تعزز الترجمة، على تنوّع مجالاتها وتملكها لمهاراتها البحثية العالية, إثراء الثقافة الإنسانية عبر التواصل والتفاهم بين ثقافات الشعوب لتشمل مجالات العلوم والأدب والقانون. وتتطلب الحفاظ على الجوهر الثقافي والسياق المنهجي للنص لكونها فنّاً لغوياً دقيقاً تنقل المعنى أو المحتوى من لغة إلى أخرى بإتقان من اللغتين المترجَمة والمترجَم عنها بالإضافة إلى فهم ثقافتهما والالتزام بالمبادئ الأخلاقية لهما.
من هنا نشأ “الاتحاد الدولي للمترجمين” عام 1953 وأطلقَ فكرة الاحتفاء بـ”اليوم العالمي للترجمة” كيوم معترف به رسمياً عام 1991 وهو يوم 30 سبتمبر/أيلول من كل عام الذي يصادف عيد القديس جيروم مترجم الكتاب المقدس الذي توفي عام 420، وذلك تكريماً لجهوده في ترجمة الكتاب المقدس من اليونانية والعبرية إلى اللاتينية، حيث يعكس هذا اليوم دور الترجمة في بناء جسور بين الثقافات والشعوب، ويظهر تعاضد المترجمين في جميع أنحاء العالم بهدف تعزيز مهنة الترجمة في مختلف الدول وتعتبر الاحتفالية فرصة لعرض مزايا هذه المهنة التي تزداد أهمية يوماً بعد يوم خاصة في عصر العولمة, إضافة إلى تذكير المستخدمين من المترجمين وخدمات الترجمة للأعمال المهمة التي يقوم فيها المترجمون. ومنذ عام 1991، أصبح هذا اليوم مناسبة لتسليط الضوء على أهمية الترجمة، ما يساعد على تقارب الشعوب وتوحيد العالم عبر لغات مشتركة لنشر السلام وتعزيز التعاون الدولي والتفاهم بين اللغات المختلفة.
وقد صدّقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الرابع والعشرين من مايو/أيار 2017 على قرار إعلان 30 سبتمبر/أيلول يوماً عالمياً للترجمة بمشاركة وتوقيع 11 دولة، وهو قرار لتقدير دور الترجمة الاحترافية في الربط بين الأمم وسعيها لتذويب الحواجز الثقافية والفكرية فيما بينها. وجاء في بيان للأمم المتحدة بتلك المناسبة:
”يُقصد باليوم الدولي للترجمة فرصة للإشادة بعمل المتخصصين في اللغة، الذين يلعبون دوراً مهماً في التقريب بين الدول والشعوب والثقافات، وتسهيل الحوار والتفاهم والتعاون، والمساهمة في التنمية وتعزيز السلام والأمن العالميين.
إن نقل العمل الأدبي أو العلمي، بما في ذلك العمل الفني من لغة إلى لغة أخرى والترجمة المهنية، أمر لا غنى عنه للحفاظ على الوضوح والمناخ الإيجابي والإنتاجية في الخطاب العام الدولي والتواصل بين الأشخاص“.
وقد اتَخذَ اليوم العالمي للترجمة خلال سنوات ماضية شعارات عديدة نذكر منها: “عالم بلا حدود”, “الترجمة ولغات السكان الأصليين”, “إيجاد كلمات لعالم في أزمة”.
وبفضل جهود متخصصي اللغة والتركيز على دور المترجمين في تعزيز التواصل بين اللغات المختلفة يمكن للمجتمعات التعرف على بعضها بعضاً بشكل أعمق وتبادل ونقل المعرفة والتقدم معاً نحو عالم أكثر تواصلاً وفهماً، ما يسهم في التعاون والتفاهم الدولي, كما يعزز “اليوم العالمي للترجمة” المهنة القديمة التي تدخل في منافسة شديدة حالياً مع الآلات والذكاء الاصطناعي رغم تزايد الحاجة إليها في عصر العولمة والاتصالات.
وانطلاقاً من أهمية الترجمة فقد وضعت “المنظّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم- الألكسو” الخطة القومية للترجمة ووجهت حينها المراكز والإدارات التابعة لها نحو إغناء المكتبة العربية بالترجمات الأدبية والثقافية والعلمية من مختلف اللغات، ووضع الكثير من المعاجم المتخصصة التي تساعد المترجمين على نقل المعارف من مختلف الثقافات إلى لغتنا العربية. وفي هذا السياق لم يوفر المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر بدمشق التابع للألكسو، جهداً إلا وقدمه لتكون الحصيلة ترجمة العشرات من الكتب المهمة ورفد المكتبة والجامعات العربية بما يعينها في توفير المراجع الدراسية المهمة.

“اليوم العالمي للترجمة”.. المترجمون رسل اللغة بين الشعوب
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية