أعلنت الكويت الأربعاء إصدار سندات سيادية بقيمة 11.25 مليار دولار أميركي، موزعة على ثلاث شرائح، في أول عودة ناجحة لها إلى أسواق الدين العالمية منذ عام 2017.
وقالت وزارة المالية الكويتية في بيان إن الإصدار شمل شريحة بقيمة 3.25 مليارات دولار لأجل 3 سنوات عند (+40) نقطة أساس فوق سعر الخزانة الأميركية، وشريحة بقيمة 3 مليارات دولار لأجل 5 سنوات عند (+40) نقطة أساس، وشريحة بقيمة 5 مليارات دولار لأجل 10 سنوات عند (+50) نقطة أساس. وأوضحت الوزارة أن هذه الفوارق أقل بكثير مقارنة بأول إصدار سيادي للكويت في 2017، ما يعكس جاذبية الطرح واستقرار الاقتصاد الكويتي.
وأشار البيان إلى أن الاكتتاب فاق المعروض بنحو 2.5 مرتين، ووصل سجل الأوامر إلى 28 مليار دولار، فيما حصل أكثر من 66% من التخصيصات على مستثمرين من خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، موزعين بين الولايات المتحدة بنسبة 26% وأوروبا والمملكة المتحدة بنسبة 30% وآسيا بنسبة 10%.
وأكد وزير المالية وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار بالوكالة، صبيح المخيزيم، أن هذا الإصدار التاريخي يعكس ثقة الأسواق العالمية بقوة الكويت المالية وسياساتها الحكيمة واحتياطياتها الراسخة، مشيراً إلى أن حجم الطلب والتسعير التنافسي يعكسان مكانة الكويت كمصدر سيادي متميز. وأضاف المخيزيم أن الإصدار لا يقتصر على تلبية احتياجات التمويل فحسب، بل يعزز مكانة الكويت في الأسواق العالمية ويدعم شراكاتها مع المستثمرين الدوليين ضمن رؤية “كويت جديدة 2035”.
ويعد هذا الإصدار من بين أكبر الإصدارات السيادية عالمياً في 2025، إذ جمع أحد أضخم دفاتر الأوامر لهذا العام، ما يؤكد ثقة المستثمرين بأساسيات الاقتصاد الكويتي وبرنامج الإصلاح الطويل الأمد. وقاد عملية الإصدار كل من “سيتي غروب”، “غولدمان ساكس إنترناشيونال”، HSBC، “جي بي مورغان”، و”ميزوهو” كمنسقين عالميين، بمشاركة بنك الصين والبنك الصناعي والتجاري الصيني كمديرين مشاركين.
تأثير الإصدار على الدولار والذهب
تأتي هذه الخطوة لتلقي الضوء على تأثير إصدار السندات على الأسواق المالية العالمية، بخاصة الدولار والذهب. فإصدارات السندات المرتبطة بسعر الخزانة الأميركية تزيد من طلب المستثمرين على الدولار لشراء السندات، ما قد يدعم قوة العملة الأميركية. ومن جهة أخرى، مع جاذبية هذه السندات وعوائدها التنافسية، قد يتحول بعض المستثمرين من الذهب – الملاذ الآمن التقليدي إلى السندات، ما قد يضغط على أسعار الذهب قليلاً. ويعكس نجاح الإصدار ثقة المستثمرين بالاقتصاد الكويتي ويقلل الحاجة إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب.
وشهدت الأسواق الخليجية ارتفاعاً في مستهل تعاملات جلسة الخميس، إذ سجلت المؤشرات الكويتية مكاسب جماعية، وارتفع مؤشر سوق دبي متجاوزاً حاجز 5900 نقطة، فيما استقرت الأسواق الإماراتية عند مستويات مرتفعة.
ويمنح الحضور المستمر في أسواق الدين العالمية الكويت سجلاً حديثاً لدى المستثمرين عن قدرتها على السداد، ما يعزز الثقة ويقوي مركزها في الإصدارات المقبلة. فاللجوء إلى الأسواق العالمية ليس مجرد جمع سيولة، بل وسيلة لتوسيع قنوات التمويل وتقليل الاعتماد على مصدر واحد، ما يعزز مرونة الاقتصاد أمام الأزمات، ويعكس اهتمام أميركا وأوروبا وآسيا بالكويت كوجهة آمنة وموثوقة حتى وسط تقلبات الاقتصاد العالمي.
تأثير الإصدار على الإيرادات النفطية
ورغم أن الإصدار السيادي لا يؤثر مباشرة على الإيرادات النفطية، إلا أنه يخفف من اعتماد الكويت على النفط كمصدر رئيسي لتمويل الموازنة. فنجاح الطرح الدولي للسندات يوفر سيولة بالدولار تمكن الحكومة من تمويل مشاريعها الكبرى وإدارة الإنفاق العام حتى في حال انخفاض أسعار النفط. كما يعزز الإصدار من ثقة المستثمرين بالاقتصاد الكويتي، ويفتح المجال أمام استثمارات غير نفطية، ويسهم في تنويع مصادر الدخل مستقبلاً، بما يدعم استدامة المالية العامة ويقلل الضغط على الإيرادات النفطية. وتواصل صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط الإنفاق بوتيرة تفوق نظراءها عالمياً للعام الرابع على التوالي، مستحوذة على نحو 40% من إجمالي التدفقات الاستثمارية، رغم تراجع أسعار النفط.
**كبيرة محللي الأسواق المالية في شركة اكيوانديكس
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار