تشكل عائدات السياحة في الأردن نسبة كبيرة من الناتج القومي الإجمالي في الأردن تصل 14 بالمئة، إلى درجة أنها باتت توصف بـ”نفط الأردن” وفقا لما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
ولكن جائحة فيروس كورونا أثرت بشكل كبير على العاملين في قطاع السياحة ولاسيما في المناطق المحيطة بمدينة البتراء الأثرية جنوبي البلاد والتي تعتبر أهم مقصد للسياح القادمين إلى المملكة الهاشمية.
وكانت عائدات الأردن من الدخل السياحي ارتفاعا بنسبة 9.2% خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2019 مقارنة مع ذات الفترة من 2018، مسجلة 2.8 مليار دينار (3.9 مليارات دولار)، مقارنة مع 3.5 مليارات دولار لنفس الفترة من العام الماضي، وفق أرقام البنك المركزي الأردني الذي أوضح أن نسبة السياح قد ارتفعت في تلك السنة بنسبة بنسبة 7%، ليبلغ 3.6 ملايين سائح.
بيد أن الأمور كما يقول الكثير من أهالي وادي موسى وغيرها من المناطق القريبة من مدينة البتراء قد ساءت في العام الماضي والحالي بسبب غياب السياح.
وبلغ معدل البطالة 19 بالمئة في 2019، وارتفع إلى 23 بالمئة في 2020، بحسب دائرة الإحصاءات الحكومية الأردنية.
ويقول أيمن البدول، 31 عامًا، الذي يعمل مع بقية أفراد أسرته في متجر للهدايا التذكارية داخل مجمع البتراء الواقع على بعد 140 ميلاً جنوب العاصمة عمان، “لقد توقف عملنا لأن كل شي هنا مرتبط بالسياحة”، مضيفًا أن معظم سكان المنطقة باتوا بلا دخل وأن حياتهم تراجعت ليعيشوا كما كان يحيا أسلافهم، يعجنون ويخبزون لأنفسهم ويحصدون الزيتون ويستبعدون اللحوم من وجباتهم.
وتعتمد العائلات البدوية في تلك الأماكن السياحة على التكاتف فيما بينها للبقاء على قيد الحياة وليس على الدعم الحكومي الذي لا يكفي شيئا كما يقولون.
ولفت البدول إلى أن أطفاله الأربعة الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و 14 سنة قد انقطعوا عن الدراسة لعدم وجود إنترنت، وهو يعلمون حاليا في الزراعة ورعي الأغنام لتغطية بعض النفقات المعيشة.
أما ابن عمه ابراهيم البدول، فيقول: “نحن لا نشكو كثيرا لأن بالأساس حياتنا بسيطة، ولكن كان هناك أناس معيشتهم أصبحت جحيما فهم لديهم عائلات لايستطيعون تأمين نفقاتها”.
ويتابع: ” أولئك الذين لديهم عائلات ونفقات وليس لديهم دخل يواجهون مشكلة “.
وهنا يتدخل في الحديث فايز البدول ، عم أيمن وإبراهيم ، وهو يجلس على: “كل خمسة أشهر يعطونا كيس أرز، يشير إلى قدر من الشاي الأردني التقليدي المنقوع بالمريمية، مردفا: “نحن نعيش الآن على الخبز والشاي”.
ومما زاد من غضب السكان من الأزمة الاقتصادية ما اعتبروه “سوء التعامل” مع جائحة كورونا، وتقييد الأصوات التي تعرب عن انتقادات أو معارضة للسياسات الحكومية.
ففي أبريل الماضي، جرى اعتقال مالك ومدير الأخبار لقناة “رؤيا” التلفزيونية بعد أن بثت القناة مقطعًا اشتكى فيه العمال من قلة العمل بسبب الإغلاق الصارم الذي فرضته الحكومة، وكان قد ظهر في ذلك التقرير عامل في حي فقير يصرخ: “أنا بحاجة لإطعام أسرتي ، فماذا أفعل الآن؟ هل ألجأ إلى السرقة أو بيع المخدرات؟ هل يجب أن امتهن التسول في الشوارع؟ ”
وبحسب “الواشنطن بوست” العديد من الأردنيين، باتوا يشكون ارتفاع الضرائب وعدم وجود مساعدات ومعونات حكومية كافية، وهنا يقول الكاتب والناشط الأردني هشام بستاني للصحيفة: “عمان ، مركز السلطة أصبحت رمزًا للفساد”.
من جانبه، قال وزير السياحة نايف الفايز لصحيفة واشنطن بوست أن حكومته “تركز الآن على إدارة الأزمات في صناعة السياحة”، مشيرا إلى إنه يتفهم إحباط أولئك الذين تعطلت سبل عيشهم بسبب الوباء.
ويستدرك قائلا: ” لكن الحكومة لديها أدوات اقتصادية محدودة، وهذه هي قدراتنا، وهذا ما هو متاح.. . لا يمكننا أن نفعل أكثر من هذا”.