د. سلمان ريا
الورقة الخضراء تذبل، والدولار الرقمي يولد. هذا ليس تحديثًا تقنيًا، بل سلاح للهيمنة على العالم. كل اقتصاد سيرتبط بنبض الخزانة الأمريكية لحظة بلحظة. كل حركة مالية ستكون تحت المراقبة، كل قرار اقتصادي تحت السيطرة. الدولار الرقمي ليس أداة دفع، بل امتداد رقمي لسندات الدين الأمريكية، قوة غير محدودة في يد واشنطن.
هذه ليست مجرد تقنية. إنها استراتيجية لتصدير الأزمة الأمريكية عالميًا. عبر هذا النظام، يمكن امتصاص مدخرات الدول وفرض الطلب على السندات الأمريكية، ومعالجة جزء من دين يتجاوز 37 تريليون دولار. التوقيت محسوب بدقة: الدولار الورقي يفقد الثقة، الصين تتقدم باليوان الرقمي، روسيا تعزز تحالفاتها المالية، ودول الخليج تبحث عن بدائل محلية. الدولار الرقمي ليس مجرد أداة مالية؛ إنه قفزة استباقية لإعادة رسم خريطة الهيمنة العالمية.
السرعة هي الجوهر. الاقتصادات الضعيفة أمام خيارين: التكيف الفوري أو الانهيار. الفرص محدودة، والغفلة مكلفة. من يتأخر عن اللحاق بهذا التحول سيجد نفسه خارج منظومة القوة الجديدة، بلا سيولة، بلا نفوذ، متفرجًا على عالم تتحرك فيه كل أمواله تحت إشراف رقمي كامل.
الدولار الرقمي ليس نقلةً تكنولوجية، بل تجسيداً للسيطرة المالية والسياسية في آن واحد. العالم أمام اختبار حاسم. تتقاطع السياسة مع المال، والقدرة على الفهم والتحرك بسرعة هي شرط البقاء. كل لحظة تأخير تكلف دولًا وأفرادًا ما يفوق المال نفسه؛ إنها فقدان القدرة على المناورة في النظام المالي القادم، قبل أن يُعلن رسميًا عصر الرقمنة، العصر الذي لن يعيد الزمن إلى الوراء.
(أخبار سوريا الوطن-1)