عبد اللطيف شعبان
وجود النقابات حالة حضارية، ومن الطبيعي بل ومن الضروري أن ينتسب كل مواطن إلى النقابة التي تتوافق مع شهادته العلمية وحالته العملية، وقد شهدت العقود الماضية إحداث العديد من النقابات التي تضم المعنيين بها، أكانوا من الخريجين في اختصاص ما أوالعاملين في جهة ما، وكانت وما زالت هذه النقابات تهتم بشؤون أعضائها، وتقدم لهم العديد من الخدمات التي يحتاجونها، ولقد حدث تأخر ملجوظ في إحداث نقابة للاقتصاديين، إذ لم يكن لرابطة خريجي كلية التجارة صفة نقابية، ولا لجمعية المحاسبين القانونيين، والحالة نفسها بالنسبة لجمعية العلوم الاقتصادية المحدثة عام / 1965/ (التي هي عضو في اتحاد الاقتصاديين العرب ) إذ لا يتضمن نظامها الداخلي تقديم أي خدمة لأعضائها بما في ذلك مجلس الإدارة، علما أن عملهم التطوعي ذو فائدة كبيرة، فهي جمعية علمية أهلية تقدم من خلال أعضائها المزيد من الدراسات والرؤى الاقتصادية – تطوعا منها – وتضعها بين يدي أصحاب القرار والباحثين والدارسين، وقد تجلى ذلك بشكل رئيسي من خلال الأبحاث الاقتصادية التي كان يقدمها الباحثون الاقتصاديون في ندوة الثلاثاء الاقتصادي الدورية التي كانت تنظمها الجمعية لعدة أشهر كل عام، بما في ذلك العديد من الندوات والدراسات العرضية.
خريجوا الاقتصاد منذ عقود يشكلون أعدادا كبيرة – تفوق أعداد بعض أعضاء النقابات التي تم إحداثها- ، ومئات منهم هم من أصحاب القرار في مواقع قيادية متعددة ومتنوعة، عدا أولئك الذين يشكلون الكوادر العلمية والإدارية لكليات الاقتصاد في الجامعات الرسمية والخاصة ولكثير من المؤسسات الاقتصادية، ومع ذلك لم يعملوا لإحداث نقابة تضمهم على غرار بقية النقابات – وقد سبق أن طالبت بذلك عدة مرات من خلال عدة مقالات لي عبر الصحف الرسمية – إلى أن تم إحداث نقابة المهن المالية والمحاسبية بالمرسوم رقم / 30 / لعام / 2014 /، ورغم أن اسم هذه النقابة يدل على أنها تنحصر بشريجة من خريجي العلوم الاقتصادية إلا أنها – عقب إحداثها – فتحت باب الانتساب لها لجميع خريجي الاقتصاد بكافة اختصاصاتهم، وأحدثت لها فروعا في المجافظات، وتضمنت أهدافها العديد من الخدمات للاقتصادية والاجتماعية والصحية للأعضاء.
الجديد المفيد أن الاسم الجديد للنقابة أصبح بالاسم الجامع الصريح ” نقابة الاقتصاديين السوريين “، وتم مؤخرا إعادة تشكيل مجلس إدارتها ومجالس فروع المحافظات، وتشهد هذه الأيام نشاطا دؤوبا عبر اجتماعات ولقاءات تشاورية لمجلس النقابة ولفروعها، بهدف المزبد من العمل لتطوير أدائها وتعزيز دورها المهني، تحضيرا لمؤتمر النقابة الذي سيعقد في دمشق يوم 11 / 10 / 2025 ، لمناقشة واعتماد نظام داخلي جامع جديد، بعد مناقشة العديد من الطروحات المعدة من مجلس النقابة ومجالس الفروع، والتي من ضمنها تقديم الخدمات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والصحية لأعضاء النقابة، بما يضمن استفادتهم من نظام التعاون والتقاعد وتقديم المساعدة في حالات الشيخوخة والعجز وتعويض الوفاة، وأن تعمل النقابة لتزويد صانعي القرار بالبيانات والمعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات المناسبة لتحقيق التطور الاقتصادي والاجتماعي الأمثل في البلد، والمساهمة مع الهيئات الرقابية والجهات المعنية في دعم حسن سير المؤسسات الاقتصادية، والتنسيق مع الجامعات والمعاهد لرفع مستوى المناهج الدراسية بما يحقق خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع، وإقامة المؤتمرات والندوات والمحاضرات والمشاركة فيها داخل الجمهورية العربية السورية وخارجها، وتنشيط البحث العلمي بإصدار المجلات والدوريات والمواقع الالكترونية لرفع المستوى العلمي والمهني للأعضاء، وإحداث العديد من مراكز التدريب التي تؤسس لإعداد مختصين تحتاجهم السوق الاقتصادية، والتعاون مع المنظمات النقابات المماثلة العربية والأجنبية لتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية، ومواضيع أخرى سيتلمس الأعضاء جدواها الكبير عند صدور النظام الداخلي الجديد للنقابة، المأمول أن يصدر بأقضل صيغة، ما يستوجب أن يسارع جميع خريجي الاختصاصات الاقتصادية للانتساب إلى هذه النقابة، والمشاركة بتفعيل دورها المنشود وفق نظامها الداخلي.
*الكاتب:عضو جمعة العلوم الاقتصادية – عضو مشارك في اتحاد الصحفيين
(اخبار سوريا الوطن-1)