حسن حردان
ماذا يعني أن يلقي رئيس وزراء كيان العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو خطاباً في الأمم المتحدة، في وقت كانت القاعة شبه فارغة، وهو الملاحق من محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ويواصل حرب الإبادة الجماعية النازية في قطاع غزة، في تحدّ سافر للعالم الذي يطالب بوقف هذه الحرب.
لا شك انّ هذا المشهد غير المسبوق في تاريخ الأمم المتحدة واجتماعاتها، يعني أننا أمام لحظة فارقة، في الصراع العربي الصهيوني، وتحوّل غير مسبوق في الموقف الدولي لصالح القضية الفلسطينية.. واللافت انه عندما صعد نتنياهو الى منصة الأمم المتحدة لإلقاء خطابه، قامت معظم الوفود بمغادرة القاعة، في مشهد عكس عزلة كيان العدو على الساحة الدولة… ورفض الاستماع لمجرم حرب ملاحَق ومطلوب اعتقاله…
أولاً، على مستوى الدلالات:
الدلالة الأولى: ازدياد العزلة الدبلوماسية والاستنكار الدولي،
انّ القاعة شبه الفارغة، تمثل مشهداً ذات دلالة قوية على تزايد العزلة الدولية لرئيس الوزراء الإسرائيلي.. فانسحاب الوفود أو غيابها (وخاصة الوفود العربية والدولية التي لها مواقف تدين الجرائم الوحشية الإسرائيلية في غزة) يُعتبر شكلاً من أشكال الاحتجاج الدبلوماسي الصارخ، ورفضاً للاستماع إلى خطابه في ظلّ استمراره في حرب الإبادة، والتجويع في غزة، وملاحقته من المحكمة الدولية.
الدلالة الثانيه: يعبّر عن مدى السخط والغضب الدولي على سياسات الكيان الصهيوني، خاصة ما يتعلق بالصراع على أرض فلسطين المحتلة، واستمرار الاستيطان والحرب الاسرائيلية ضدّ الشعب الفلسطيني.
الدلالة الثالثة: ملاحقة محكمة الجنايات الدولية (ICC)…
1 ـ تآكل الشرعية: تأتي الملاحقة أو صدور مذكرات التوقيف عن المحكمة الجنائية الدولية (في سياق تهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية) لتقوّض بشكل كبير الشرعية الدولية لنتنياهو كمسؤول، وتضعه في مصاف الأفراد المطلوبين للعدالة الدولية.
2 ـ تحدي صارخ للقانون الدولي: إلقاء خطاب في الأمم المتحدة، وهي مؤسسة عالمية قائمة على القانون الدولي، من قبل شخص ملاحق بتهمة ارتكاب جرائم حرب، يمثل تحدياً سافراً للقانون الدولي، وتناقضاً صارخاً.. يضع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية في موقف حرج عند التعامل معه، ما قد يفسّر جزءاً من الغياب أو التردّد في الحضور اثناء القاء نتنياهو خطابه.
3 ـ تقييد حركة نتنياهو: ملاحقة نتتياهو من قبل محكمة الجنايات تقيّد حركته الدولية وتجعله يخشى السفر إلى الدول الأعضاء في المحكمة الدولية خوفاً من الاعتقال.
ثانياً، محاولة يائسة لكسر العزلة وتوجيه رسائل داخلية:
أراد نتنياهو من إصراره على إلقاء خطابه، رغم خلوّ القاعة من الحضور، ايصال الرسائل التالية:
1 ـ رسالة تحدي العالم والضرب بعرض الحائط بالمواقف الدولية: على الرغم من القاعة الفارغة والملاحقة، فإنّ إلقاء الخطاب يمثل محاولة من نتنياهو لإظهار التحدي والمضيّ قدُماً في أجندته، متحدياً العالم، والقول انّ الأمم المتحدة والمحكمة لا تمثلان له شيئاً… طالما لا يزال يحظى بالدعم والحماية الأميركية.
2 ـ رسالة للجمهور الإسرائيلي الذي يشعر بالعزلة الدولية: فالخطاب، كان موجهاً بشكل أساسي إلى الجمهور الإسرائيلي، لإظهار أنه لا يزال يدافع عن مصالح “إسرائيل” على الساحة العالمية في مواجهة ما يعتبره “تحيّزاً دولياً”.
باختصار، يرمز هذا المشهد إلى عمق الأزمة الدبلوماسية والقانونية التي يواجهها نتنياهو و”إسرائيل” في ظلّ تزايد الاستنكار الدولي لسياساته، وتآكل مكانته كمسؤول إسرائيلي على الساحة العالمية على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم حرب الإبادة الجماعية، وجرائم ضد الإنسانية…
(أخبار سوريا الوطن1-الكاتب)