آخر الأخبار
الرئيسية » إدارة وأبحاث ومبادرات » القيادة المجتمعية في سورية: نحو نموذج قيادي مبتكر للتنمية الإنسانية

القيادة المجتمعية في سورية: نحو نموذج قيادي مبتكر للتنمية الإنسانية

 

محمد صلاح الدين أبوعيسى

 

🔹 مقدمة

القيادة المجتمعية في سورية لم تعد مجرد نشاط تطوعي أو مبادرة عابرة، بل أصبحت عامل استراتيجي أساسي لإعادة بناء المجتمع، تعزيز التنمية المستدامة، ودعم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

القائد المجتمعي اليوم ليس مجرد ناشط أو موظف تقليدي، بل مدير تغيير Change Manager يمتلك رؤية اقتصادية وإدارية، ويستطيع التفاعل مع بيئة معقدة ومتغيرة بسرعة.

في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، تتطلب القيادة المجتمعية ابتكارات ومبادرات جديدة قادرة على تحويل التحديات إلى فرص حقيقية للتطوير.

 

🔹 أولاً: واقع القيادة المجتمعية في سورية:

تواجه القيادة المجتمعية تحديات متعددة:

1. ضعف التكامل بين المبادرات المحلية والمنظمات الدولية، ما يقلل من فاعلية البرامج ويضاعف الجهد المبذول.

2. غياب التخطيط الإداري طويل الأمد، إذ يعتمد الكثير من القادة على المبادرات السنوية دون خطط استراتيجية مستمرة.

3. نقص الكوادر المؤهلة أكاديمياً وإدارياً لإدارة الموارد البشرية والمالية ضمن المبادرات المجتمعية.

4. غياب الابتكار التكنولوجي والرقمي في إدارة المشاريع، ما يقلل من سرعة التنفيذ ومتابعة النتائج.

 

🔹 ثانياً: تعريف جديد ومبتكر للقيادة المجتمعية:

القيادة المجتمعية في سورية يجب أن تُعرّف على أنها:

> “قدرة فرد أو مجموعة على توجيه الموارد والطاقات المحلية ضمن إطار مؤسسي وإداري مبتكر، لتحقيق أثر إنساني وتنموي مستدام، مع استخدام التكنولوجيا والبيانات في اتخاذ القرارات، وربط الجهود المحلية بالشبكات الوطنية والدولية”.

هذا التعريف يضيف بعدًا استراتيجيًا جديدًا للقيادة، يجعل القائد مهندس مشاريع اجتماعية متقدمة، قادر على ابتكار حلول غير تقليدية للتحديات المجتمعية

🔹 ثالثاً: العناصر الأساسية للقيادة المجتمعية الناجحة

 

1. رؤية اقتصادية واضحة: تحليل احتياجات المجتمع ضمن إطار اقتصادي واقعي، مع تحديد أولويات التمويل والموارد.

2. إدارة استراتيجية للموارد: استخدام أدوات الإدارة الحديثة (تخطيط، رقابة، متابعة، إدارة فرق).

3. بناء شبكات وشراكات مبتكرة: الانتقال من العمل الفردي إلى منظومات تعاونية مع المنظمات الدولية، القطاع الخاص، والجهات الحكومية.

4. تمكين الشباب وصناعة القادة الجدد: المبادرات المجتمعية يجب أن تكون منصات تدريبية لتطوير مهارات جديدة، وخلق جيل قادر على الابتكار.

5. حوكمة وشفافية: تطبيق آليات رقابة دقيقة، استخدام البيانات المفتوحة وتقنيات التتبع الرقمي لتعزيز الثقة.

6. ابتكار تكنولوجي ومجتمعي: استخدام تطبيقات ذكية لمتابعة المشاريع، قياس الأثر الاجتماعي، وتسهيل التواصل بين الفرق المحلية والدولية.

🔹 رابعاً: إطار عملي مبتكر للقيادة المجتمعية:

 

يمكن بناء نموذج عملي باسم “مصفوفة القيادة المجتمعية المبتكرة” يحتوي على ثلاثة محاور رئيسية:

1. محور التدريب وبناء القدرات:

دورات إدارة مشاريع، إدارة الموارد البشرية، مهارات التواصل، التحليل الاقتصادي والاجتماعي، الابتكار الرقمي في العمل المجتمعي.

2. محور البيانات والتحليل الاقتصادي والاجتماعي:

تقييم الاحتياجات باستخدام البيانات، قياس أثر المبادرات بشكل علمي، تحليل الموارد المتاحة، استخدام منصات رقمية لمراقبة الأداء.

3. محور الابتكار والشراكات الاستراتيجية:

مشاريع تجريبية، شراكات مع المنظمات الدولية والقطاع الخاص، إدماج التكنولوجيا في تنفيذ المبادرات، خلق منصات رقمية للتطوع والتدريب.

 

🔹 خامساً: مقترحاتي :

المقترح 1: منصة القيادة المجتمعية الرقمية

 

الفكرة والأهداف: إنشاء تطبيق أو منصة رقمية تربط بين القادة، الفرق، والمتطوعين، لتسهيل متابعة المشاريع وتنسيق الموارد.

نموذج عملي قابل للتطبيق: نظام يحتوي على لوحات قيادة Dashboard لكل مشروع، قاعدة بيانات للمتطوعين، وأدوات تقييم الأداء.

الفائدة والمخرجات: تعزيز الفعالية، توفير الوقت، وتمكين القادة من اتخاذ قرارات مبنية على بيانات دقيقة.

المقترح 2: نظام تقييم ومكافآت مبتكر

الفكرة والأهداف: تصميم آلية تعتمد على نقاط الأداء لكل متطوع أو فريق، تحول الإنجازات إلى شهادات تقدير أو فرص تدريبية.

نموذج عملي قابل للتطبيق: برنامج رقمي يسجل الإنجازات ويحسب النقاط تلقائيًا، مع إمكانية عرضها على منصة القيادة الرقمية.

الفائدة والمخرجات: تحفيز المتطوعين والمشاركة المستمرة، وزيادة الإنتاجية والالتزام بالمشاريع

المقترح 3: مختبر الابتكار الاجتماعي

الفكرة والأهداف: إنشاء مساحة لتجربة المبادرات الاجتماعية قبل تطبيقها على نطاق واسع، مع مشاركة الشباب والمجتمع في تصميم الحلول.

نموذج عملي قابل للتطبيق: ورش عمل دورية، مختبرات تجريبية، ونظام تقييم أولي لكل مشروع قبل اعتماده رسمياً.

الفائدة والمخرجات: تقليل المخاطر، زيادة فرص نجاح المشاريع، وتشجيع الإبداع لدى الشباب.

المقترح 4: دمج الاقتصاد الاجتماعي بالمبادرات

الفكرة والأهداف: تحويل بعض المبادرات المجتمعية إلى مشاريع صغيرة مستدامة تدر دخلاً على المجتمع المحلي وتوفر فرص عمل للشباب.

نموذج عملي قابل للتطبيق: مشاريع تدريبية مرتبطة بمنتجات وخدمات محلية، إدارة مالية مبسطة، ودمجها مع مبادرات تنموية أخرى.

الفائدة والمخرجات: تعزيز الاستدامة المالية، تمكين الشباب اقتصاديًا، وتحقيق أثر اجتماعي طويل المدى.

🔹 سادساً: القيادة المجتمعية كنموذج للتغيير الاستراتيجي

 

القائد المجتمعي الناجح في سورية يجب أن يكون حلقة وصل بين المعرفة الأكاديمية، الخبرة العملية، والفكر الاقتصادي، مع القدرة على الابتكار المستمر.

العمل التطوعي وحده لم يعد كافياً، بل يجب أن يتحول إلى إدارة مؤسسية ومبادرات استراتيجية، قادرة على تحقيق التنمية المستدامة والتأثير الاجتماعي العميق

🔹 ختاماً

 

مستقبل التنمية المحلية في سورية يعتمد على قادة مجتمعيين متكاملين ومبتكرين يجمعون بين:

الحس الإنساني،والفهم الاقتصادي،والقدرات الإدارية،ومهارات الابتكار الرقمي والاجتماعي،والقدرة على تحفيز الشباب وبناء فرق فعّالة.

 

هؤلاء القادة ليسوا موظفين أو متطوعين عابرين، بل مديرو تغيير استراتيجي قادرون على تحويل المبادرات المجتمعية إلى مؤسسات مستدامة، وتقديم حلول مبتكرة للتحديات المجتمعية في سورية.

 

*الكاتب:باحث ومدرس الإدارة والإقتصاد في الجامعة

 

(موقع اخبار سوريا الوطن-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

جلسة لعرض البرامج الانتخابية لمرشحي مجلس الشعب في حمص

نظمت اللجنة الفرعية للانتخابات بالتعاون مع مديرية الشؤون السياسية في حمص، ومنظمة Action for Humanity (من أجل الإنسان) أمس جلسة مفتوحة لعرض البرامج الانتخابية للمرشحين ...