آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » النميمة… ذكاء اجتماعي أكثر ممّا نعتقد!

النميمة… ذكاء اجتماعي أكثر ممّا نعتقد!

 

 

قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وتغريدات «إكس» (تويتر سابقاً)، كانت النميمة هي وسيلة نقل الأخبار غير الرسمية. من الهمسات التي أشعلت محاكمات الساحرات في سالم، إلى القصص التي غذّت الأساطير، كانت النميمة جزءاً من الطبيعة البشرية — ومزيجاً من الفضول والخطر، من «الصمغ الاجتماعي» والسمّ في الوقت نفسه.

 

لكنّها لم تكن دائماً سلبية. فقد كانت وسيلة للتواصل والمقاومة، استخدمها الناس لتبادل المعلومات وتوحيد المجتمعات ودعم قضايا العدالة الاجتماعية. ووفقاً لتقرير موسّع نشرته مجلة «تايم» (TIME)، تُعدّ النميمة قدرة ذهنية متطورة تمكّن عقولنا من التعامل مع شبكات العلاقات المعقّدة وإدارة المخاطر الاجتماعية بذكاء.

 

لماذا ننمّ؟

تشير دراسات علم النفس الاجتماعي إلى أن أكثر من 65% من محادثاتنا اليومية تدور حول أشخاص آخرين. نحن نستخدم القصص عن الآخرين لتقوية الروابط الاجتماعية، وكسر الجمود، وتمرير الوقت.

 

ربما لهذا السبب تجذب صفحات المشاهير ملايين القرّاء، أو لماذا ارتبط جيل كامل بمسلسل Gossip Girl الذي حوّل النميمة إلى أسلوب حياة.

 

لكنّ السؤال الأعمق هو: كيف نتمكن من نشر معلومات حساسة — غالباً عن أشخاص نعرفهم — من دون أن تصل إليهم أبداً؟

 

أكثر من 65% من محادثاتنا اليومية تدور حول أشخاص آخرين

أكثر من 65% من محادثاتنا اليومية تدور حول أشخاص آخرين

كيف يحسب العقل البشري مخاطر النميمة؟

في دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature Human Behaviour، حاول باحثون من جامعة «براون» فهم الذكاء الاجتماعي خلف النميمة.

أظهرت التجارب أن المشاركين بنوا خريطة ذهنية للعلاقات الاجتماعية حولهم — من هو الأقرب، ومن هو الأكثر تأثيراً — ثم استخدموا هذه الخريطة لتقدير المخاطر.

 

عندما طُلب منهم مشاركة معلومة من دون أن تصل إلى الشخص المعني، اعتمدوا على عاملين أساسيين:

 

-مدى قرب الشخص الهدف من الطرف الآخر في المحادثة.

 

-مدى شعبية الشخص الذي يتحدثون معه.

 

فقد تجنّبوا النميمة مع الأشخاص المقربين من الهدف (خصوصاً إن كانوا محبوبين)، وفضّلوا مشاركتها مع من هم شعبيون لكن بعيدون منه اجتماعياً. بكلمات أخرى، العقل البشري يحسب «المسافة الاجتماعية» تلقائياً قبل أن يتحدث.

 

النميمة كنظام اجتماعي معقّد

حتى في البيئات الكبيرة مثل الجامعات، حيث تتشابك العلاقات بين مئات الأشخاص، أظهر الطلاب قدرة مذهلة على تقدير احتمالية انتشار المعلومات بناءً على فهمهم للشهرة والقرب الاجتماعي.

 

يرى العلماء أن هذا الذكاء الحدسي ليس مصادفة، بل مهارة تطورت عبر التاريخ لضمان البقاء في مجتمعات معقدة.

فعندما تُستخدم النميمة بوعي، فإنها تساعدنا على:

 

فهم من نثق به ومن نتجنّبه.

 

حماية السمعة الشخصية.

 

قراءة ديناميات النفوذ الاجتماعي.

 

حين تصبح النميمة فنّاً للبقاء

في رواية «بيت المتعة» لإديث وارتون، كانت السمعة رأس المال، والنميمة السلاح الصامت الذي يصنع أو يهدم مصير الأبطال.

تُذكّرنا القصة بأن من لا يتقن فنّ البقاء متقدّماً على النميمة، قد يقع ضحيتها.

 

وهنا تكمن المفارقة التي تبرزها مجلة «تايم»: النميمة ليست انحرافاً أخلاقياً، بل مهارة اجتماعية راقية تساعدنا على إدارة العلاقات وتوقّع المخاطر وتنظيم تدفق المعلومات.

 

النميمة الذكية… فطنة لا عيب

رغم سمعتها السيئة، تظل النميمة أداة ذهنية واجتماعية متطورة تساعدنا على قراءة الناس، وموازنة المخاطر، وبناء الثقة.

فهي ليست ضعفاً في الأخلاق، بل ذكاء بشري فطري يعمل كآلية للبقاء في عالم مليء بالأسرار والتفاعلات.

 

باختصار، النميمة الذكية ليست عيباً… بل نوع من الفطنة الاجتماعية.

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تربية أطفال أقوياء وواثقين: ما رأي علم النفس؟

    من الطبيعي أن يسعى الأهل إلى تربية أطفالهم على القيم الأساسية مثل الصدق، والاحترام، والعمل الجاد، لكن هناك حقائق بسيطة — تصفها دراسات ...