راغب ملّي
من دبي إلى العالم، يتحول”جيتكس غلوبال 2025″ إلى مرآة لسباق القوى التقنية الكبرى نحو بناء مستقبل تحكمه الخوارزميات ومصانع الذكاء الاصطناعي.
ويُسلّط المعرض الضوء على التحولات الكبرى في قطاعات مراكز البيانات، والذكاء الاصطناعي الحيوي، والروبوتات، والحوسبة الكمومية، والرقائق الذكية، في وقتٍ تشير فيه التقديرات إلى أن الاستثمارات العالمية في مراكز البيانات ستتجاوز 500 مليار دولار خلال عام 2025، فيما تستعد شركة O’Leary Ventures لبناء أكبر مجمع صناعي لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في العالم في كندا.
ويأتي هذا المشروع ليؤكد انتقال الذكاء الاصطناعي من مرحلة التطبيقات النظرية إلى عصر “المصانع الذكية” التي تحتاج إلى طاقة حسابية هائلة.
وفي المنطقة، يبرز دور شركة خزنة، التابعة لمجموعة G42، باعتبارها المزود الأكبر لمراكز البيانات الفائقة القدرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في وقتٍ تتوسع فيه الإمارات بسرعة لتصبح محوراً رئيسياً في منظومة الذكاء الاصطناعي العالمية.
وفي السياق، وفي حديث الى “النهار”، اعتبرت الدكتورة نانسي بدران، مهندسة حلول الحوسبة للمشاريع السحابية في الحكومة الفيدرالية – أوتاوا، كندا، أن “ما يشهده العالم اليوم ليس مجرد نمو في قطاع التكنولوجيا، بل هو تحول في البنية التحتية للاقتصاد العالمي نفسه، بحيث أصبحت مراكز البيانات بمثابة الأعصاب التي تربط كل القطاعات بالذكاء الاصطناعي”.
وأضافت أن الإمارات باتت مركز ثقل عالمي في هذا التحول بفضل رؤيتها الاستباقية واستثمارها في الطاقة، والبنية التحتية، والسياسات الرقمية المتقدمة، مشيرةً إلى أنها “لا تكتفي باستضافة الأحداث الكبرى مثل جيتكس، بل تبني نموذجها الخاص للسيادة الرقمية والابتكار المحلي”.
الذكاء الاصطناعي الحيوي
يتقاطع الذكاء الاصطناعي اليوم مع علوم الحياة والتكنولوجيا الحيوية بشكل متسارع، إذ تُظهر التوقعات أن الإنفاق في هذا القطاع سيصل إلى 1.7 تريليون دولار في عام 2025، مدفوعاً بإنجازات في تحرير الجينات، ولقاحات mRNA، واكتشاف الأدوية عبر الذكاء الاصطناعي.
شركات مثل Mammoth Biosciences وParadromics وHurayPositive تستعرض خلال “جيتكس غلوبال 2025” تطبيقات ثورية في هذا المجال، منها علاج الأمراض الوراثية وتقديم الطب الدقيق الى ملايين المرضى حول العالم.
وتوضح أن هذا الاتجاه “يجسد التكامل بين علوم الحياة والتقنيات الذكية، ما يجعل الذكاء الاصطناعي ليس أداة للأتمتة فحسب، بل شريكاً في الاكتشاف العلمي والابتكار الصحي”.
الروبوتات والحوسبة الكمومية
في ميدان الصناعة الذكية، تكشف شركة Tensor خلال المعرض عن أول سيارة روبوتية شخصية في العالم، في حين تعرض K2 مفاهيم روبوتية جديدة مخصصة للبيئات الصناعية. وتشير التقديرات إلى أن سوق الذكاء الاصطناعي في الروبوتات ستتضاعف أربع مرات لتصل إلى 94 مليار دولار بحلول عام 2031، ما يعكس الانتقال من الذكاء الافتراضي إلى الذكاء الفيزيائي القادر على الحركة والتفاعل.
أما في مجال الحوسبة المتقدمة، فتقدّم شركات مثل IBM وPsiQuantum وIONQ أحدث ابتكاراتها في الحوسبة الكمومية، بينما تعرض AMD معالجاتها Instinct™ GPUs وEPYC™ CPUs المصممة للتعامل مع أعقد أعباء الذكاء الاصطناعي، فيما تواصل Tenstorrent، التي تبلغ قيمتها السوقية 2.6 مليار دولار، تطوير رقائقها الذكية في ظل تنافس عالمي محتدم على السيادة التقنية.
الإمارات.. منصة المستقبل
وترى الدكتورة بدران أن “المشهد الذي يقدمه جيتكس هذا العام يعكس موقع الإمارات كمنصة مفتوحة للتجربة العالمية في الذكاء الاصطناعي”، مضيفة أن الدولة أصبحت بيئة اختبار حقيقية للتقنيات المستقبلية، سواء في الطاقة أو النقل أو الخدمات الحكومية الذكية.
وتؤكد أن هذا التوجه لا يكرّس مكانة الإمارات كمركز إقليمي فحسب، بل يجعلها “فاعلًا مؤثرًا في صوغ قواعد اللعبة الرقمية عالمياً”.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار