هجومية ودفاعية». وخلال الاجتماع، أكّد نتنياهو على ما سمّاه «التمسّك بأهداف الحرب»، قائلاً: «نحن نخوض معركة للنصر على أعدائنا، وعلينا تدمير المحور الإيراني، وهذا الأمر في متناول اليد». وأضاف أن العام العبري الجديد سيكون «عاماً تاريخياً لأمن إسرائيل».
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار